شربل وجيوفاني لطيف يَقرآن الإنجيل في إحدى الكنائس التي دخلاها لتصوير محتوى لصفحتهما. مصدر الصورة: شربل وجيوفاني لطيف
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: مارغريتا كلّاسي
بيروت, الاثنين 28 يوليو، 2025
بفضل هاتفٍ محمول وحسابٍ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، تمكّن التوأمان شربل وجيوفاني لطيف من تخطّي عتبة الـ 800 ألف متابعٍ على صفحة «مسيحيّي الشرق» التي أنشآها بهدف نشر هويّةٍ لطالما افتخرا بها في أصقاع الأرض كلّها.
وأفضت جهود الشابَّين اللّذين ما زالا في العشرين من عمرهما، إلى إنشاء حضورٍ إلكترونيّ لمسيحيّين كانوا يمارسون طقوسهم بعيدًا من الإعلام. وبفضل هذا العمل الرياديّ، نال الشابّان فرصة المشاركة في تدريبٍ في روما ضمن أكاديميّة صيفيّة أعدّتها الشبكة التلفزيونيّة للكلمة الأزليّة، «إي دبليو تي إن»، المالكة لـ«آسي مينا».
وفي غضون سنة ونصف سنة، تجاوزت صفحة مسيحيّي الشرق هدفها الأوّل المتمثّل بنشر التقاليد المسيحيّة الشرقيّة، وأصبحت مصدرًا موثوقًا للتوعية، ومنبرًا للمساندة في وجه الأزمات التي تطال شعوب المنطقة.
وقد جذبت التغطية الأخيرة للتفجير الانتحاريّ الذي استهدف كنيسة مار إلياس في الدويلعة في سوريا، أكثر من 30 مليون مشاهدة. وأطلق الأخوان حملة لجمع تبرّعات لعائلات الضحايا.
رسالة يتردّد صداها في العالم
نشرت الصفحة رسالة تركت أثرًا في نفوس كثيرين بفضل اختيارها مواد بصريّة جاذبة، وكان هدفها الأسمى توضيح فكرة أساسيّة، هي أنّ الشرق الأوسط لم يتلقَّ الديانة المسيحيّة، بل هو مهدها. وأوضح شربل: «لطالما شعرنا بأنّ هذه الرسالة جزءٌ من دعوتنا، لا بل إنّنا وُجِدنا في هذا العالم بغرض نشرها».
ومن خلال نشر قصصٍ شخصيةٍ مُختارة بعناية، يذكّر الشقيقان العالم بأنّ الوجود المسيحيّ في هذه البقعة من الأرض ما زال ينبض بالحياة. فمسيحيّو الشرق هم أبناء الكنيسة الأولى، الناجون من الاضطهاد، والأمناء على الطقوس العريقة.
وشرع المتابعون من شتّى أنحاء العالم في التواصل مع الصفحة، وأرسلَ بعضهم صورًا ورسائل وقصصًا شخصيّة. وتوالت الطلبات من كنائس أرادت عرض أنشطتها على الصفحة.
وصرّح جيوفاني: «كلٌّ منّا يشعر بثقل الحمل المترتّب علينا بفعل حملنا هويّتنا المسيحيّة الشرقيّة، إلّا أنّنا نفرح أيضًا بهذه الهويّة، فعلاقتنا بجذورنا واقعيّة وملموسة».
وعلى الرغم من تغطيتهما مناطق تعاني الحروب والاضطهاد، يتجنّب الشقيقان عمدًا الانزلاق إلى تحليلات سياسيّة أو بثّ مشاعر اليأس. وفسَّر جيوفاني: «اليأس بابٌ للخطيئة، ولا مكان له في وسطنا».
أثر عميق ورؤية للمستقبل
غيَّر هذا المشروع حياة الأخوين. فقبل عامٍ، كانا يقدّمان نفسيهما ببساطة. أمّا اليوم، فهويّتهما متجذّرة بوضوح في كلامهما، وفي الإرث الذي يحملانه. وقد أسهَمَت شهادات حياة متابعيهما، لا سيّما مَن مرَّ منهم بمآسٍ لا توصف، في بلورة هذه الرسالة.
وعن هذه الخبرة، قال شربل: «البعض منهم فقدوا بيوتهم أو أحبّاء لهم، لكنّ إيمانهم بقي راسخًا. كلّما ظننتُ أنّني تعمّقتُ في إيماني، ألتقي أحدًا يُعلّمني التواضع من جديد. ثقتهم في المسيح مذهلة».
يُركّز الشقيقان على مخاطبة الشباب، ويدعوان أبناء جيلهما إلى عيش حياةٍ هادفة وقريبة من الله. ويروي الشقيقان أنّ ما يلمس قلبيهما هو عودة الناس إلى الكنيسة أو لقائهم المسيح للمرّة الأولى من خلال ما رأوه على صفحتهما.
وردًّا على سؤال عمّا إذا كان التوأمان قد بدآ حركةً داخل الكنسية، أوضحا: «لم نبدأ شيئًا جديدًا. نحن نكمل دعوة بدأت منذ ألفَي عام».
ومع اقتراب المنصّة من جمع مليون متابِع، سار شربل وجيوفاني إلى العمق، فأصبحت رسالتهما دليلًا، ومنبرًا، وصوتًا صارخًا يقول للعالم إنّ كنيسة الشرق باقية وهي لا تزال تنبض بالحياة.
البطريرك المارونيّ بشارة بطرس الراعي يُسلّم شربل وجيوفاني لطيف درعَين تكريميَّين تقديرًا لعملهما في نشر البشارة الرقميّة. مصدر الصورة: شربل وجيوفاني لطيف