لمْ أكُنْ أعلمُ إنْ الفرحة الميتة، المصاحبة لحديثنا في اللقاءِ الأول، ستعود بيوم من الأيام .. فقد ماتت تلك الإبتسامة العفوية، والنظرة الخجولة، ودقات القلب السريعة، ورجفة البدن، الذي لم استطع السيطرة عليه حينها، واقنعت القلب والعقل بإنها توفيت، ودفنت في لحدِ الذكريات، متوشحة بكفن الحزن والألم، وخطت على لوحة القبر (انتقلت الى رحمة الله امنياتي وسعادتي واملي وأفراحي) وكتب تاريخ الوفاة، آخر لقاءٍ بيننا.
اختفاؤك قتل الروح، واقتلعها من داخلي، كشجرة اجتثت من فوق الأرض، وجف الماء من عروقها، واصبحت حطاماً ممزقاً، لا تنتظر سوى حطّاباً ماراً يحملها؛ لتحول جمراً، ولم اكن اعرف ان هذه الشجرة، تحمل بقايا بذور، تنتظر سقوطها في التربة، لتنمو من جديد.
وفجأة .. وإذا بهاتفي الذي جعلته صامتاً من ذلك الوقت، يرتج إهتزازاً؛ ليخبرني بقدوم طلب صداقة، لم اهتم كثيراً للأمر، كون قائمة الأصدقاء قد وصلت الحد المقرر، اغلقت الهاتف لإرجعه لموضعه، واذا بشعور ينمو بداخلي، طالباً مني الدخول لهذه الصفحة، لمعرفة من خلفها، حذفت احد المتابعين لإوافق على الطلب، وبعد لحظات .. فوجئت برسالة ترسل الي من صاحب الطلب كانت من خمس حروف، (مرحباً)، كانت تلك الحروف كعاصفة في يومٍ ممطرٍ، حركت الشجرة الميتة، لتسقط البذور ارضاً، وتسقى من قطرات المطر، لتنبت فرحة جديدة، كتلك الفرحة الميتة، وربما اكثر، اتصلت للتأكد ولرأية وجهه الذي فارقني لسنين عجاف، فلم اجد الا قمراً اكتمل اللحظة.
فتيقنت ان الحب والمشاعر مهما اضحملت، لكنها لن تنتهي، ولن تغادر القلب، بل ستحجز مكاناً، لحجرِ نفسها، كحجرنا لإنفسنا في هذه الأيام، خوفاً من كورونا، وهاهي فرحتي الميتة، عادت لها الحياة هذه الليلة، لإقضي اجمل وارق وافضل ليلةٍ في هذا العام المشؤوم.