وقفة احتجاجية في حموث (حمص) للمطالبة بوقف أعمال العنف وسط تصاعد الجرائم في وادي المسيحيين      آثار القدّيس مرقس القيرينيّ شاهدة على جذور المسيحيّة في ليبيا      بطريرك القدس للاتين: المسيحيون مدعوون ليكونوا جسرًا للمصالحة      مذبحة في موزمبيق: أكثر من 30 مسيحيًا قُطِعَت رؤوسهم      مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان يرحّب بالزيارة البابوية      نخب سورية تتفق في أربيل على تحقيق العدالة الانتقالية والمشاركة في الحكم      من صناديق الاقتراع إلى خطوط النار... مسيحيّو سوريا بين الإقصاء والقلق      البطريرك ساكو يستقبل رئيس اكاديمية سنجار والوفد الايزيدي المرافق له      الرئيس عون: الزيارة البابوية نداء متجدّد للسلام وترسيخ للحضور المسيحي في الشرق      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يقوم بزيارة ودّية إلى سعادة السيّد فوزي حريري رئيس ديوان رئاسة إقليم كوردستان      للعام الثاني على التوالي.. جامعة السليمانية تحصد المركز الأول على مستوى العراق      في أسبوع واحد.. تسجيل 21 مخالفة انتخابية في إقليم كوردستان      قانون ينتظر التصويت سيقود لـ"هيكلة ودمج واغلاق" كليات أهلية في العراق      ترامب يعلن التوصل الى اتفاق بين اسرائيل وحماس لوقف اطلاق النار في غزة      علماء يتوقعون نهاية الكون بانفجار عكسي.. "ليست نبوءة بل فرضية"      في زجاجات المياه.. خطر غير مرئي يتسلل إلى أجسامنا      السعودية تهزم إندونيسيا بصعوبة في الملحق الآسيوي      ما وراء اختيار البابا لاوون لتركيا ولبنان كوجهة لزيارته الأولى؟      "راني أسمرو" من القوش، يمثل المنتخب الوطني العراقي ببطولة رافائيل سانتوجا لكمال الأجسام      ترقيات رئيسة تنتظر هواتف أندرويد.. كوالكوم تكشف عن شريحة جديدة
| مشاهدات : 1132 | مشاركات: 0 | 2025-09-14 07:05:52 |

عيد الصليب: تاريخ عريق ومعنى عميق

رائد نيسان حنا

 

 

يُعد عيد الصليب، المعروف أيضًا بعيد ارتفاع الصليب المقدس، أحد الأعياد الكبرى والمهمة في الكنيستين الشرقية والغربية. يُحتفل بهذا العيد في 14 سبتمبر من كل عام، وهو يجسد قصة عريقة ترتبط بالإيمان والمقدسات المسيحية، ويحمل في طياته معاني روحية عميقة تتجاوز حدود الزمن.

جذور العيد: من القصة التاريخية إلى التقليد الديني

تعود جذور عيد الصليب إلى القرن الرابع الميلادي. تقول الرواية التاريخية أن القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين العظيم، سافرت إلى القدس في عام 326 ميلادي بحثًا عن الصليب الذي صُلب عليه المسيح. بعد بحث طويل وشاق، اكتشفت ثلاثة صلبان في موقع يُعتقد أنه الجلجثة. لتمييز الصليب الحقيقي، تم وضعه على شخص مريض، فما أن لامسه حتى شُفي على الفور. يُقال إن هذا الحدث المذهل أكد أن هذا هو الصليب المقدس.

احتفاءً بهذا الاكتشاف، أمر الإمبراطور قسطنطين ببناء كنيسة القيامة في القدس، التي تضم قبر المسيح ومكان الصلب. تم تدشين الكنيسة في 13 سبتمبر 335 ميلادي، وفي اليوم التالي، 14 سبتمبر، تم رفع الصليب المقدس وعرضه على الجموع للاحتفال. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التاريخ هو الموعد الرسمي للاحتفال بعيد الصليب.

معاني العيد: رمز التضحية والخلاص

لا يقتصر عيد الصليب على مجرد إحياء ذكرى حدث تاريخي، بل يحمل في جوهره معاني روحية وإيمانية عميقة. إنه رمز للتضحية والفداء؛ فالصليب ليس مجرد أداة للألم، بل هو علامة على انتصار الحياة على الموت، والخير على الشر. يرى المسيحيون في الصليب أسمى تعبير عن محبة الله للبشرية، حيث يُنظر إليه على أنه الجسر الذي يربط الأرض بالسماء، والوسيلة التي من خلالها تم خلاص الإنسان.

في هذا العيد، تتزين الكنائس بالورود والصلبان المضاءة، وتُقام الصلوات الخاصة التي تذكر المؤمنين بأهمية الصليب كرمز للإيمان والثبات. كما يتبادل الناس التهاني ويتشاركون في الممارسات التقليدية، مثل تزيين المنازل بالصلبان الصغيرة وبعض الطقوس الأخرى التي تختلف من منطقة لأخرى.

عيد الصليب حول العالم

يُحتفل بعيد الصليب بطرق متنوعة في مختلف الكنائس حول العالم. في الكنائس الشرقية الأرثوذكسية، يُطلق عليه اسم "عيد ارتفاع الصليب المقدس"، ويُعد من الأعياد السيدية الكبرى. في بعض البلدان، يُعرف العيد باسم "عيد الزيتونة" أو "عيد الشعانين"، حيث تُوزع أغصان الزيتون والنباتات التي تُستخدم لتزيين الكنائس.

 

أبعاد روحية واحتفالات متنوعة

إضافةً إلى تاريخه العريق ومعانيه الروحية الأساسية، يحمل عيد الصليب أبعادًا إضافية تجعله من الأعياد الفريدة في التقويم المسيحي.

الصليب كرمز للقوة والانتصار

في الفكر المسيحي، الصليب لم يعد رمزًا للعذاب والإذلال، بل تحول إلى رمز للقوة والانتصار. إنه يمثل هزيمة الشر والموت من خلال محبة الله الفائقة. هذا التحول في المعنى هو جوهر الاحتفال، حيث يحتفي المؤمنون بالصليب ليس كذكرى لألم، بل كإعلان للغلبة على الخطيئة والموت. هذه الفكرة هي التي دفعت القديس بولس الرسول ليقول: "أما أنا، فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غلاطية 6: 14)، مما يوضح أهمية الصليب كعلامة على الفخر والإيمان.

تنوع الاحتفالات حول العالم

تختلف طقوس الاحتفال بعيد الصليب من كنيسة لأخرى ومن ثقافة لأخرى، مما يضيف للعيد بعدًا إنسانيًا غنيًا:

  • في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: يُعتبر هذا العيد "عظميًا" أو "سيديًا"، ويُصام فيه صيامًا انقطاعيًا في اليوم السابق للاحتفال. ويُعرف أيضًا بعيد "الزيتونة"، حيث تُوزع أغصان الزيتون التي تُبارك في الكنيسة، ويُعتقد أن لها بركة خاصة في هذا اليوم.
  • في الشرق الأوسط: يرتبط العيد بتقليد "الصليب" أو "الشعنينة"، حيث يقوم الأطفال والشباب بحمل الصلبان الصغيرة المضاءة، ويزينون المنازل بالشموع والصلبان الخشبية. في بعض القرى، تُقام مسيرات احتفالية تُرفع فيها الصلبان والأناشيد الدينية.
  • في إثيوبيا وإريتريا: يُحتفل بالعيد باسم "مسكل"، وهو احتفال وطني وديني كبير. يتم خلاله إضاءة أكوام ضخمة من الأخشاب (تسمى "ديميرا") في الساحات العامة، ويرمز نورها إلى الضوء الذي قاد القديسة هيلانة إلى مكان الصليب المقدس.

الصليب في الفن واللاهوت

أثر الصليب بشكل عميق في الفن واللاهوت المسيحي. في الفن، يُعتبر الصليب من أبرز الرموز التي تم تناولها في الأيقونات، واللوحات، والمنحوتات، مما يعكس مكانته المركزية في العقيدة. وفي اللاهوت، يُعد "لاهوت الصليب" فرعًا أساسيًا يركز على أهمية صلب المسيح كحدث محوري في خطة الخلاص الإلهية.

عيد الصليب هو فرصة للتأمل في قوة الإيمان، والتضحية من أجل الآخرين، والأمل في المستقبل. إنه دعوة لتجديد العهد الروحي، وتذكر أن التحديات والصعوبات يمكن أن تتحول إلى مصادر للقوة والبركة. هذا العيد، بقصته الغنية ومعانيه العميقة، يظل حيًا في قلوب ملايين المؤمنين حول العالم، شاهدًا على أن الإيمان يمكن أن يغير مجرى التاريخ.










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4999 ثانية