إفعل بّي ما تشاء، لّن الومك، أقتلني ومزقّني، سأتلذذ بمعانقة خناجرك، وهي تشق طريقها في بدني، وتفجّر الدماء، فعسى ان تخبرك تلك القطرات الحمراء السائلة، بمكانتك في مضختها التي تدفع الدّم تجاهك، مهما عملتْ وصنعتْ، استحق كل انواع العقاب، وانا راضٍ به؛ لإندم على ذنبي، لكن لا تعاقبني بهجرانك وبعدك عني، لا تجعل قلبي كقلب تلك الأم التي بعثت أبنها الوحيد، وفلذة كبدها، لجبهات القتال، للدفاع عن بلده، وفقد في المعركة، ستظل مذبوحة طوال دهرها، وسيبقى طيفه يعانقها في سنواتها التي تعد ايامها، وكل يوم يفعل بها ما يفعله، لا تريد سوى جثته لتستنشق بقايا عطره، وستجازى في النهاية بمصافحة قادة البلدين المتخاصّمين.
غيابُكْ، حطمني وكسرني، وأذبّل ملامحي، كتلك الزهرة التي ذبلتْ وإختفى عطرها بقطعها، غيابُكْ، اعدم الروح بداخلي شنقاً حتى الموت، ظلماً دون محكمة أو قراراً من قاضي، ليجعلني جسداً متحركاً تائهاً في طريقٍ مظلماً شديد العتمة، لا نهاية له، ومن جانبي الطريق وحوش وحيوانات مفترسة وجائعة، تنتظر ماراً، غيابُكْ، جعل العقل يبكي ليلاً ونهاراً باحثاً عن سبب تخليك عني، يفتش في اوراق الذكريات المتروكة منذ عشرات السنين، والتي اصفرت وانمحى حبرها، دون العثور عن اي سبب يفسر تصرفاتك معي.
لقد أخطأ العالم الفيزيائي نيوتن حين قال بقانونه الثالث (لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار وعكسه في الأتجاه) فتصرفاتك تبرهن عدم صحة كلامه، فقد كنت معك بإجمل ما يمكن، اخفي اوجاعي واظهر لك إبتسامتي، وانا بإقصى حالات الإعياء.
غيابُكْ .. أشد ما يكون.