
عشتار تيفي كوم - ابونا/
في العالم المعاصر، ولا سيما في البلدان الناطقة بالإنجليزية، أصبح عيد «الهالوين» واحدًا من أهم المناسبات السنوية، حيث يرتدي ملايين الأطفال والبالغين أزياء أبطالهم المفضلين، أو المشاهير، أو الأشباح والعفاريت. ورغم أن بعض الناس يحاولون ربط الهالوين باحتفالات وثنية قديمة ببداية السنة الجديدة، إلا أن للهالوين جذورًا كاثوليكية واضحة.
فاسم العيد نفسه مشتق من «All Hallow’s Eve» أي «عشية عيد جميع القديسين»، وهو اليوم الذي يتذكّر فيه الكاثوليك أولئك الذين سبقونا وبلغوا موطننا السماوي. ويليه مباشرة، في الثاني من تشرين الثاني، يوم تذكار جميع المؤمنين المتوفين الذين ما يزالون في المطهر، حيث ترفع الكنيسة الصلوات لراحة نفوسهم. إن ذكرى الراحلين تدفع بطبيعتها إلى التأمل في الموت، كما أن التركيز الليتورجي في هذه الفترة من السنة على الأمور الأخروية يضيف جوًّا من التأمل والرهبة.
وفي «مذكرة حول الاحتفال بالهالوين» أصدرها عام 2018 لأبرشيته، شدّد المطران ديفيد كوندرلا، أسقف تولسا في أوكلاهوما، على أهمية «الحفاظ على المعنى والغرض الكاثوليكي لجميع الأعياد المقدسة، وخاصة تلك التي تبنتها الثقافة العامة وأعادت تشكيلها».
وأوضح كيف يمكن أن تُمارس عادات مثل ارتداء الأزياء أو استخدام صور مرعبة بروح كاثوليكية حقيقية، محذرًا في الوقت نفسه من «الأمور التي يجب أن نتجنبها لأنها تتعارض مع إيماننا الكاثوليكي، رغم انتشارها في الشكل العلماني الحديث للهالوين».
وتحدث موقع «فاتيكان نيوز» مع الدكتور مارسيل براون من «معهد ألكوين للثقافة الكاثوليكية» في تولسا، حول الجذور الكاثوليكية للهالوين. وقال: «إن عيد الهالوين هو واحد من تلك الاحتفالات في التقويم الكاثوليكي التي نبدأها في مساء سابق لعشية عيد كبير».
وأوضح أن كلمة Halloween ترتبط بعيد جميع القديسين، فمصطلح «hallows» يعني «القديسين أو المقدّسين»، و«e’en» اختصار لكلمة «evening» أي «المساء»، في إشارة إلى عشية العيد. «بمعنى أن الهالوين هو في جوهره الاحتفال ببدء عيد جميع القديسين»، قال. «إنه يوم يحتفل فيه الكاثوليك بانتصار الكنيسة في السماء، وبحياة القديسين على الأرض».
أما تركيز العصر الحديث على الصور المخيفة أو الغامضة، فهو بدوره يحمل بُعدًا كاثوليكيًا. يقول د. براون: «عندما نفكر في الهالوين، غالبًا ما نتخيل الأشباح والعفاريت والوجوه المرعبة. لكن هذه كلها في التقليد الكاثوليكي تذكير بالموت وبالأواخر».
ويتابع: «فكما نحتفل بعيد جميع القديسين في الأول من تشرين الأول، بدءًا من عشية العيد في الهالوين، فإننا نتذكر أيضًا الأمور الأخيرة: الموت، والدينونة، والجنة، والجحيم. والسؤال الذي ينبغي أن يشغلنا هو: ما دمنا سنموت حتمًا ونمثل أمام الحكم الإلهي… فكيف ينبغي لنا أن نعيش؟».
وفي مذكرته، يدعو المطران كوندرلا المؤمنين إلى أن «يشجع بعضنا بعضًا هذا العام على التعبير في كل تفصيل من تفاصيل احتفالنا عن جمال وعمق عيد جميع القديسين». ويختتم بالقول: «فلنجعل احتفال هذا العام فعل عبادة حقيقي لله، الذي يعطينا القديسون رجاءً بأننا نحن أيضًا قد ندخل يومًا ما إلى الملكوت المُعَدّ لقديسيه منذ بدء الخليقة».