مدينة قلقة وإدارات غير مستقرة
لسنا هنا بصدد التعمق بتفاصيل مراحل التدهور، التي مرت بها البصرة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا. فهذه المدينة لم تعرف الهدوء ولا الاستقرار، ولم تذق طعم الأمن والأمان إلا في سنوات شحيحة متفرقة، فقد تعرضت لسلسلة طويلة من الحروب والمعارك والهجمات والغزوات. إلا أن المثير للعجب أن ولاتها لم يمكثوا في مناصبهم أكثر من عام واحد، أو عامين في بعض الحالات النادرة. فالمتصرفون والمحافظون كانوا غرباء عليها، ويأتونها من خارج حدودها الإدارية، وكانوا يتعاقبون على إدارتها في فترات قصيرة مُختزلة ثم يغادرون مواقعهم العليا، من دون أن تسنح لهم الفرصة للتعرف على احتياجاتها وتحسين أحوالها.
خذ على سبيل المثال لا الحصر المدة من عام 1927 إلى عام 2004، سنكتشف أنها تعكس حالة التأرجح المتسارع في مؤشرات القلق الملتصق بمصيرها. فما أن انتهت حقبة المحافظ (المتصرف) السيد أحمد باشا الصانع عام 1927، حتى جاء من بعده السيد علي جودت الأيوبي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1928 السيد رؤوف الكبيسي ليمكث سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1929 السيد عمر نظمي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1930 السيد محمود فخري عبد الحميد ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1931 السيد عب الرزاق حلمي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1932 السيد عبد الحافظ نوري ليمكث سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1933 السيد تحسين علي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط ، ثم السيد عبد الرزاق حلمي عاد عام 1934 ليدير شؤونها حتى عام 1938، ثم جاء من بعده على محمود الشيخ علي ليمكث في البصرة سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1939 السيد عبد الحميد عبد المجيد ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1940 السيد صالح جبر ليشغل المنصب فيها سنة واحدة فقط، ثم عاد إليها عام 1941 السيد عبد الرزاق حلمي للمرة الثالثة، فمكث في منصبه سنة واحدة فقط، عاد بعده عام 1942 السيد عبد الحميد عبد المجيد للمرة الثانية فشغل منصب المتصرف لمدة سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1943 السيد مظفر أحمد ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1944 السيد أمين خالص الذي شغل المنصب حتى عام 1948، ثم جاء من بعده السيد فخري الطبقجلي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1949 السيد جمال عمر نظمي (نجل المتصرف الأسبق) ليمكث أقل من عامين، ثم عاد من بعده للمرة الثانية عام 1952 السيد مظفر أحمد ليمكث حتى عام 1956، ثم جاء من بعده عام السيد مزاحم ماهر ليمكث أقل من سنة، ثم جاء من بعده عام 1957 السيد نوري القره غولي ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1958 السيد رشيد نجيب ليمكث أقل من ستة أشهر، ثم جاء من بعده في العام نفسه السيد عبد الرزاق عبد الوهاب ليشرف على شؤون البصرة حتى عام 1963، وهي المدة التي تعد من الحالات النادرة التي ازدهرت فيها أحوال البصرة، وتحسنت أوضاعها نحو الأفضل، ثم جاء من بعده عام السيد محمد ندى الحياني ليمكث حتى عام 1966، ثم جاء من بعده السيد علي نهاد مصطفى ليشغل المنصب سنة واحدة فقط ، ثم جاء من بعده عام 1967 السيد أنور ثامر ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1968 السيد ناصر الحديثي ليمكث فيها سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1969 السيد محمد محجوب ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1970 السيد سعدي عياش عريم ليمكث سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1972 السيد مدلول ناجي المحنا ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1973 السيد قاسم محمد أحمد السماوي ليمكث أقل من سنتين، ثم جاء من بعده عام 1975 السيد عامر مهدي صالح الخشالي ليمكث سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1976 السيد ماجد عبد الستار فاضل السامرائي ليمكث أقل من ثلاث سنوات، ثم جاء من بعده عام 1979 السيد حميد عبد محيسن ليمكث سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1980 السيد غازي حمود حسين العبيدي ليمكث أقل من عامين، ثم عاد السيد سعدي عيّاش عريم للمرة الثانية عام 1982 ليغادر منصبه في العام نفسه، ثم جاء من بعده عام 1982 السيد زكي فيضي العلي ليمكث أقل من عامين، ثم جاء من بعده عام 1985 السيد فوزي رشيد عبد الله ليمكث أقل من عامين، ثم جاء من بعده عام 1987 السيد أنور سعيد عمر الحديثي ليمكث أقل من ثلاث سنوات، ثم جاء من بعده عام 1990 السيد عبد الله طلب عجزان ليشغل المنصب سنة واحدة فقط، ثم جاء من بعده عام 1991 السيد لطيف محل حمود السبعاوي ليمكث حتى عام 1996، ثم جاء من بعده السيد محمود فيزي الهزّاع ليمكث سنتين فقط، ثم جاء من بعده عام 1998 السيد أحمد إبراهيم حمّاش ليدير شؤون البصرة حتى عام 2002، ثم جاء من بعده السيد وليد حميد توفيق ليمكث أقل من سنة واحدة، ثم جاء من بعده عام 2003 السيد وائل عبد اللطيف الفضل ليمكث سنة واحدة فقط.
ثم جاءت مرحلة الانتخابات الدستورية التي تميزت بحرمان المحافظين من التدخل في شؤون المؤسسات المرتبطة بالوزارات المركزية، حتى صار من المتعذر عليهم التدخل في الشؤون البلدية أو النفطية أو البيئية أو المينائية أو الصحية أو الرياضية أو التجارية أو الدفاعية أو الأمنية.
وللحديث بقية. .