حرية الانسان

الرسول بولس في رسالته الى اهل غلاطية 5 / 13 قال لهم فإنكم إنما دعيتم للحرية أيها الإخوة غير أنه لا تصيروا الحرية فرصة للجسد بل بالمحبة اخدموا بعضكم بعضا هذه الدعوة هي ركن أساسي من أركان انجيل الخلاص لكن احبائي ان الحرية الحقيقية في المسيحية هي المشروطة بالتحرر من الجسد أي من الأهواء الجسدية التي تبعدنا عن الله الرسول بولس فرق بين الحرية للخطيئة والحرية للخدمة فالحرية للخطيئة انها تستعبدك للشيطان أو للاخرين أو لشهواتك الشريرة والمتسعبدون للخطيئة لا يمكنهم أن يكونوا أحراراً من أن يحيوا حياة البر أما المسيحيون فيجب ان لا يكونوا مستعبدين للخطيئة لأنهم قد تحرروا من الخطيئة وليفعلوا البر وليمجدوا الله بأفعالهم لقد جاء يسوع ليبلغ المأسورين إطلاق سبيلهم ويفرج عن المظلومين فكان تدخّله فعّالاً للجميع أولاً للوثنيين الذين كانوا يشعرون بتحكّم القضاء والقدر على مصيرهم ثم لليهود الذين كانوا يرفضون الإقرار بعبوديّتهم وأخيراً لعالم اليوم الذي يتوق بغموض إلى تحرير نهائي روح الرب علي لأنه مسحني لأبشر المساكين أرسلني لأشفي المنكسري القلوب لأنادي للمأسورين بالإطلاق وللعمي بالبصر وأرسل المنسحقين في الحرية انجيل لوقا 4 / 18 الرب يسوع اخذ هذه الاية من سفر اشعيا 61 / 1

لكن هناك أنواع من الحرية لا يعطينا الكتاب المقدس تعريفاً لها لكنه يؤكد ضمنياً بثلاثة أمور أن الإنسان مزود بقدرة التلبية الحرّة لمقاصد الله نحوه وفوق كل شيء يرسم لنا طريق الحرية الحقيقية فهدف كل تدخّلات الله في العهد القديم هو حرية شعبه وأخيراً يبيّن لنا أن نعمة المسيح في العهد الجديد تقدّم لجميع البشر حريّة أولاد الله وىويميل الكتبة الملهمون إلى إبراز سلطان إرادة الله السامية بطريقة تطغي على حرية الإنسان وكأنّ لا مجال له للاختيار فقال إذهب وقل لهذا الشعب اسمعوا سماعا ولا تفهموا وآنظروا نظرا ولا تعرفوا غلظ قلب هذا الشعب وثقل أذنيه وأغمض عينيه لئلا يبصر بعينيه ويسمع بأذنيه ويفهم بقلبه ويرجع فيشفى سفر اشعيا 6 / 9 و 10

قال الله لاشعيا ان الناس سيسمعونه ولكنهم لن يفهموا رسالته لان قلوبهم تقست فقرر ان يتركهم لعصيانهم وقساوة قلوبهم الله لا يريد قلة الفهم هذه خطته من اجل بقية لم يقل الرب شعبي بل قل لهذا الشعب دلالة على غضب الرب على شعبه وإننا نعلم أن جميع الأشياء تعمل لخير الذين يحبون الله أولئك الذين دعوا بسابق تدبيره ذلك بأنه عرفهم بسابق علمه وسبق أن قضى بأن يكونوا على مثال صورة ابنه ليكون هذا بكرا لإخوة كثيرين فالذين سبق أن قضى لهم بذلك دعاهم أيضا والذين دعاهم بررهم أيضا والذين بررهم مجدهم أيضا رسالة رومة 8 / 28 - 30

في هذه الايات الله يجعل كل الاشياء تعمل معاً لخيرنا فالشر هو السائد في عالمنا لكن الله قادر ان يحوله في النهاية الى خيرنا هدف الله النهائي لنا هو ان يجعلنا مثل المسيح هدف الله للانسان ان يخدمه ويمجده لا بل هناك أمر آخر وهو أن رفقة حبلت من رجل واحد هو أبونا إسحق فقبل أن يولد الصبيان ويعملا خيرا أو شرا ليبقى تدبير الله القائم على حرية الاختيار وهو أمر لا يعود إلى الأعمال بل إلى الذي يدعو قيل لها إن الكبير يخدم الصغير فقد ورد في الكتاب إني أحببت يعقوب وأبغضت عيسو فماذا نقول ؟ أيكون عند الله ظلم ؟ حاش له فقد قال لموسى أرحم من أرحم وأرأف بمن أرأف فليس الأمر إذا أمر إرادة أوسعي بل هو أمر رحمة الله فقد قال الكتاب لفرعون ما أقمتك إلا لأظهر فيك قدرتي وينادى باسمي في الأرض كلها فهو إذا يرحم من يشاء ويقسي قلب من يشاء ولا شك أنك تقول لي فماذا يشكو بعد ذلك ؟ من تراه يقاوم مشيئته ؟ من أنت أيها الإنسان حتى تعترض على الله؟أيقول الصنع للصانع لم صنعتني هكذا أليس الخزاف سيد طينه فيصنع من جبلة واحدة إناء شريف الاستعمال وإناء آخر خسيس الاستعمال ؟ رسالة رومة 9 / 10 - 21

رفقة حبلت من رجل واحد وهو اسحق عيسو ويعقوب وورد في الكتاب احببت يعقوب وأبغضبت عيسو او بمعنى اخر فضلت يعقوب على عيسو ليس المقصود تقييماً لابني اسحق بل مكان نسل كل منهما ودوره في تاريخ الخلاص يذكر بولس ويكتفي مثل جديد لحرية الانسان الله المطلقة ولكن لا يقول الرسول بولس ان البعض افضل من الاخرين بل يقول ان الخالق له كامل السلطان على خليقته ما أبعد غور غنى الله وحكمته وعلمه وما أعسر إدراك أحكامه وتبين طرقه فمن الذي عرف فكر الرب أو من الذي كان له مشيرا ومن الذي تقدمه بالعطاء فيكافأ عليه؟فكل شيء منه وبه وإليه له المجد أبد الدهور آمين رسالة رومة 11 / 33 - 36

وينبغي في مثل هذه الحالات أن نأخذ بعين الاعتبار العقلية الساميّة التي تتجه مباشرة إلى العلة الأولى التي هي الله دون ذكر العلل الثانية المخلوقة التي لا تنكرها وقال الرب لموسى إذا ذهبت راجعا إلى مصر فأنظر جميع المعجزات التي جعلتها في يدك تصنعها أمام فرعون وأنا أقسي قلبه فلا يطلق الشعب سفر الخروج 4 / 21  

فتقسى قلب فرعون ولم يسمع لهما كما قال الرب فقال الرب لموسى قد ثقل قلب فرعون وأبى أن يطلق الشعب فآذهب إلى فرعون في الصباح فإنه يخرج إلى الماء فقف للقائه على شاطئ النيل والعصا التي آنقلبت حية خذها بيدك سفر الخروج 7 / 13 - 15 وقساوة قلب فرعون ومن ناحية أخرى هناك درجات وكيفيات مختلفة في إرادة الله يجب تمييزها فهو لا يريد بالكيفية نفسها خلاص كل البشر فإنه يريد أن يخلص جميع الناس ويبلغوا إلى معرفة الحق رسالة طيموثاوس الاولى 2 / 4

والهلاك الإلهي للخطأة غير التائبين ألعل هواي في موت الشرير ؟ يقول السيد الرب أليس في أن يتوب عن طرقه فيحيا ؟ سفر حزقيال 18 / 23 إن تأكيد بولس الرسول على حريّة الاختبار الإلهي وقضاء الله السابق لا يسمح لنا بالاستنتاج أن الحريّة البشرية أمر وهمي والواقع أن التقليد الكتابي مبنيّ على افتراض أن الإنسان قادر على اتخاذ القرارات الحرّة فهو يلجأ دوماً إلى قدرة اختياره ويشدّد على مسئوليته وذلك منذ حادث الخطيئة الأولى فقبل أن يولد الصبيان ويعملا خيرا أو شرا ليبقى تدبير الله القائم على حرية الاختيار رسالة رومة 9 / 11

يعود إلى الإنسان أن يختار بين البركة واللعنة بين الحياة والموت وان يواصل توبته حتى نهاية حياته أنظر إني جاعل أمامكم اليوم بركة ولعنة البركة إن سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا آمركم بها اليوم واللعنة إن لم تسمعوا لوصايا الرب إلهكم وابتعدتم عن الطريق التي أنا موصيكم بها اليوم لتسيروا وراء آلهة أخرى لم تعرفوها سفر تثنية الاشتراع 11 / 26 - 28

انظر إني قد جعلت اليوم أمامك الحياة والخير والموت والشر إذا سمعت إلى وصايا الرب إلهك التي أنا آمرك بها اليوم محبا الرب إلهك وسائرا في سبله وحافظا وصاياه وفرائضه وأحكامه تحيا وتكثر ويباركك الرب إلهك في الأرض التي أنت داخل إليها لترثها وإن تحول قلبك ولم تسمع وابتعدت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها فقد أعلن لكم اليوم أنكم تهلكون هلاكا ولا تطيلون أيامكم في الأرض التي أنت عابر الأردن لتدخلها وترثها وقد أشهدت عليكم اليوم السماء والأرض بأني قد جعلت أمامكم الحياة والموت البركة واللعنة فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك محبا الرب إلهك وسامعا لصوته ومتعلقا به لأن به حياتك وطول أيامك فتقيم في الأرض التي أقسم الرب لآبائك إبراهيم وإسحق ويعقوب أن يعطيهم إياها سفر تثنية الاشتراع 30 / 15 – 20

 والشرير إذا رجع عن جميع خطاياه التي صنعها وحفظ جميع فرائضي وأجرى الحق والبر فإنه يحيا حياة ولا يموت جميع معاصيه التي صنعها لا تذكر له وببره الذي صنعه يحيا ألعل هواي في موت الشرير ؟ يقول السيد الرب أليس في أن يتوب عن طرقه فيحيا ؟ إذا ارتد البار عن بره وصنع الإثم وعمل مثل كل القبائح التي يعملها الشرير أفيحيا ؟ بل كل بره الذي صنعه لا يذكر وبمخالفته التي خالفها وخطيئته التي خطئها يموت فتقولون ليس طريق السيد بمستقيم إسمعوا يا بيت إسرائيل أطريقي غير مستقيم؟ أليست طرقكم هي غير المستقيمة ؟ إذا ارتد البار عن بره وصنع الإثم ومات فيه فإنه بإثمه الذي صنعه يموت وإذا رجع الشرير عن شره الذي صنعه وأجرى الحق والبر فإنه يحيي نفسه إنه قد رأى وتاب عن جميع معاصيه التي صنعها لذلك يحيا حياة ولا يموت سفر حزقيال 18 / 21 - 28 فاعتبر بلين الله وشدته فالشدة على الذين سقطوا ولين الله لك إذا ثبت في هذا اللين وإلا فتفصل أنت أيضا أما هم فإذا لم يستمروا في عدم إيمانهم يطعمون لأن الله قادر على أن يطعمهم ثانيا رسالة رومة 11 / 22 و 23

بل أقمع جسدي وأعامله بشدة مخافة أن أكون مرفوضا بعد ما بشرت الآخرين رسالة قورنتس الاولى 9 / 27 على كل إنسان أن يسلك الطريق المؤدي إلى الحياة وأن يستمر في سلوكه أدخلوا من الباب الضيق فإن الباب رحب والطريق المؤدي إلى الهلاك واسع والذين يسلكونه كثيرون ما أضيق الباب وأحرج الطريق المؤدي إلى الحياة والذين يهتدون إليه قليلون انجيل متى 7 / 13 و 14 ويرفض يشوع ابن سيراخ صراحة حجج الجبريين منكري الحرية لا تقل إن الرب هو أضلّني كل رجس مبغض عند الرب وليس بمحبوب عند الذين يتّقونه هو صَنَعَ الإنسان في البدء وتركه في يد اختياره فإن شئت حفظت الوصايا ووفّيت مرضاته الرب يبغض كل قبيحة وليست بمحبوبة عند الذين يتقونه هو صنع الإنسان في البدء وتركه يستشير نفسه فإن شئت حفظت الوصايا وأتممت ما يرضيه بأمانة وضع أمامك النار والماء فتمد يدك إلى ما شئت سفر يشوع بن سيراخ 15 / 13 - 16 إذا جرب أحد فلا يقل إن الله يجربني إن الله لا يجربه الشر ولا يجرب أحدا في حين أن لكل إنسان شهوة تجربه فتفتنه وتغويه والشهوة إذا حبلت ولدت الخطيئة والخطيئة إذا تم أمرها خلفت الموت رسالة يعقوب 1 / 13 - 15

ويحتجّ بولس الرسول بشدّة على كلمات التجديف التي يتّهم الخاطئ الله بالظلم وهو الديان العادل ولكن إذا كان ظلمنا يبرز بر الله فماذا نقول؟أفما يكون الله ظالما إذا أنزل بنا غضبه؟وكلامي هذا كلام بشري محض معاذ الله وإلا فكيف يدين الله العالم ؟ ولكن إذا كان كذبي يزيد ظهور صدق الله من أجل مجده فلماذا أدان أنا بعد ذلك كما يدان الخاطئ ؟ ولماذا لانفعل الشر لكي يأتي منه الخير كما يفترى علينا فيزعم بعضهم أننا نقول به؟ إن الحكم على هؤلاء لعدل رسالة رومة 3 / 5 - 8 ولا شك أنك تقول لي فماذا يشكو بعد ذلك؟من تراه يقاوم مشيئته ؟ من أنت أيها الإنسان حتى تعترض على الله؟أيقول الصنع للصانع لم صنعتني هكذا رسالة رومة 9 / 19 - 20 لم يجد الكتبة الملهمون حلاًّ يوفق بين النقيضين سيادة الله المطلقة من ناحية وحرية الإنسان من ناحية أخرى. ولكن قالوا ما يكفي ليبيّنوا لنا أن نعمة الله وطاعة الإنسان الحرّة أمران ضروريان للخلاص يرى بولس تطبيق هذه الحقيقة على حياته الخاصة وبينما أنا سائر وقد اقتربت من دمشق إذا نور باهر من السماء قد سطع حولي نحو الظهر فسقطت إلى الأرض وسمعت صوتا يقول لي شاول شاول لماذا تضطهدني ؟ فأجبت من أنت يا رب فقال لي أنا يسوع الناصري الذي أنت تضطهده ورأى رفقائي النور ولكنهم لم يسمعوا صوت من خاطبني فقلت ماذا أعمل يا رب فقال لي الرب قم فاذهب إلى دمشق تخبر فيها بجميع ما فرض عليك أن تعمل سفر اعمال الرسل 22 / 6 - 10 وبنعمة الله ما أنا عليه ونعمته علي لم تذهب سد ى فقد جهدت أكثر منهم جميعا وما أنا جهدت بل نعمة الله التي هي معي رسالة قورنتس الاولى 15 / 10

كما إنها تنطبق على حياة كل مسيحي لذلك يا أحبائي كما أطعتم دائما فلا يكن ذلك في حضوري فقط بل على وجه مضاعف الآن في غيابي واعملوا لخلاصكم بخوف ورعدة فإن الله هو الذي يعمل فيكم الإرادة والعمل في سبيل رضاه رسالة فيلبي 2 / 12 و 13 لا يزال السر قائماً نصب أعيننا لكن الله يعرف كيف يحرّك قلبنا دون عنف وكيف يجذبنا إليه دون الضغط علينا أمل قلبي إلى شهادتك لا إلى المكاسب مزمور 119 / 36 وأعطيكم قلبا جديدا وأجعل في أحشائكم روحا جديدا وأنزع من لحمكم قلب الحجر وأعطيكم قلبا من لحم وأجعل روحي في أحشائكم وأجعلكم تسيرون على فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها سفر حزقيال 36 / 26 و 27 لذلك هاءنذا أستغويها وآتي بها إلى البرية وأخاطب قلبها ومن هناك أرد إليها كرومها وأجعل من وادي عكور باب رجاء فتجيب هناك كما في أيام صباها وفي يوم صعودها من مصر سفر هوشع 2 / 16 و 17 ما من أحد يستطيع أن يقبل إلي إلا إذا اجتذبه الآب الذي أرسلني وأنا أقيمه في اليوم الأخير انجيل يوحنا 6 / 44.