الفنانة سوسن نجار القادمة من امريكا تزور قناة عشتار الفضائية في دهوك      رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يلتقي نخبة من الجالية العراقية في المركز الكلداني العراقي بميشيغان      أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      سنتكوم: الولايات المتحدة لم تشن ضربات جوية في العراق      الكونغرس الأمريكي يوافق على تمديد برنامج التنصت على مواطني دول أخرى      هل تنقل سماعات الأذن بياناتك الشخصية؟      بوكيتينو وغوارديولا.. حديث عن "تعويذة تشلسي" يشعل الأجواء      البابا يستقبل أعضاء "الشبكة الوطنية لمدارس السلام"      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب
| مشاهدات : 1157 | مشاركات: 0 | 2020-05-10 10:26:12 |

في الزمن الصعب يسهل التمييز بين بيئة نظيفة وبيئة وسخة

لويس اقليمس

 

لويس إقليمس

 بغداد، في 3 أيار 2020

خلقت جائحة كورونا أشكالاً غريبة من التعامل البشري، منها ما هو سلبيّ في حدود سياسته وآثاره الإنسانية والمناطقبة والعالمية، وغيرُه ما جنتْ البشرية نتيجتَه من منافع متغيرة في أشكالها المادية والفكرية والعلمية والمجتمعية هي الأخرى وفقًا لمقاييس كلّ مجتمع. كما أتاح طاعون العصر هذا، فسحة ولو مؤقتة  للطبيعة كي تحسّن من بيئتها المريضة والملوثة بفضل ما جلبته اجراءات الحجر القسري من تحسّن واضح فيها بسبب ترسبات الملوثات النووية والنفطية والكيمياوية الناجمة عن تشغيل مفاعلات ومصافي ومصانع ووسائل نقل متنوعة اعتادت الحركة اللولبية جوًا وبحرًا وبرًّا. ولعلَّ هذا يسجل كأفضل ما استطاعت أن تجنيه الأرضُ المتعبة لنفسها، بما لها وما عليها وفيها من عناصر الطبيعة بفضل التحسن الواضح في بيئتها نتيجةً لمنافع الشلل الجزئي الذي ضربَ حياة البشر بسبب الجائحة. فكان من ضمن نتائجها الحسنة، الإنعامُ على مناطق واسعة من العالم بشيء من الراحة والهدوء في الكثير من مفاصل الحياة الطبيعية والصناعية والاجتماعية في هذه الفترة العصيبة من حياة البشر نتيجة الاستغلال الكافر لأدواتها. يُضاف إليها شذراتٌ من نعمٍ أخرى جمعت بين صفاء السماء وهدوء حالة الشارع الساخن التي تعودنا عليها بسبب الصمت الإجباريٍّ لأزيز المحركات وضوضاء المكائن وحركة البشر. فأينما تطلّع الإنسانُ وتأمّلَ ما حوله سيجد أجواءً شبه صافية مغايرة عمّا كانت عليه قبل حلول الجائحة، وبيئة مختلفة ولو جزئيًا في بعض تفاصيلها النوعية ولو إلى حينٍ. فلا المؤتمرات المتلاحقة ولا الاجتماعات الكثيرة فيما مضى، كُتب لها أن تسمح بمثل هذه النظافة والنقاء في بيئة الأرض مثلما شهدناه في عهد كورونا. وحدها كورونا كانت الأكثر تأثيرًا والأقوى تطبيقًا في كلّ هذا وذاك لمفاهيم نظافة البيئة. مفارقة عجيبة!

مقابل كلّ  هذل التحسّن القسريّ في بيئة الطبيعة كانَ من المفترض مرافقته بتحسّن في شكل البشر وفكر الأمم وخبرة الشعوب وتعامل الدول مع بعضها بروح أكثر تساميًا وأنبلَ تسامحًا وأفضل انفتاحًا وأقرب محبة مع بعضها البعض ضمن مجتمعاتها ومع  الغير في أرجاء العالم. فكلّ وباء وكلّ مرضٍ مستعصٍ وكلّ ضائقة بشبه المعضلة التي يُستعصى حلُّها على أيدي بشرية ضعيفة محدودة القدرة والمعالجة مقارنة مع قدرة السماء وجبروت الخالق، كان يُفترض بها أن تلقى تغييرًا في سلوك البشر أصحاب "العين القوية" و"النفس الأمّارة بالسوء"، وتشهد تعديلاً وتحسنًا في التعامل فيما بينها لغاية التعاون والتآزر والتضامن بغية الوصول إلى ما من شأنه معالجة مثل هذه الأوجاع والأمراض والأزمات المستعصية. لكنّ البيئة البشرية بالرغم من كلّ هذه الهواجس الواقعية من الحياة، والمخاوف من ملاقاة الأسوأ، ظلّتْ وسخة في أفكارها ونتنة في سياساتها وأنانية في البحث عن مصالحها، وضيقة الرؤى في العثور على مخارج مقبولة في حدودها الدنيا خلاصًا من الواقع المرّ وطلبًا للتغيير الإيجابيّ في مجالات  الحياة المتنوعة. وشتّان ما بين الأبيض الإيجابيّ والأسود السلبيّ، ورفضًا لكلّ ما ظهرَ رماديًا في السلوك والفكر والرؤية والمعالجة.

 

بيئة وسخة لساسة العراق

            لو لوحظ شيءٌ من نظافةٍ وتحسّنٍ في بيئة العراق فيما تم اتخاذه من إجراءات ومتابعات من قبل خلية الأزمة وحُسب بالتالي إيجابًا، إلاّ أنه من المؤسف أن البيئة السياسية في العراق لم تتحسن ولم تتغير ولم تتحرّك نحو الأفضل بل ظلّت حبيسة المصالح الضيقة التي رسم لها الساسة الطارئون وحكوماتُ البلاد المتعاقبة خطوطَها الأساسية الانتهازية ومشاريعها الوهمية النتنة. فظلت البلاد منذ السقوط في 2003 أسيرة المنافع والمكاسب والدكاكين الاقتصادية لأحزاب السلطة التي تربعت على عروش الوسائل الجهنمية في كيفية نهب الثروات وقنص الفرص وتفريغ الخزينة بتأثير الأيادي المغرضة اللاّوطنية التي كتبت بنود الدستور الأعرج والقوانين الكثيرة اللاحقة التي سُنّتْ لمصلحة الفئة الحاكمة بتأثيرٍ من معظم أعضاء المجالس النيابية التي تعاقبت على المشهد السياسي في البلاد. فجاءت هذه المجالس مثقلة بالفساد وأدوات التزوير حينًا، والمحاباة والصمت حينًا آخر إزاء كوارث مالية واقتصادية وسياسية واجتماعية على السواء. وبالرغم من تعدّد الأزمات في بلاد الخير والحضارة والنخوة، وغياب الرؤية الصحيحة لساسة الصدفة في التعامل مع أزمات البلاد المتلاحقة منذ الغزو الأمريكي، وإيغال جهات طارئة لا تمتّ بصلة لسمة المواطنة في سياسة إسقاط البلاد في قبضة الجارة الشرقية الطامعة، والإيمان المطلق لدى أطراف بعينها بولائها غير قابل النقاش لدول من خارج الأسوار الوطنية، إلاّ أنّه لم تبدر من معظم ساسة البلاد ونواب الشعب أية بوادر للإصلاح الحقيقي ولمّ التشرذم في المواقف والعودة بالوطن وأهله إلى سكة التنمية والاستقرار كي تلتئم حول جراحه الكثيرة وتستعجل في إدارة شؤون البلاد والعباد بما يرضي الله والشعب والضمير بدل الانجراف في سجالات ومماحكات وخلافات على مناصب ومكاسب ومنافع تهدف للإبقاء على الأوضاع الشاذة القائمة ما تسنّى لها من وقت حتى لو حصل هذا على حساب جماجم الشهداء وفوق جراحات الأبرياء ورغمًا عن جوع الفقراء وآهات الزمن الغادر. فالزمن لا ينتظرُ أحدًا، وهو  يسير بسرعة وسط تفاقم الأزمات وغياب بوادر إيجابية حكومية لا يُرتجى من وراء اجتماعات لجانها ما يُثلج الصدور. فقد اعتاد الشعب المسكين على سماعها والحديث عنها سواءً في الحكومات الفاشلة السابقة أو في زمن حكومة تصريف الأعمال الكارثية. كما لا نترجى شيئًا إيجابيًا حقيقيًا في الحكومة القادمة لأنها واقعة حتمًا في فخاخ ساسة المحاصصة والفاسدين من زعماء أحزاب السلطة ومَن والاهم من ميليشيات وجماعات اتخذت من ترهيب العامة والمعترضين سبيلاً وأداة للقمع وإسكات صوت الحق. وكلّ ما استطاع ساسةُ البلاد فعلَه وإنجازَه بنجاح منقطع النظير ضمانُهم تأمينَ مستقبلهم ومستقبل أحفاد أحفادهم من بعدهم بفعل ما اكتنزوه من مكاسب وأموال من السحت الحرام وسرقات المال العام ووضع اليد على عقارات الدولة والسطو على أراضيها. أمّا حالُ الشعب المهضوم والشارع المستنجد وأفواه الأرانب الفارغة، فليست بتلك الأهمية، كما يرى ذلك بعض الساسة ويصدر عن مراجع ومن وعاظ السلاطين من الانتهازيين ومن سارقي الخُمس والمترَفين على حساب الفقراء والضاحكين على عَبَدة المزارات.

عن حقيقة الأزمة الاقتصادية الكارثية التي يتعرض لها العراق في ضوء جائحة كورونا، فكلُّ ما يمكن قوله أنّ الحكومات المتلاحقة الفاشلة بامتياز قد تعوّدت تقسيم ميزانيات البلاد منذ السقوط وفق التمثيل النيابي المزوّر في توزيع المناصب وتحديد النفقات والمصاريف والنثريات فيما بين الكتل السياسية بحسب موالاتها للحكومات التوافقية، و"البرمكة" بغيرها من المكرمات والهدايا والعطايا (من هذا المال، حمّل جمال) على الحبايب والخلاّن والأتباع من جيوش صناديق الاقتراع من أمثال جماعات رفحاء وأصحاب الجهاد المستهلَك وأرباب النضال السياسي الزائف ضدّ النظام السابق من شمال البلاد إلى جنوبه، وأشكال الذيول والأتباع والروزخونات الكثيرة التي صار لها وقعٌ في حياة الحكومات الطائفية المتلاحقة بردائها الجديد الذي يتيح لهؤلاء وبواسطتهم إدامةَ الولاء لمراجع دينية معينة أو لزعامات سياسية يُؤخذُ عليها الخنوع لسياسة دول الجوار لقاء بقاء الأوضاع على ما هي عليه ما شاءت الأقدار ذلك. وقد تركت الطبقة السياسية سياسة البلاد الاقتصادية على المحك من دون استراتيجية أو تخطيط يحسب حسابًا للزمن الغادر وللأوقات الصعبة. وقد وقع الفأس على الرأس ولن يكون في مقدور الحكومة، أية حكومة، في ضوء واقع الحال الناجم عن الانهيار الفظيع في مصدر الاقتصاد الريعي للبلاد أن تواجه هذا الانحدار والنقص في السيولة النقدية والمالية. وهذا ما حذّر منه الحكماء وخبراء القطاع الخاص والأمناء من الاستشاريين في موقاع الدولة المتعددة. ولكن المؤسف أنه لمْ يتم الاصغاء لصوتهم الصارخ، فوقع المحذور وكانت الحيرة وعلامات الاستفهام عمّن كان السبب في كلّ هذا وذاك. فكما يبدو، أنّ كبار القوم ممّن في السلطة وأحزابها، لا يهمّ في نظر هؤلاء إنْ كان عامة الشعب من الفقراء والجوعى والعطشى ومرتادي القمامة وساكني بيوت الصفيح وكسبة القوت اليومي بفضل ممارسة خدمة الدعارة أو الاستجداء وما سواهما من دونية الأعمال. بل الأهمّ بقاءُ هذه الشرائح البسيطة الساذجة على ولائها الأعمى للمرجع المترفّه والسياسيّ الفاسد والأسياد في الداخل ومن خارج الأسوار!!!

وسط هذه البيئة الوسخة الساعية لإدامة صناعة السياسة العراقية الولائية الفاشلة التي تهيمن عليها أحزابُ الإسلام السياسي الشيعي الناطقة باسم ولاية الفقيه أكثر من غيرها من بقية ساسة البلاد الانتهازيين المتبقين الذين لا يقلّون فسادًا وإفسادًا في الأرض، ومن عقر دار العراق المغضوب عليه منذ الأزمان والدهور، كنا نتوقع شيئًا من الرأفة والرحمة بحق الشعب الذي سلّمَ أمرَه طوعًا أو مرغمًا في لحظة من الزمن لزعامات خذلته منذ اللحظات الأولى لتوليها السلطة إيمانًا منه بإمكانية الإصلاح والتغيير اللذين لم ولن يتحققا ببقاء ذات الوجوه وتدويرها في المشهد السياسي الفاشل. وزادت من ذلك كلّه خيانة هذه الطبقة السياسية للأمانة الوطنية بنهبها ثروات الشعب منذ توليها السلطة على مرأى ومسمع منه ومن المجتمع الدولي ومن راعي العملية السياسية نفسه الذي اختار هذه الزعامات وأتى ببعضها على ظهور دباباته بحجة بناء ديمقراطية على طريقة الكاوبوي الأمريكي. فكانت النتيجة الحتمية حصادُنا الخيبة والخذلان والإفلاس، والأكثر من هذا وذاك فقدان كرامة الوطن وضياع الحقوق وزيادة في دماء الشهداء ودموع الثكالى.

 

هل من ضوء في نهاية النفق؟

لقد بلغ السيل الزبى ونفذ صبرُ المؤمنين بالوطن وطال انتظارُ أصحاب الحق، لكنهم مازالوا يؤمنون ببزوغ فجر جديدٍ للحرية الحقيقية المؤمنة بالوطن والشعب والأرض والحضارة والتاريخ، ويتطلعون لرؤية الضوء في نهاية النفق إيمانًا منهم بوضع حدّ  للمعاناة التي قد تطول بعدُ أيامًا وأسابيع وربّما أشهرًا، طالما ظلّت ذات العقلية السياسية تتصدّر المشهد وبقيت الأعين ترنو لإدامة المصالح الذاتية والطائفية بعيدًا عن الاهتمام الوطني وشعورًا بحاجة المواطن. كما سيبقى البلد أسيرًا ذليلاً للمال والثروة الريعية الواردة من مبيعات النفط غير المستقرة والتي تتبخر بفعل ديمومة فساد أحزاب السلطة وعدم إيلاء الحكومات التي تتشكل من أوساطهم ما يستدعي الاهتمام المطلوب في سياسات البلاد الاقتصادية الرصينة من خلال الإبقاء على ذات الوجوه الاستشارية والإدارية الانتهازية المستفيدة من الوضع القائم. كما ستبقى عائدات النفط هدف الفاسدين والمتمرّسين منهم بصورة خاصة تاركين باقي المنافذ والأبواب الداعمة للسياسة النقدية من منافذ حدودية برية وبحرية ومطارات ودوائر ضريبية وكمارك خارج سيطرة الحكومة المركزية وبيد مَن يواليهم ويؤيدهم من الأتباع ومن وعاظ السلاطين. فهؤلاء إلى جانب هذه المنافذ التي تدرّ عسلاً وذهبًا، قد استطابوا السطوة على شيء كثير من نفوط البلاد، كلّ بحسب منطقته ونفوذه بالاعتماد على أتباعه ومواليه الانتهازيين من الذين اعتادوا الغرف من السحت الحرام على مرأى من زعماء الأحزاب وتحت غطائهم وفي ظلّ خيمتهم الحمائية التي يخشى ما تبقى من الوطنيين في البلاد الاقتراب من هؤلاء اللصوص والحرامية. حتى لجان النزاهة والرقابة بمن فيهم السلطة القضائية ماتزال تتردّد في الاقتراب من عرين هذه الزعامات ومن بؤر دوائرها الاقتصادية والمالية التي ماتزال قائمة وتعمل بوتائر عالية بالرغم من الادّعاءات الكاذبة باختفائها. ومن نتائج هذه المخاوف، ما يتردّدُ هذه الأيام من وجود ضغوط شديدة وهجوم غير مسبوق من ساسة ومسؤولين حاليين وسابقين في المشهد السياسي على دوائر القضاء ورجاله بغية إحباط جهوده وأنشطته في متابعة ملفات الفساد وملاحقة الفاسدين عبر صدّه عن القيام بدوره ومسؤولياته العدلية.

كما لا يمكن السكوت دهرًا لينطق المواطنُ الحقيقي، أو ما تبقى من شكل وصورة هذا المواطن، كفرًا حيال ما يجري. فبالرغم من بقاء الشعب الصابر الصاغر ساكتًا صامتًا لا يقوى أن ينبس ببنت شفة بسبب أدوات القهر والرعب والتهديد بالثبور وفقد حور العين والخشية من خسارة المنافع التي ينبّهُ إليها وكلاءُ المرجعيات الدينية المتنوعة وتحذّر منها أحزاب السلطة بمناسبة وبدونها، وكذا أدواتُهم من الميليشيات والجماعات المسلحة التي تعمل تحت إمرتهم بتوجيه من خارج الأسوار، وتخوينهم لكلّ مَن لا يقدم ولاء الطاعة للزعامات المفروضة، إلاّ أنّه لم يرفّ جفنٌ لجميع أدوات القهر القائمة وشخوص الحكم الفاسد التي سطت على مقدرات البلاد. والأنكى من ذلك، أن هذه الفئات راحت تلعب مؤخرًا بورقتها الأخيرة في سعيٍ منها لإدامة الحكم وإطالة وجوه الفاسدين وتدويرهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً حفاظًا على مكتسباتهم ومكتسبات الطرف الإقليمي الذي يدعم وجودهم وكيانهم ويضمن إنقاذهم من الحساب وإفلاتهم من العقوبة في حالة تغيير قواعد اللعبة وإعلان ساعة الصفر بفجر جديد مرتقب. حتى في أشدّ الأزمة التي خلقتها الجائحة كورونا وتعرّض البلاد إلى كارثة اقتصادية ونقدية ومالية مقبلة لا محال، بسبب نقص السيولة وتعثّر الواردات المعتمدة أساسًا على عائدات ريعية عبرعمليات بيع النفط غير المستقرّة، لم نلحظ ذلك الحرص المطلوب من الجهات الحكومية في محاسبة المخالفين للتعليمات الصحية من جانب أو في اعتماد سياسة نقدية واقتصادية طارئة مبنية على استراتيجية فاعلة تنفع لهذا الزمن الصعب. فالخبراء يتحدثون ومثلُهم من المسؤولين والمستشارين في الدولة وخارجها من  الذين بيدهم بعض مفاتيح السياسة الاستشارية والتأثير في الأحداث يعلنون عن آراء ومقترحات، ولكن من غير فعلٍ تنفيذيّ من جانب الحكومات المكبلة بمصالح أحزاب السلطة ومكاسب زعمائها والمتأثرة بتقاطعات نواب البرلمان ومناطقيتهم ومرجعياتهم الولائية.

هذه دعوة ملحة لخلق بيئة نظيفة للحكم والأعمال والنزاهة والنأي بالنفس عن كلّ مصلحة خاصة ضيقة أو طائفية أو حزبية أو دينية لا تنطلق من معيارية الوطنية المطلوبة في الزمن الصعب، كي تسير بالتوازي مع البيئة النظيفة التي خلقتها جائحة كورونا قسرًا حين حجرت ما يقرب من نصف سكان العالم في منازلهم وأوقفت الشيء الكثير من ماكنة الصناعة والتلوث. وبذلك قدّمت هذه الجائحة أفضل هدية للبيئة ومحبيها، وجمعت البشر بين ثنايا أسرهم لأطول أوقات من حياتهم كي يتعارفوا ويتعلموا الدروس في معنى الحياة وفي قدرة الخالق وفي حقيقة ضعف بني البشر مهما طغى الإنسان وسطا وأثرى ونهبَ وسرقَ وظلمَ وأهدر من دماءٍ وثروات وأوقات في غير محلّها. وفي النهاية لن يصحّ غيرُ الصحيح!

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6030 ثانية