دير الربان هرمزد. mesopotamiaheritage.org
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: جورجينا بهنام حبابه
ألقوش, الثلاثاء 15 يوليو، 2025
لا يكاد دير الربّان هرمزد يخلو من الزائرين على مدار العام، مسيحيّين وغير مسيحيّين، قاصدين هذا الصرح التاريخيّ الصامد في حضن جبل بيت عذري، المعروف اليوم بجبل ألقوش، في محافظة نينوى العراقيّة، ليقرأوا في صمت الحجارة حكاية قرونٍ من النسك والقداسة.
قرب ينبوع الماء المعروف اليوم بـ«عين القدّيس»، اتّخذ الربّان هرمزد إحدى مغاور الجبل قلّايةً يعتكف فيها مصلّيًا متعبِّدًا، فاستبشر أهالي ألقوش بحضوره الروحانيّ وشاعت أخبار عجائبه، لعلّ أشهرها شفاء ابن أمير الموصل عُتْبة بن فَرْقَد السُّلمي على يد الربّان، فساعده في إثرها على بناء ديره أواسط القرن السابع.
كنائس تاريخيّة
يضمّ الدير كنائس عدّة مترابطة ببعضها، أولاها كنيسة الإنجيليّين الأربعة المشيّدة في عهد الأنبا الشهيد جبرائيل دنبو مؤسّس الرهبنة، وفق ما بيَّنَ الأب جون نيقولا الراهب، رئيس ديرَي «السيّدة حافظة الزروع» و«الربّان هرمزد» التابعَين للرهبنة الأنطونيّة الهرمزديّة، في حديثه عبر «آسي مينا».
ضريح الأب المؤسِّس
وقال: «لكنَّ كنيسة الثالوث الأقدس هي الأكبر والأوسع، وتوثّقُ كتاباتٌ على جدرانِها تجديدَها عام 1485، وتهدّم هيكلها إثر زلزال عام 1666م، وتواريخ أخرى تؤكّد قِدَمها وقيمتها التاريخيّة، فضلًا عن كونها تضمّ قبر الأب جبرائيل دنبو مؤسّس الرهبنة وعدد من الآباء ضحايا الاضطهادات المتعاقبة».
بساطة تنطق بالزهد
رغم بساطة بنائها وكونها أصغر كنائس الدير، تبرز أهمّيّة الكنيسة التي تحمل اسم مار أنطونيوس أبي الرهبان، كأوّل مُصلّى في الدير، إذ يعود تاريخها إلى أيّام الربّان هرمزد وفيها ضريحه.
وترقى كنيسة أخرى تحمل اسم الربّان هرمزد إلى الفترة عينها، كما أوضح نيقولا، قائلًا: «بساطتها وعلامات القِدَم الظاهرة عليها لا تلغيان قيمتها التاريخيّة وتمايزها بوجود أربع عشرة مِشكاة، يتصدّر كلّ واحدةٍ منها صليبٌ مزخرفٌ بتفرّدٍ يُميّزه عن سواه».
ازدهار واضطهاد
عاش الدير على مدى قرون فترات ازدهارٍ روحيّ وامتلأت صوامعه بالرهبان، كما عانى سنوات مِحَن ومصائب، لا سيّما في أعقاب غزو تيمورلنك أواخر القرن الرابع عشر، ثمّ نادر شاه في القرن الثامن عشر، فضلًا عن عمليات سلبٍ وتخريبٍ قادتها عشائر محلّيّة.
يضمّ الدير قبور تسعةٍ من بطاركة كنيسة المشرق، من العائلة الأبويّة. وكان مقرّ الكرسيّ البطريركيّ لثلاثة قرون منذ أواخر القرن الخامس عشر. وكان يوحنّا سولاقا رئيس رهبانه قبيل اختياره أوّل بطريرك للكاثوليك من أتباع كنيسة المشرق عام 1553.
يرقد جسد الربّان في بيت الشُّهداء والقدّيسين، وهو بناء أشبه بمذبح حجريّ منقوش يعلوه قوس حجريّ مكتوب عليه بالسريانيّة الشرقيّة ما ترجمته: «هنا يرقد أبونا الجليل، نور الشَّرق السّاطع، الرّبّان هرمزد المُظَفَّر، من القرن السّابع للمسيح». وتحتفل الكنيسة الكلدانيّة بتذكاره في الأوّل من سبتمبر/أيلول ومرّة أخرى في الأحد الثالث بعد القيامة.
إحدى مغاور دير الربان هرمزد في حضن جبل بيت عذري. مصدر الصورة: كرم الألقوشي/آسي مينا
كنيسة الثالوث الأقدس في دير الربّان هرمزد. مصدر الصورة: جامعة كولمبيا-قسم تاريخ الفن والآثار
أضرحة البطاركة من بيت أبونا في دير الربّان هرمزد. مصدر الصورة: جامعة كولمبيا-قسم تاريخ الفن والآثار
نبي ناحوم. مصدر الصورة: كرم الألقوشي/آسي مينا
مصلى في دير الربّان هرمزد. مصدر الصورة: جامعة كولمبيا-قسم تاريخ الفن والآثار
دير الربّان هرمزد. مصدر الصورة: جامعة كولمبيا-قسم تاريخ الفن والآثار
أيقونة الربّان هرمز معلّقة أمام ضريحه في الدير. مصدر الصورة: جامعة كولمبيا-قسم تاريخ الفن والآثار