عشتارتيفي كوم- العرب/
بغداد – رفض الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الدعوات إلى تسليم سلاح الفصائل المرتبطة بإيران، معتبرا أنه “لا يوجد شيء اسمه حل الحشد الشعبي،” في حين تقول أوساط سياسية عراقية إن هذه الخطوة موجهة بالأساس إلى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بهدف إحراجه أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي من المتوقع أن يزيد ضغوطه على العراق للمساهمة بفاعلية في محاصرة إيران.
لكن الأوساط السياسية العراقية تقول إن إعلان زعيم حركة العصائب، وهي عضو رئيسي في الحشد الشعبي، قد يرتد على الحشد أكثر مما يحققه من إحراج للسوداني وإظهاره في موقف الضعيف لأن رفض تسليم السلاح للقوات العراقية وحل الحشد يعني فتح الباب لإسرائيل لتنفيذ تهديداتها بمهاجمة مواقع الميليشيات المرتبطة بإيران.
ويجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تنفيذ هذه التهديدات دفعا قويا من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهو ما يضع الميليشيات في موقف تحد حقيقي، فإذا كانت قد نجت سابقا من ضربات قوية، فالأمر يعود في جانب منه إلى ارتباك إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، التي راهنت على قدرة السوداني على فرض التهدئة دون الحاجة إلى مواجهة كبيرة مع الميليشيات.
ويختلف الوضع الآن عن فترة بايدن كليا، إذ يمكن أن تواجه الفصائل استهدافا إسرائيليا وأميركيا بشكل مشترك أو ضربات منفصلة، خاصة أن ترامب يميل إلى خيار فرض الأمر الواقع على المناوئين في الملفات المختلفة. وبما أنه يزيد من الضغوط على إيران فإنه قد يلجأ إلى ضربات مباشرة تستهدف أذرعها في العراق.
وبالنسبة إلى إسرائيل لا خطوط حمراء في مهاجمة الفصائل العراقية الموالية لإيران، ومثلما هاجمت حزب الله وقتلت أمينه العام حسن نصرالله -وهو أكثر وزنا وأهمية لإيران- وهاجمت الحوثيين تستطيع استهداف ميليشيات الحشد ومقارها وقادتها بالرغم من لجوء أغلبهم إلى التخفي.
وتملك إسرائيل ما يكفي من المبررات لتنفيذ هجماتها على مواقع الميليشيات. وذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” في فترة سابقة أن تل أبيب حددت أهدافا لضربها في العراق.
وأضافت الصحيفة أن إسرائيل تراقب وتحدد الأهداف ذات الصلة بالميليشيات التي تدعمها إيران، بالإضافة إلى أهداف عراقية. ودعت بغدادَ إلى وجوب كبح جماح الميليشيات ومنعها من توظيف أراضي العراق في شن هجمات على إسرائيل.
وسعى الخزعلي، في حديثه لقناة العهد التابعة للعصائب، إلى البحث عن مبررات لرفض تجريد الحشد من السلاح وحصره بيد الدولة كما يطالب بذلك السوداني، بالقول إن سلاح الفصائل لم يستخدم في النزاعات الداخلية، وإن الدعوات إلى تسليم سلاح الفصائل محاولة لتجريد العراق من السلاح الاحتياطي.
وجاء حديث الخزعلي عن رفض تسليم السلاح كتعبير علني عما راج من أنباء تفيد بإخفاق السوداني في إلزام الفصائل بتسليم سلاحها والاندماج في المؤسسة العسكرية.
ونقلت وكالة شفق نيوز عن مصادر قولها إن الفترة الماضية شهدت حوارات غير معلنة بين أطراف حكومية من فريق رئيس الحكومة مع عدد من قادة الفصائل المسلحة من أجل تسليم تلك الفصائل السلاح ودفعها نحو الاندماج في المؤسسات العسكرية الرسمية العراقية، وترك أي عمل خارج إطار الدولة.
وأضافت أن “الفصائل، بعد جولة حوارات ونقاشات، أبلغت بشكل قاطع السوداني وفريقه رفضها الكامل لتسليم سلاحها أو الاندماج في أي من المؤسسات العسكرية والتأكيد على الاستمرار في نهج (المقاومة) والاستعداد الكامل للدفاع عن العراق وقوى (المحور) في المنطقة.”
ويظهر هذا أن معارضة حل الحشد وإلحاقه بالمؤسسة العسكرية ترتبط بأجندة إيران ورغبتها في الاحتفاظ بورقة قوية في يدها تواجه بها الضغوط الأميركية والإسرائيلية بعد أن فقدت ورقة حزب الله وأثبتت هجمات الحوثيين محدوديتها في إرباك إسرائيل والولايات المتحدة فيما يطال ضررها مصالح دول إقليمية مثل مصر التي تكبدت خسائر جسيمة جراء تأثر قناة السويس بالقصف الحوثي.
وكانت مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت في 18 ديسمبر الماضي عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أميركية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المتفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم.
ويرجع تشكيل هيئة الحشد الشعبي في العراق إلى عام 2014 عندما أصدر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في النجف فتوى بتشكيل حشود شعبية لمواجهة خطر تنظيم داعش، الذي توغل داخل مدن عراقية وسيطر على ثلث أراضي العراق، ووصل إلى مشارف العاصمة بغداد.
وهبت الحشود، وتطوع ما يقارب المليون شخص وتوجهوا إلى جبهات القتال مع الجيش العراقي، وبعد مرور عامين أصدر مجلس النواب العراقي، عقب طلب رفعه نواب من الكتل الشيعية، قانونا خاصا بالحشد الشعبي في العراق، باعتباره أحد تشكيلات القوات المسلحة العراقية.