عشتار تيفي كوم - آسي مينا/
بعبارة موجزة لكن معبّرة، قال الدكتور حليم أسمر، عميد كلية التربية السابق في حلب: «غاب سمعان عن جبل سمعان»، في إشارة إلى غياب التمثيل المسيحي لمدينة حلب للمرة الأولى في تاريخ انتخابات مجلس الشعب السوري، والتي أُعلنت نتائجها النهائية أمس.
أُدرجت مدينة حلب في دائرة جبل سمعان الانتخابية، وهو الجبل الذي يحمل اسم القديس سمعان العمودي أحد أبرز تلاميذ مار مارون، ما أضفى رمزية إضافية على هذا الغياب. غياب يدق ناقوس الخطر بانخفاض عدد المسيحيين الكبير في المدينة بعدما كانوا يشكّلون أكثر من ثلث سكانها في ثلاثينيات القرن الماضي وأربعينياته.
هذا عدا عن اعتكاف معظم الحلبيين المسيحيين منذ عقود خوض الشؤون السياسية.
لكنّ أزمة التمثيل المسيحي لم تقتصر على حلب، بل انطبقت على العاصمة دمشق، مركز ثلاث كراسيّ بطريركية. ولم يفز في الانتخابات سوى سيدة مسيحية واحدة هي «مي ناجح خلوف» من قرية عين الجرن ممثِّلةً منطقة صافيتا، في حين لم تنل النساء سوى ستة مقاعد، بنسبة تمثيل لا تتجاوز الـ5%.
ويُشار إلى أنّ أعضاء المجلس لم يُنتخبوا مباشرةً من الشعب، بل عبر ممثلين عيّنتهم السلطة الحالية، وهم يشغلون قرابة ثلثي مقاعد البرلمان، فيما سيُعيَّن الثلث المتبقي بمرسوم رئاسي يصدر عن الرئيس أحمد الشرع. وفي سياق آخر، أصدر الشرع مرسومًا جديدًا قبل يومين، يحدِّد العطل الرسمية للدولة، أبقى على عطلة عيد الميلاد ويومَي عيد الفصح وفق التقويمَين الغريغوري واليولياني، ليكون مجموع الأعياد المسيحية الرسمية ثلاثة أيام.
لكنّ المرسوم أثار جدلاً بعد حذف عيد الشهداء وعيد حرب تشرين وعيد المعلم، لما لهذه المناسبات من رمزية وطنية وتاريخية، خصوصًا لدى المسيحيين الذين أسهموا في النضال الوطني. وعلّق الأب حبيب دانيال، كاهن رعية ضهر صفرا المارونية على القرار: «ألغيتم العيد من رزنامتنا، لكن لن تستطيعوا إلغاءه من تاريخنا ووجداننا».
بدوره، اعتبر المرصد الآشوري لحقوق الإنسان أنّ المرسوم يمثّل خطوة نحو الإقصاء، لتجاهله عيد الميلاد في 6 يناير/كانون الثاني الخاص بالكنيسة الأرمنية، وعيد الأكيتو القومي لدى الآشوريين والكلدان والسريان، إضافةً إلى عيد النوروز الخاص بالأكراد.
وفي موازاة هذا الجدل، عادت أمس الاشتباكات إلى أحياء حلب بعد سنوات من الهدوء، بين قوات «الأسايش» الكردية -المسيطرة على حيّ الشيخ مقصود وحيّ الأشرفية- والقوات الحكومية.
وشكّلت هذه المواجهات خطرًا كبيرًا على المدنيين كونها تدور في نطاق الأحياء التي تضم كذلك سكانًا مسيحيين. ودعا مطران السريان الأرثوذكس في حلب بطرس قسيس أبناء رعيته إلى التزام منازلهم وتحويلها إلى «أماكن صلاة وتضرع كي يرفع الله هذه الضيقة ويبدّل العاصفة سكونًا»، مؤكدًا أنّ أبواب المطرانية مفتوحة أمام كلّ من يحتاج إلى ملجأ.