قال بولس الرسول: الجسد ينزع إلى الموت، وأما الروح فينزع إلى الحياة والسلام. " رو8: 6-7"
على كل مؤمن بالمسيح أن يعيش مناضلاً في معركة الكفاح الروحي ويخوض معارك كثيرة تحت تأثير النعمة، فكلما زادت الخطيئة تزيد النعمة أيضاً لكي ينتصر ذلك الإنسان الروحي على الإنسان الجسدي.
الكفاح الروحي هو أخيراً حياة يقضيها الإنسان المحارب في الروح رغم الهجمات التي يشنها علينا الجسد وبحسب تعليم الكتاب، لأن من يخضع لمتطلبات الجسد فهو جسدي يعمل ضد الله وشريعته، ومن هم تحت سلطة الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله. لهذا علمنا الرب يسوع في الصلاة الربية لنقول: إعطنا خبز الكفاف.
للجسد عقيدة، وللروح عقيدةً أخرى. الإنسان الجسدي يطلب ما للجسد على حساب الروح. والإنسان الروحي يفعل العكس.
علينا أن لا نسقط في مستنقع الفريسي الذي تحدث في الهيكل إلى الله. أما العشار فنطق بالصدق على قاعدة الإتضاع والإعتراف بضعفاته. الفريسي لم يكذب عندما قال إني أصوم مرتين في الإسبوع، وأعشر أموالي ، وأصلي وأنا شاكراً لربي، لكن الحفرة التي سقط فيها كانت التباهي بأنه صالح، إضافة إلى إحتقاره لذلك العشار الذي جاء إلى الله طالباً الغفران.
الله هو الذي يقيّم حياتنا وأفعالنا. فمهما يقدم الإنسان لله عليه أن لا يتعدى على عبيد الله مهما فعلوا لأنهم ملك لله وحده وهو الديان الوحيد لكل إنسان. لهذا علينا أن نقول دائماً وبكل تواضع:
إننا عبيد بطالون لأننا عملنا ما كان يجب علينا. " لو 17: 9-10".
هكذا يجب على المؤمن أن لا يستغل إيمانه للحصول على طلبات الجسد اليومية من الله، بل عليه أولاً أن يطلب البر الذي هو للروح والباقي سيزاد له. الله يعرف طلباتنا وإحتياجاتنا. فعلينا أن ننبذ كلياً إسلوب الحصول على المكافئات، لأن المؤمن الصادق يؤدي كل الفرائض ويعمل الأعمال الصالحة لخدمة المحتاجين وكأن الله صار مديناً له، لكن عليه أن لا ينتظر من الله ما يقابل عملهُ.
الله قد وَعَدَ المؤمنين بالمكافئات على أعمالهم الصالحة، ومن تلك الوعود ، قال: وأي من سقى واحد من هؤلاء الصغار ولو كأس ماء بارد ، فقط لأنه تلميذ لي، فالحق أقول لكم: إن مكافأته لن تضيع أبداً. " مت 42:10 ". إذاً علينا أن لا نتذكر أعمال الخير والصلاح التي نفعلها، ولا نطلب من المديون ديننا.
هناك دينان متحدان في الجسد والروح، فهناك من يفضل أن يخدم بكل قوته دين الجسد ويعمل من أجل الإهتمام بالجسد فيبحث عن أعمال ومشاريع إضافية، أو ساعات عمل فوق الساعات المقررة في عمله وحتى وإن كانت في يوم الرب، أو يعمل في يوم الرب وحتى وإن كانوا هو رب العمل. فالذي لا يخصص للروح يوماً واحداً ليعيش بحسب الروح فهذا الإنسان يصبح عبيداً للجسد ولخدمته فقط . والمطلوب أن يعمل العكس أي للروح أكثر من الجسد لأن الجسد زمني زائل لا محال ، أما الروح فخالد، لكن سيطرة رغبات الجسد على الروح تخضعهُ للعمل لما هو لصالح الجسد فيفقد إرادته في العمل الصالح الذي يجب أن يقوم به، وهكذا يتخبط الإنسان في قراراته ، لهذا قال الرسول بولس: لأني لست أعرف ما أنا أفعلهُ، إذ لست أفعل ما أريده، بل ما أبغضه فإياه أفعل. " رو 15:7".
إذاً الإهتمام بالجسد خاصية موجودة في المسيحيين المنحرفين عن السلوك المسيحية الصحيحة، لأن نور الروح القدس يهملونه ولا يسمحون له بالعمل في أجسادهم المخصصة لسكنى ذلك الروح. فبسبب إهتمامهم بالجسد الذي هو مجرد خيمة وقتية للروح الساكن فيها في هذا العالم يعتبرون الصلاة والإشتراك في الأسرار الكنسية المقدسة مجرد وسائل طقسية مفروضة عليهم، بل هي أعمال سحرية موروثة تكرر عليهم. لكن البعض يعودون إلى الله عندما يصبحون في ضيقةٍ أو إضطهادٍ أو فشل أو مرض فيطلبون من الله الصحة أو العمل أو مناصب سياسية. كل من يسعى إلى متطلبات الجسد فهو مييت وإن كان حياً في الجسد، ولأمثال هؤلاء قال الرب يسوع:
دع الموتى يدفنون موتاهم... . " لو 60:9".
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"