بعد أكثر من خمسة عقود ونيف من حكم الأسد الأب وأسد الإبن ، كانت سوريا مصدر قلقِ لدول الجوار ، فقد تدخلت في لبنان وهيمنت على مصادر القرار تقريباً منذ عام 1976 لغاية 2005 بعد إغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري .
كانت مقلقة للعراق بعد دعمها لإيران في الحرب العراقية الإيرانية ، ومقلقة لتركيا لإيوائها عبدالله اوجلان رئيس حزب العمال الكردي ، التي إضطرت لطرده بعد التهديد التركي ، وكانت تهديداً للأردن في عدة مفاصل
وبعد سقوط وهروب بشار الأسد وإنتصار المعارضة بقيادة احمد الشرع الذي تحوّل من تنظيم القاعدة إلى جبهة النصرة ومن ثمّ إلى هيئة تحرير الشام ، كان عليه الإستفادة من تجربة العراق بعد سقوط نظام صدام ، حيث ألغى الحاكم الأمريكي بريمرالجيش والشرطة والأمن والمخابرات ، فادخل العراق في دوامة العنف وشبه حرب أهلية ،ودخول الإرهابين على الخط بالتعاون مع المفصولين من الجيش والشرطة والأمن والمخابرات مما أدى إلى إحتلال ثلث العراق ، وأدرك الجميع أن الإجراء كان خطأً فادحاً لا زال العراق يدفع ثمنه باهضاً .
ولنا في دول جنوب أفريقيا المثل الساطع في الحكمة والراي السديد، حيث اصدر نيسلون منديلا بعد توليه الرئاسة العفو العام ، فإستقر البلد وإزدهربمساهمة الجميع لبناء الوطن .
ووجب على أحمد الشرع إصدار العفو العام ، والصبر والحكمة لإستيعاب الغل والثأر، لأن آثار الميليشيات الإيرانية ، وحزب الله وفلول النظام المتضررين ، يجرون النظام الجديد إلى خندق الإشتباكات السياسية والفكرية والعسكرية ، وإن العلاج بالسلاح هو ما تعجز عنه السياسة ، والخوف كل الخوف من غضب الناس الجريحة عندما تتحرك من الممارسات اللاعقلانية ضد الخصوم التي ملأتها آبار الكراهية والحنق ، فكان أولى به أن لا يسمع التصفيق الداعي للإنتقام ، فلا يقع في مصيدة بائعي الأوهام ، خصوصاً بوجود الذئبان إسرائيل وإيران ، مع إستحالة مواجهتهما معاً ، واللذان يتحيّنان الفرص للإنقضاض على إستقرار سوريا الذي يجب أن يتسع للجميع من سنة وعلويين ومسيحيين ودروز، كدولة قانون ومؤسسات وهي الضمان لإحتواء الجميع بدل دولة عدم اليقين الحالية التي تهدف إلى الإنتقام والدم والعنف المقلق للسورييين و لدول الجوار بإمتياز .