قبل ان تدخل كورونا العراق، وعند الحدود العراقية، تحدثت مع العراق بحوار طال ساعات، وملخص هذا الحوار هو:
* مرحباً يا ابا بغداد، انا فيروس قاتل، تجولت في عدة بلدان، واخذت نفوساً كثيرة، أتيت اليك الآن، سمعت عنكم بلداً غنياً، ولديكم ثروات كثيرة، واليوم احل ضيفاً عليكم.
- لا اهلاً، ولا مرحباً بكِ، ماذا تريدين؟ ومن اخبركِ كل هذه المعلومات عني؟ فأنا لستُ كما تدعين.
* لقد قرأت التأريخ، وعلمت بثرواتك وأموالك الكثيرة، وخيراتك التي لا تنفذ، فأنتم اصحاب اول حضارة وقوانين في العالم، هكذا قرأت عن تاريخكم.
- بحرقة، مع هطول دموعه كالمطر في ليلة شتاءٍ مليئة بالرعد والبرق: عن اي بلد تتحدثين انتِ، واي تأريخ قرأتِ، بالتأكيد التاريخ القديم، ولستِ بعلم عما جرى لي، نعم انني العراق، صاحب اقدم حضارة في الدنيا، وانا من علمت العالم القراءة والكتابة، وانا من سّن القوانين للبشرية اجمع، ولكن قديماً، وليس الآن.
* ولماذا هذه الدموع؟ أخائف مني؟ ام خائف على اموالك وثرواتك الكثيرة، التي لا تعد ولا تحصى؟ حسب ما سمعت عنك.
- انا لا اخاف من احد، ولكنني حزينٌ على تاريخي الذي تشوه، وشعبي الذي مات ولا زال حياً، وثرواتي التي سرقت، وجروحي التي لا تندمل، وتهيج بين فترة واخرى.
* مهلاً، ماذا تقول؟ اصحيحاً ما قلت؟ ام هناك بلداً غيرك اسمه العراق؟ ام انني كنت احلم عندما قرأت؟
- لا بل كل ما قرأتِ صحياً واكثر، لكن هذا الكلام قديماً وليس في الوقت الحالي، فأنا الان بقي اسمي فقط، دون ثروات واموال، دون حضارات وتأريخ، فأموالي قد سرقت من اللصوص الذين يدعون انهم ابنائي، وحكامي الفاسدين منهم، وثرواتي نهبت من قبل جيراني، وشعبي قد دمر وانهك، ومات الف مرة وهو حي.
* اسمح لي بالدخول، اريد ان ارى ما هناك.
- لا استطيع ان اسمح لكِ بالدخول، فأنا ادرك ما تريدين، تريدين ان تأخذي ارواح ابنائي واطفالي، الذين لم يبقَ لي سواهم في الدنيا،
* وبحزن شديد: لن ادخل، ولكن، اخبرني يا بلد الرافدين، كيف حال شعبكَ؟ اهم بخير؟
- شعبي قد ذاق الأمرّين، شعباً فقيراً جداً، فأطفالي اغلبهم يفترشون الرصيف؛ للبحث عن لقمة تعارك جوعهم، وشبابي عاطلين عن العمل، بالرغم من انهم اصحاب شهادات، نالوها بتعب وجهدٍ كبيرٍ وسهر، ونسائي ثكالى يبكيّن على ابنائهّن الذين استشهدوا للدفاع عني انا موطنهم، ولولاهم لما تحدثت معك الآن، فهم من دافع عني وابعد عني من ارادوا قتلي.
* كفى ارجوك، لقد كسرت قلبي، وحطمتني، وقررت ان لا ادخل عليكم، ولكن بشرط، ان تغلقوا حدودكم مع جميع الدول، وان تلتزموا بعدم الخروج من منازلكم، ولن اعدك بعدم الدخول في حال عدم تنفيذ ذلك، ثم بكت وانصرفت.
بعدها لم تغلق الحدود، ولم يلتزم احداً بتعليماتها بعدم الخروج، فدخلت للعراق، واخذت العشرات من شعبه، فهل هي مخطئة بدخولها؟ ام لا، سأترك الجواب لكم.