العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية هيزاوا      الحضور المسيحيّ في مدينة العمارة العراقيّة بين الأمس واليوم      البطريرك ساكو يزور المطران جان سليمان      قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل سعادة نائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سورية السيدة نجاة رشدي      المشهد يتكرّر… انتشار الفوضى يثير قلق مسيحيّي سوريا      رؤساء الكنائس في حلب يلتقون برئيس بعثة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سورية      غبطة البطريرك ساكو يستقبل نائبة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط والوفد المرافق      حجّ وتأمّلات في روما بمناسبة أسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين      قداسة البطريرك أفرام الثاني يستقبل وفدًا من المنظمة الآثورية الديمقراطية      رسالة التهنئة التي بعثها قداسة البطريرك مار آوا الثالث إلى فخامة العماد جوزيف عون، رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة      البطريرك الراعي: خطاب القسم قدّم رؤية وطنيّة جديدة      لحياة أكثر هدوءاً وعدوانية أقل... تناول هذا المكمل الغذائي      زر الهدنة في غزة، بين الـ"On" والـ"Off" تختفي الحقيقة      دراسة: محركات البحث تغذي الذكاء الاصطناعي بمعلومات "مضللة وعنصرية"      هيومن رايتس ووتش تنتقد "القوانين القمعية" في العراق والافلات من العقاب وغیاب العدالة      ديوان رئاسة اقليم كوردستان: بريطانيا أكدت مواصلة مهمتها بالعراق ومع قوات البيشمركة      واشنطن تحذر من "قنبلة موقوتة" قرب العراق      جحيم لوس أنجلوس.. حديث عن لغز "حريق باليسايدس"      ريال مدريد يصالح جماهيره بفوز مثير على سيلتا فيغو      الفاتيكان: البابا فرنسيس يسقط ويصاب بكدمة في ساعده الأيمن
| مشاهدات : 364 | مشاركات: 0 | 2025-01-17 07:02:57 |

من كتابي

نبيل يونس دمان

 

 

     أصبحنا في فقر مدقع وعبثا أقنعنا الوالد بالذهاب للعمل في احدى المدن لان النزول يكون بورقة من مدير الناحية وهم على الاكثر لا يصدقون كلامه، ارسلنا رسالة الى خالي جلال بتدبير شيء، فأبرق لنا في القوش بضرورة نزول يونس دمان الى بغداد فالشركة الفلانية تدعوه للعمل فيها فورمن نجارين. اخذ والدي البرقية الى الناحية فصدقوا فحواها واعطوه عدم تعرض كي يغادر البلدة للعمل في بغداد. كانت والدتي مدبرة جيدة، فعندما نقلت المعلمة سورية (سهام) يونس قيا من قلعة- دزة الى المدرسة الابتدائية للبنات في القوش، واصبحت بعد فترة وجيزة مديرتها، اسكنّاها في إحدى غرف البيت، واهلها كانوا يعيشون في الموصل. في إحدى ليالي الشتاء وتحديدا ليلة عيد رأس السنة، عزمَنا عمي كامل الى بيتهم لقضاء تلك الليلة، وكان معي والدتي واختي سعاد والمعلمة سورية، كانت الجدة قد هيأت موقداً فخماً وادخلته قبل المغرب الى الغرفة، واسدلت الستائر واغلقت الأبواب والشبابيك، فعند اقتراب منتصف الليل شعرتُ بالدوار، فخرجتُ عدة مرات الى حوش البيت، والسماء مرصعة بالنجوم والجو بارد، وعند عودتنا الى البيت، سقطت والدتي على الارض بقوة وأغمي عليها، فصارت المعلمة تجري محاولات إسعافها، وأنا هرعت لإبلاغ بيت عمي، وبعد سلامتها عرفنا السبب، وكان التسمم بغاز أول أوكسيد الكاربون من موقد الفحم. كان الانصار المقاتلين يزورون المعلمة سورية ومنهم سادونا عيسى رشو و كامل هرمز كادو ربما كان الاتصال معها سياسياً، اتذكر يوماً قرأتْ لنا قصيدة كتبَتها للشهيد بطرس هرمز جركو مطلعها:

دم الشهيد ينادي.... الثأر يا ابناء بلادي

 بعد فترة شعرنا بوجود علاقة بينها وبين جارنا أدور شمعون كَردي، وتبين انه يحبها فخطبها وتزوجا، وكانت حالة غريبة ان تتزوج مديرة مدرسة بعامل لحام!! وانطبقت عليها الاغنية الشهيرة( ما ريد معلم وما ريد معاشو،غدَ يبطلونو ويبيع فراشو، اريدلي عامل وأبوس كلاشو....).

     وفي نفس تلك السنة، تحديدا يوم 24-9- 1963 والجو مكفهر ينذر بالموت، أجبِرنا نحن التلاميذ الصغار ان نحضر وقائع جريمة ارتكبت على تراب بلدتي، في اعدام الثائر حميد الياس حنو، وفي الطريق الى ساحة مار قرداغ استطعت ان اتخلص من المسيرة وارجع الى البيت، دون ان تطاوعني نفسي وانا طفل ان احضر مراسم لا زال وقعها في نفسي شديداً، عند تذكري تلك المشنقة التي جلبت قبل ايام من الموصل والحبل متدلٍ منها. في تلك الايام السوداء احرقت العديد من بيوت الملتحقين بالأنصار وهُجرت عوائلهم الى القرى والأرياف، كنوع من استبداد السلطة والضغط على هؤلاء الشبان الذين رفعوا السلاح بوجهها. احد الملتحقين واسمه توما موسى حنطية، هجّرت عائلته ومنهم والده المعوق موسى، عندما عبروا آخر وادي واشرفوا على قرية بوزان الأيزيدية المجاورة، شوهدت مجموعة من الفلاحين او رجال الأيزيدية متجهة نحو القوش، عرف العم موسى احدهم فناداه بإسمه" بسّي، وو بسّي" اي يا بسّي، فاجاب: " بلي مام موسى بيجا" بالكردية ومعناها" نعم عمي موسى قل ما لديك"، قال موسى: " جاركا دي وو بيسي" ، اي مرة اخرى: يا بسي، قال: " بلي بلي مام موسى دبيجا" عندها قال له ما معناها بالعربية: هل انت ذاهب الى القوش، قال نعم، قال" بيجا بو حُكمَت، موسى دبيجيت ام جناوني" قل للحكومة موسى يقول: انا افعل كذا بنسائكم، فضحك بسّي قائلاً " ألم تأت الآن من القوش يا عم موسى" ، قال: نعم، قال: " عندما كنت هناك وطردوك مع عائلتك واولادك، لماذا لم تشتمهم في حينها؟ والآن تترك الموضوع عليّ وبالتالي انال ما لا يُحمد عقباه" فسكت العم موسى على مضض ومضى كلٌّ في سبيله. ويوماً تواجد موسى في قرية بيبان فسأله معلموا المدرسة (غالبيتهم من القوش) عن الوضع في القوش فاختصره بكلمة سيء (چَپَّل) وهو يمط الحرف الوسطي السرياني كثيراً، فذهبت مثلاً يتداوله الناس الى يومنا هذا.

     في شتاء ذلك العام مارستُ نوع من العمل المساعد لأمي في جلب الحطب من الجبل، فكنت برفقة اقارب واصدقاء نجمع العيدان الصغيرة ليلتهمها تنور الخبز فيما بعد، وسمعت في البيت حكاية طلب اصدقاء محلة اودو من ابن العم بحو ان يروي حكاية يعرفها فقال بعد إلحاحهم" قيل ان ابن ملك ذهب يوماً الى الجبل للتحطيب" وكان والده فوق السطح يسمع فصاح من مكانه: توقف توقف، كيف ولماذا يذهب ابن الملك للحطب، فوقف ولم يواصل حكايته. حكايات الحطب والحطابين كثيرة، باستخدام آلة صغيرة حادة (جووذه) تقطع الاغصان والغصينات، اما الفأس( ܢܪܓܐ) وله مقبض خشبي طويل فبواسطته تلقى الاشجار من علوها لدرء برودة الشتاء في اعالي الجبال، وتتوالى ضربات الفأس( بالكردية بِبِر) واحياناً يلفظ الشاب مفتول العضلات حرف(ح ) مشدداً مكررا مع كل ضربة فيعطي لها صدى، وتتضاعف قوة ضربته التالية، الى ان يحول ساق الشجرة العنيد في البداية، الى قطع صغيرة تلتهمها المدافئ طوال الليل.
     اثنين من اقربائي كانت تبعثهم امهم الى جبل القوش لجلب الحطب وتقول كان احدهم يحمّل نفسه اكثر من اللازم فيرمي تدريجياً حطبه في طريق العودة وفي النهاية لا يجلب شيئا، اما الثاني فيجمع (كرْتا ܟܪܬܐ) او مجموعة عيدان مناسبة ويطير بها الى البيت. حطاب آخر حمّل حماره كمية أكثر من طاقته، فانحرف عن الطريق الضيق فركض خلفه صائحاً " هوش، هشّووش، وشّا وَرا" وهي نوع من مخاطبات اهل القوش للحمار بالقول: كْرْش ليأت، وبَرّا ليستدير، وهِشّوش ليتوقف، وغيرها، ولكن الحمار لم يتوقف فانقلب تحت وطأة الثقل وتدحرج نحو الوادي السحيق وكانت نهايته. وقف الحطاب فترة من الوقت صامتاً مُتاثراً ثم رمى آلة القطع من يده (الجووذه) وبكل ما امتلك من قوة لتستقر قرب جثة الحمار، وردد مع نفسه قائلا: لقد ارتحت يا حماري في نومك الابدي، لكنك احرقت قلبي فمن سينقل لي حطبي في الايام المقبلة وانشد بالسريانية:
غلطلُخ بأرخَه ولَيْ أيذيلُخْ ......... أودِيُّخْ مَّرْثُخْ مْخيلُخْ
ومعناها: اخطأت في الطريق ولم تنتبه، فآذيت صاحبك شر أذاء. قصة طالعتها في كتاب (قرية على سفح الجبل) لمؤلفه بهاء الدين نوري، وفيها يذكر عن أحد الحطابين، اثناء عودته الى البيت وتحت وطأة الحمل والتعب الذي يعانيه، اقسم بالطلاق ان يجامع امرأته والحمل على ظهره، وعند وصوله الى باب البيت حاول الدخول لتنفيذ ما اقسم من اجله، لكنه لم يستطع الدخول لضيق الباب قياسا بالحمل فظل معلقا وهو لا يود طلاق ام اولاده، فدعي امام القرية وصارحه بما أقدم عليه، وكان الملا متنورا فحل الاشكال دون ان تطلّق المرأة التي لم ترتكب اية جناية.

     في ربيع عام 1964 زار عمي كامل بغداد، وخطب فتاة اسمها سميرة سليمان ياقونا وكانوا يسكنون في منطقة عقد النصارى، وفي صيف ذلك العام تزوجا، لا زلت اتذكر جيدا تم توزيع نتائج البكالوريا في يوم السبت قبل مراسيم الزواج، وذهبت بسرعة الى بيت مديري وديع حنا كجو واستلمت النتيجة بإجتياز المرحلة الابتدائية فأصبحت الفرحة فرحتين، كان مكان الحفل حوش البيت، فقطعنا بعض الشجيرات لفسح المجال امام الدبكات المنعقدة من الأقارب والأصدقاء، كثيرون من الشباب ارتدوا الزي الشعبي الجميل واكتظت اسطح بيتنا والبيوت المجاورة بالمدعوين وكانت فترة هدنة في معارك الشمال، فحضر العديد من المقاتلين في صفوف الثورة الكردية، منهم عبد الله عقراوي الذي كان يهتم بهندامه ويلف صفوفاً طويلة من الرصاص على جسمه، وعندما لعبت الخمرة في رأسه، صعد فوق الطاولة وادى رقصة جميلة على انغام الزورنة، واشتهرت تلك النغمة باسم (شيش كباب) ، وفي الحفل ايضا كان حاضراً فاروق سعيد بك احد امراء الأيزيدية، وحضر ايضا موظفي الناحية، واتذكر كيف سكر غالبيتهم، ومنهم الموظف البلدي شاكر محمود، في تلك الحفلة كان نافع اسحق جنو الطالب في كلية الطب- بغداد مرتدياً الزي الشعبي (شاله وشبوك)، حدثت بعض الإشكالات في الحفل كعادة كل الحفلات واغلبها بسبب تغيير نوع الدبكة او على نوع الموسيقي التي يؤديها عازف المزمار الأيزيدي علي حسن رشمالو.

     في احتفال 14 تموز لذلك العام لم يعد جماهيريا، والناس لم تعد تأبه الاحتفال به، والتحضير ووضع البرامج كما في السابق، لذلك قام مركز الشرطة بجلب راقصات من الموصل، ليؤدوا فناً غير مألوفاً، بل هابطاً في البلدة، فتجمع عدد قليل من الناس، لم ازل اذكر نزول جارنا البقال اسحق ربان فرقص مع احدى الراقصات، وبلغ الرقص اوجه امام بيت الياس أفندي، ثم انتهى الاحتفال، وكان اغلب الحضور موظفي الناحية والشرطة المحلية.

دليل الصور:

١- زواج كامل دمان وسميرة ياقونا في القوش- تموز ١٩٦٤

٢- مراسم عقد الزواج في كنيسة ماركوركيس

٣- كامل دمان وصديقه الموصلي شاكر محمود

٤- عازف المزمار حسن رشمالو والد عليكو من قرية سريشكا الأيزيدية القريبة من القوش

 











أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5476 ثانية