لوح كلكامش استعاده العراق من الولايات المتحدة عام 2021- تعبيرية
عشتارتيفي كوم- الحرة/
أكد قاضي محكمة التحقيق المركزية في العراق، نبيل كريم، الأحد، أن بلاده نجحت في استرداد نحو 23 ألف قطعة أثرية هُربت بعد 2003.
وقال إن ملاحقة جرائم تهريب الآثار تمثل "تحدياً كبيراً للقضاء"، لا سيما أن تلك الجرائم تتم عن طريق شبكات دولية معقدة.
وعزا كريم تفاقم هذه الجرائم إلى ضعف المراقبة على المواقع، والفقر والبطالة التي تدفع السكان المحليين لبيعها.
لكن العقوبات مشددة، قد تصل إلى الإعدام، وفق ما أضاف كريم خلال مقابلة مع وكالة الأنباء العراقية.
"جريمة خطيرة"
عدّ القاضي كريم جريمة سرقة الآثار "من الجرائم الخطيرة التي تهدد الإرث الحضاري للبلاد".
ووضع المشرع العراقي في المادة 40 من قانون الآثار والتراث رقم 55 لسنة 2002، عقوبات صارمة تتراوح بين السجن لمدة لا تقل عن 7 سنوات ولا تزيد على 15 سنة مع تعويض مقداره ستة أضعاف القيمة المقدرة للأثر أو المادة التراثية في حالة عدم استردادها.
وتابع كريم أن العقوبة تشدد إلى السجن المؤبد إذا كان مرتكب الجريمة من المكلفين بإدارة أو حفظ أو حراسة الأثر أو المادة التراثية المسروقة، وتصل إلى الإعدام اذا حصلت السرقة بالتهديد أو الإكراه أو من شخصين فأكثر وكان أحدهم يحمل سلاحاً ظاهرياً أو مخبأً.
وبين أن "الجريمة إذا كانت تتعلق بقطع أثرية نادرة أو مواقع تراثية تكون العقوبات أشد".
وقال كريم، إن القضاء ينظر إلى قيمة الآثار الثقافية والتاريخية باعتبارها ثروة وطنية وإرثاً إنسانياً وهوية الدولة التاريخية والثقافية لذلك تعكس الأحكام القضائية في قضايا الآثار أحيانا أهمية هذه القيمة حيث تمثل الآثار ثروة لا تقدر بثمن.
الأسباب
في حديثه للوكالة الرسمية، قال القاضي العراقي إن أسباب تفاقم جريمة تهريب الآثار تعود لـ"ضعف المراقبة على المواقع الأثرية البعيدة وانتشار الفقر والبطالة التي تدفع بالسكان المحليين إلى التنقيب غير القانوني إضافة إلى ضعف التعاون الدولي في تتبع شبكات تهريب الآثار".
ودعا إلى تعزيز الرقابة الأمنية على المواقع الأثرية باستخدام التقنيات المتطورة مثل الطائرات المسيرة، وكذلك تعزيز الوعي المجتمعي للحفاظ على الهوية الثقافية للدول والمجتمعات.
وأكد كريم أن مكافحة جرائم سرقة الآثار تتطلب تضافر الجهود بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي وتطبيق القوانين بشكل صارم.
وأضاف "القضاء يلعب دورا حاسما في مكافحة جريمة تهريب الآثار وذلك من خلال عدة جوانب تشمل التشريعات والتحقيق والمحاكمة وإنفاذ العقوبات".
ويلتزم القضاء العراقي بتنفيذ الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الممتلكات الثقافية مثل اتفاقية اليونسكو لعام 1970 بشأن حظر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وإصدار أحكام وعقوبات مشددة من شأنها أن تكون رادعاً لهذه الجريمة.
التحديّات
بشأن ما يعرقل متابعة هذه القضايا، ذكر القاضي نبيل كريم، أن القضاء يواجه تحديات كبيرة في متابعة قضايا تهريب الآثار ولأسباب كثيرة منها صعوبة تتبع الآثار المهربة والنقص في الأدلة إضافة إلى التعاون الدولي المحدود، لا سيما أن أغلب جرائم تهريب الآثار تتم عبر شبكات دولية معقدة مما يجعل تعقبها صعبا.
وأشار إلى أن اختلاف التشريعات بين الدول من الأسباب التي تمثل تحدياً في تتبع الآثار المهربة، وكذلك ضعف الموارد البشرية والتقنيات الحديثة في تتبع الآثار".
لذلك، يعتقد كريم أن التعاون بين القضاء والسلطات الأخرى في مكافحة جرائم الآثار يعد أساسيا لضمان حماية التراث الثقافي ومنع تهريبه أو تدميره.
يشمل التعاون الأجهزة القضائية والتنفيذية والأمنية والجهات الدولية، وهو أمر يحتاج دعماً كبيراً لتحقيق نتائج ملموسة.
استعادة الآثار
استعرض كريم خلال اللقاء عددا من إنجازات العراق في استعادة آثاره المسلوبة والمهربّة.
منها ما حدث عام 2021 باستعادة لوح كلكامش الذي كان يعرض في متحف في العاصمة الأميركية واشنطن، بعد أن تم رفع دعوى قانونية أثبتت تهريبه.
خلال العام نفسه استعاد العراق 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة عبر التعاون مع السلطات الأميركية بناء على وثائق رسمية.
كما استعادت بلاد الرافدين آلاف القطع التي تعود للحضارات السومرية والبابلية من أوروبا، بالتعاون مع السلطات في بريطانيا وفرنسا ودول أخرى.
وقدر كريم حجم ما تم استرداده من الآثار في العقد الأخير بنحو 23 ألف قطعة تقريبا، كانت كالآتي:
2017: أعادت فرنسا 3500 قطعة أثرية، وألمانيا 150 قطعة
2019: استعادة 700 قطعة من المملكة المتحدة و2000من عدة دول مختلفة.
2021: استعادة 17 ألف قطعة أثرية من الولايات المتحدة ضمت ألواحاً مسمارية وتماثيل وأدوات من حضارات العراق القديمة.
واختتم كريم حديثه بالقول إن العراق ما زال يضغط على المتاحف والمواقع العالمية التي تعرض الآثار من خلال حملات دولية لفضح عمليات تهريب الآثار ومنع التداول التجاري عن طريق طلب إيقاف بيع الآثار العراقية في المزادات العالمية.