رسائل التهنئة التي بعثها قداسة البطريرك مار آوا الثالث بمناسبة نوروز إلى رئيس جمهوريّة العراق وقيادة إقليم كوردستان      كنائس البصرة… إعمارٌ معلّق على حبال الوعود      اجتماع للاحزاب الكلدانية السريانية الاشورية القومية السورية      رسالة التعزية التي بعث بها قداسة البطريرك مار آوا الثالث الى غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان لرقاد المطران مار اثناسيوس متي متوكة      البطريرك ساكو يهنئ رئاسة إقليم كوردستان بعيد نوروز      الأوضاع في سوريا: خيبة أمل، وحالة اليقين القديمة لم تعد موجودة      البطريرك ساكو يعزي البطريرك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان بوفاة مثلث الرحمات المطران أثناسيوس متي شابا متوكا      بالصور.. صلاة الراحة والسلام في كنيسة الصليب المقدس للأرمن الأرثوذكس في اربيل      محبة سعد القهوجي، تحصل على المركز الأول في مسابقة فن الخطابة بجامعة باريس      المطران مار أثناسيوس متّي متّوكة في ذمّة الله      "اسباب تتعلق بعصابة".. الكشف عن هوية مهاجمي القنصلية العراقية في اسطنبول      استغلالا لوجود ترامب؟.. احياء دعوى ضد "الحصانة الامريكية على أموال العراق"      الشرع يطالب بوتين بتسليم بشار الأسد لمحاكمته في سوريا      "حجر ثمين لامع".. اكتشاف كوكب "الماس" اكبر من الأرض بـ5 مرات      بدون ميسي.. الأرجنتين على بعد نقطة من الوصول للمونديال      غالاغر: البابا يستمر في خدمة الكنيسة والبشرية على الرغم من هشاشة وضعه الصحي      احذر.. الكرش ربما يكون علامة على أكثر من مجرد زيادة الوزن      عقرة تحتفل مع 88 ألف شخص بنوروز 2025      العراق يشكل خلية أزمة للتعاطي مع سوريا.. من تضم؟      الجيش السوداني يسيطر على القصر الجمهوري وسط الخرطوم
| مشاهدات : 663 | مشاركات: 0 | 2025-03-06 12:35:50 |

بانتظار {نوائح سومر}

جاسم الحلفي

 

 

بلغني أخيراً أن رواية "نوائح سومر" سترى النور، بعد ان تبنّى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق طباعتها.

لقد رافقتُ هذه الرواية منذ أن كانت فكرة مجردة في ذهن كاتبها، وأزعم أنني كنتُ من المشجعين على كتابتها، بل وربما المحرّضين على إخراجها إلى العلن. كان ذلك عندما حدّثني الروائي عبد الستار البيضاني عن قصة استشهاد سعدون، ابن منطقتهم، الذي كان طالبا في كلية الطب بجامعة البصرة. ذلك الشاب اليساري المتميّز، الذي ظل وفياً لقناعاته حتى لحظاته الأخيرة، ولم يبدّل موقفه رغم فظاعة المصير الذي كان ينتظره.

 

كانت قصته تستحق أن تُروى، وكنتُ أخشى أن تطويها الأيام كما طوت آلاف القصص التي لم تُكتب، ولم تجد من يُخلّدها. قلتُ للبيضاني حينها: إن لم تُكتب فستُنسى، ولن يتذكرها أحد.. الكتابة وفاءٌ لسعدون، ونسيانها خذلان له).

 

لم يكن هدفي مجرد التوثيق لسيرة سعدون، فالتخليد حقٌ له ولأمثاله من رفاق الطريق الذين مضوا شهداء لمواقفهم. المسألة لم تكن مجرد واجب تجاه ذكراهم، بل كانت تتعلق أيضاً بكتابة شهادة عن مرحلة حساسة جداً في تاريخ العراق، مرحلة شهدت صعود الدكتاتورية وفرض قبضتها الحديدية على المجتمع، مع تحولات كبرى كان لها أثر كارثي على مصير اليسار العراقي.

 

كنتُ أرى أن الرواية يجب أن تكون أكثر من مجرد تأبينٍ لسعدون أو استعادةٍ لحياته، ان تكون  شهادة حية على الزمن الذي عاش فيه. وهو زمنٌ بدأ فيه النظام بالتوحش شيئاً فشيئاً، وتحوّلت فيه شعارات الوحدة والحرية والاشتراكية إلى أداة لخنق الأصوات المعارضة، وبدأت آلة القمع تفرغ المجال السياسي من أي صوت يساري، مستعملة أبشع الوسائل وأشدها قذارة.

 

كان سعدون نموذجاً لشباب تلك المرحلة، ابن عائلة كادحة، نشأ في بيئة تشكل فيها الوعي الطبقي بوضوح، وارتبطت أحلامه وتطلعاته بمعاناة الطبقة المسحوقة التي كان جزءاً منها. لم يكن مجرد ناشط سياسي، بل كان شاباً مفعماً بالحياة: يدرس، يعمل، يشارك في النشاطات الثقافية، ويفكر بمستقبله، لكنه أيضاً كان يرى الواقع كما هو، منقسماً بشكل ظالم بين قلة تتحكم بالمقدرات، وكثرة لا تجد سوى الفقر والقمع والتهميش.

 

حينما قُبض عليه، كان يعرف أن مصيره قد حُسم، لكنه واجه ذلك بثبات نادر. لم يساوم، لم يتراجع، لم يطلب الرحمة. كانت التصفية بمادة "السيانيد" واحدة من أبشع الجرائم التي لجأ إليها النظام المقبور، جريمة تعكس همجية السلطة التي لم تكتفِ باعتقال اليساريين وتعذيبهم، بل أرادت أن تجعل من قتلهم درساً للآخرين. ولم يكن الاعدام مباشراً، بل موتاً بطيئاً ومهيناً، حيث يُجبر المعتقل على شرب السم، بينما يُمنع الأطباء من تقديم أي إسعاف له، فيتحوّلون إلى شهود على الجريمة، وربما شركاء فيها بصمتهم.

 

كان "سعدون" يعرف أن لحظاته الأخيرة قد اقتربت، لكنه لم يفكر بنفسه، بل فكر بأمه. لم يشأ أن يموت وحيداً في زنازينهم القذرة، بل طلب أن يُعاد إلى حضن امه "مناهل"، تلك المرأة التي صنعت منه رجلاً صلباً، وظلّت تؤمن بأن ابنها سيحقق طموحه رغم كل العوز والفقر والمعاناة. أراد أن يكون قربها عندما يفارق الحياة، لأن الموت في حضنها أكثر رحمة من الموت بين جدران السجن.

 

الرواية بالنسبة لي ليست مجرد عمل أدبي، بل رد اعتبار لتاريخٍ حاولت السلطة محوه، وتذكير بمن تم سحقهم لأنهم حلموا بعراق مختلف. كان يجب أن تُكتب هذه الشهادة، لا لتكريم الأموات فقط، بل ولتنبيه الأحياء إلى حجم الفظائع التي ارتُكبت، وللحفاظ على الذاكرة من التشويه والنسيان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جريدة "طريق الشعب" ص2

الخميس 6/ 3/ 2025

 

المركز الإعلامي للحزب الشيوعي العراقي










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5924 ثانية