بالصور.. مراسيم دفن مثلث الرحمات المطران مار بولس ثابت حبيب في كنيسة مار ادي الرسول / كرمليس      بالصور.. مراسيم استقبال و تشييع مثلث الرحمات المطران مار بولس ثابت راعي ابرشية القوش الكلدانية      المجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري ينعى رحيل المثلث الرحمات المطران مار بولص ثابت حبيب      غبطة البطريرك يونان يعزّي برقاد المثلَّث الرحمات المطران مار بولس ثابت حبيب      شلل اقتصاديّ يهدّد الوجود المسيحيّ في الأراضي المقدّسة      المطران بولس ثابت... رحيل رفيق النازحين المتشبِّث بالأرض      مرسوم بطريركي بتعيين سيادة المطران فيليكس الشابي مدبراً بطريركيّاً على أبرشية القوش      رئيس حكومة إقليم كوردستان يعزّي برحيل المطران مار بولص ثابت حبيب      قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان ينعي برحيل مثلث الرحمات سيادة المطران ثابت حبيب بولص      قداسة البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني ينعي برحيل مثلث الرحمات سيادة المطران ثابت حبيب بولص      أميركا تحذّر مواطنيها من السفر الى العراق "لأي سبب من الأسباب"      سلطات أصفهان: لم نسجل أي تسرب إشعاعي بعد قصف موقع نووي بالمحافظة      كاتس: قتلنا سعيد إيزادي قائد فيلق فلسطين في الحرس الثوري      عراقجي: الهجمات تغتال الدبلوماسية وشكوكنا بأميركا تتزايد      حاملة طائرات أمريكية ثالثة تتجه إلى المنطقة وإجلاء رعايا من ايران واسرائيل      7 عادات في استخدام الهواتف الذكية.. تعزز قوة الدماغ      مونديال الأندية.. بايرن ميونيخ إلى دور الـ16      فصل الشاحن أم الهاتف أولا؟.. عادات بسيطة تطيل عمر البطارية      البابا لاوُن الرابع عشر: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح آفاقًا جديدة للمساواة أو أن يثير النزاعات      لعدم تحقق النصاب.. المحكمة الاتحادية ترجئ البت في قضية رواتب موظفي كوردستان
| مشاهدات : 2319 | مشاركات: 0 | 2011-05-06 10:51:41 |

البابا أسقط الشيوعية فتمت نبؤة العذراء

وردا أسحاق عيسى القلًو


ظهرت العذراء مريم في البرتغال- فاتيما للأطفال الثلاثة (فرانسيسكو - وجاسنتا - ولوسي ) في 13 يوليو 1917 ولمدة ست مرات ، وكان للعذراء رسائل من السماء على شكل أسرار ، ما يهمنا منها الآن السر الثالث والذي يحتوي على ثلاثة أجزاء ، الجزء الثاني يتحدث عن أرتداد روسيا عن الأيمان وأشعال الحرب العالمية الثانية ثم عودة روسيا ثانيةً الى الأيمان . أما وقت ظهور العذراء فكانت في الحرب العالمية الأولى وكانت الحرب على وشك الأنتهاء . قالت العذراء في رسالتها السماوية الى الأطفال الأطهار مايلي : ( اذا لم يتوقف الناس عن أغضاب الله ، فستشتعل حرب في أيام البابا بيوس الحادي عشر " الحرب العالمية الثانية " فعندما ترون ليلاً يضيئه نور مجهول " [حدث هذا النور فعلاً في سماء أوربا قبل الحرب بثلاثة شهور] فأعلموا أن هذه هي العلامة العظيمة التي أعطاها الله دلالة على أنه على وشك أن يعاقب العالم على جرائمه بالحرب ، والمجاعة ، وذلك بسبب أضطهاد الكنيسة والأب القدوس في روسيا " . ثم تنبأت العذراء بتحول روسيا الى الشيوعية والألحاد ونشرها للتعاليم الخاطئة . ستنشر روسيا شرورها في كل العالم فتسبب في حروب كثيرة وأضطهادات للكنيسة وسيستشهد الأبرار وسيتألم الأب القدوس وستدخل أمم كثيرة في الألحاد ، أي تصبح كثير من الأمم ملحدة ، ولكن في آخر الأمر يقوم الأب السماوي بأستمالة قلب روسيا اليه فتتحول ثانية الى الأيمان وسينعم العالم كله بفترة سلام .... وسأسأله من أجل تكرس روسيا لقلبي الطاهر ....وستتحول روسيا ، ويكون هناك سلام ) .

الآن نعلق فنقول بأن ما تنبأت به العذراء قد حدث بالتفصيل وبعد ستة أشهر فقط من نبؤتها . أرتدت روسيا عن الأيمان أي في نفس السنة 1917

بعد سيطرة الشيوعية التي مجدت المادية والألحاد ، أسست ديانة دنيوية جديدة هي ديانة الأنسان فتحولت الى الألحاد المضاد للأيمان المسيحي . أريد أن أقول لعزيزي القارىء بأنني لست رجل سياسة وأحترم الجميع لهذا ليست غايتي الطعن في أية سياسة أو حتى أن أبدي برأي في سيرتها أو تاريخها لأن مداد قلمي لا ينضح الا لخدمة الأيمان أو بعض المواضيع الدنيوية التي تصب في خير العام لأن للدين وجه وللسياسة وجه آخر أتجاهه مدبر عن عقيدة الأيمان وكما رآه الرب يسوع عندما طلب مشاهدة العملة فشاهد وجهها الأول فقال لمن هذه الصورة ؟ فقيل له لقيصر ( أي للسياسة) أما الوجه الآخر فكان الكتابة الذي رمز الى الأيمان . لهذا قال أعطوا ما لقيصر (السياسة) لقيصر وما لله لله . نتمنى أن تلتقي الوجهان لمصلحة الأنسان الزمنية والروحية أوعلى الأقل أن يسيرا بشكل متوازي معاً فيكون ذلك الأفضل ، لهذا لا أتطرق على كل ما أقترفته الشيوعية خلال سبعون عاماً ضد الدين ورجال الدين والعمل على أجهاض الأيمان في العالم ، بل بما يتعلق بالدين والأيمان ونبؤة العذراء حول ما سيحصل للكنيسة وكيف تحققت أقوالها تفصيلاً وحسب الأزمنة التي تنبأت بها للأطفال

من أين ولدت التعاليم الشيوعية ولماذا حاربت الأيمان ؟

في القرن التاسع عشر تعهدوا بأن العلم يستطيع على كل شىء فمثلاً المفكرين كارل ماركس وفيبراخ وغيرهم كانوا يولون للعلم حجماً كبيراً معتقدين بأن العلم سيقضي على كل المشاكل وخاصة الأقتصادية لأن العلم يزرع ويصنع ويطعم الناس ويخترع كل شىء ، اذن الأنسان ليس بحاجة الى الدين ومعتقداته وهكذا تأسس الفكر الشيوعي على الفلسفة المادية لكارل ماركس فأعتبر الدين أفيون الشعوب

صرح يوماً أحد رؤساء الولايات المتحدة الأميركية وقال : ( كما أعلم بأن الشمس ستشرق غداً من الشرق هكذا أعلم بأن الشيوعية ستغزو العالم ) ، لكن هذا لا يتفق مع نبوءة العذراء لأن المدة التي تنبأت بها العذراء بدخول روسيا في الشيوعية وأضطهاد الكنيسة والى سقوط الشيوعية هي سبعون عاماً فلا تستطيع خلالها أن تغزو العالم . وهذه الفترة ( أي سبعون عاماً) لها دلالاتها ورموزها وليست الأولى من نوعها في التاريخ بل الكتاب المقدس يعطينا امثلة حية على غضب الله على الخطيئة ومدة عقوبتها . ففي العهد القديم نقرأ بأن الله عاقب شعب يهودا سبعون سنة على يد نبوخذ ناصر ملك بابل بسبب تمرد بابل على الله وعبادتها للأصنام . الشعوب التي تتمرد على الله يعاقبها لأنه عادل فتتناسب العقوبة مع حجم الخطيئة . لهذا ضرب شعب يهودا وسباهم الى بابل لمدة . سبعون سنة أيضاً

.طالع أرميا 25 / 8 – 12) وبعد تلك الفترة عادوا الى رشدهم فحن عليهم الرب فحررهم ، فعادوا الى أرضهم

نعم تركت روسيا الأيمان وحاربته بكل قوة وعملت على محوه من الوجود وصخرت من كل مؤمن وحتى من بابا روما فعلى سبيل المثال : كان رأي الزعيم الروسي جوزيف ستالين ببابا روما ساخراً حيث قال : ( كم فرقة يمتلك هذا البابا ؟

لا يعلم أن ما يمتلكه البابا من القوة تفوق كل جيوش العالم عندما يريد الرب أن يستخدمها في حينها . فعلاً عندما أنهارت دول الشرق الشيوعية ، قيل أن بابا روما هو الذي كان السبب الأول في أنهيارها أبتداءاً من بلده بولندا

نعم كان دور البابا في أسقاط الشيوعية دوراً سياسياً وروحياً قوياً وواضحاً في أزاء الأحداث الكبرى في القرن العشرين ، لا وبل ساهم في صناعة بعض منها

أعتبرت الثورة الفرنسية حداً فاصلاً بين ممارسة الكنيسة للسلطة الزمنية ( السياسة ) الى جانب سلطتها الروحية

لكن ثبت بأن للبابا يوحنا بولس الثاني قوة تأثير كبيرة سياسية وروحية وأن الأستخدام السياسي حق مشروع له عندما يشهد تطوراً مستمراً ويعتمد على أشكالاً معقدة من الأساليب السياسية من حيث الأداء والتنفيذ . بدأ نشاط البابا يوحنا بولس الثاني منذ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات في الدول الشرقية خاصةً وأفريقيا والعالم عامةً لتشكل ميداناً رحباً في هذا الدور . وعلى الدرجة نفسها من الأهمية في لاهوت التحرير . أدركت الكنيسة المقدسة التي لعبت الدور الذي أنيط بها في الحرب العالمية الأولى ، أنها يمكن أن تكون طرفاً في رسم السياسات ، أو على الأقل شريكاً في تنفيذها فقط وبقدر ما تريد المصلحة الدينية . أنطلاقاً من هذه الضرورة نظمت الكنيسة دوراً جديداً يلائم المرحلة الجديدة وخاصة بعد أن تم التوقيع في 11 شباط 1929 بين الزعيم الأيطالي ( موسليني) وأمين سر الدولة من قبل البابا بيوس الحادي عشر “ الذي ذكرته العذراء في النبوءة” ويقضي هذا الأتفاق بتنظيم العلاقة بين روما والفاتيكان لأنشاء دولة الفاتيكان ذات المساحة البالغة 44 هكتاراً فقط والتي تخضع كلياً لسلطة البابا . أتاح هذا الأتفاق فرصة أنطلاقة جديدة أمام الفاتيكان لكي تتحرك في سياسة جديدة لحماية مصالح الكاثوليك أينما وجدوا وحرياتهم الدينية وأعادة التأكيد على مبادىء نشر الأنجيل على الصعيد الكوني أيضاً

في ظل الأضطراب الناشىء من نتائج الحرب العالمية الأولى ، سعى الكرسي البابوي الى عقد أتفاق ومعاهدات مع الدول الأوربية للحفاظ على أوضاع الكاثوليك فنجح البابا بيوس الحادي عشر في توقيع أتفاقات مع تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا ورومانيا والبرتغال ودول البلطيق ، وكما سعى الى أستعادة دور الكنيسة في حدود ما تسمح به المعطيات القائمة في الساحة الدولية

في النظرة الى الخطر الذي تشكله أيديولوجيا الألحاد الصاعدة في روسيا ودول الأتحاد السوفيتي ضد الأيمان ، وجه بابا روما رسالة الى جميع الكنائس الكاثوليكية والكنائس الأخرى في أوربا عام 1931 حدد فيها موقفه الشاجب والمناهض للشيوعية ، كما أن رسالته لم تخل من أنتقادات لاذعة للنظام الرأسمالي . وهكذا استمرت السياسة البابوية في عهد البابا بيوس الثاني عشر ضد المعسكرين الشرقي الشيوعي والغربي الرأسمالي فقطعت الولايات المتحدة الأمريكية ( البروتستانتية) والأتحاد السوفيتي ( الشيوعي ) علاقتهما الدبلوماسية مع الفاتيكان ، وكان هذان القطبان المسيطران بعد الحرب العالمية الثانية ، أما أوربا فكانت محطمة ، وللمفارقة فانها في هذا الحال تشكل القلعة الوحيدة المتبقية من أوربا المسيحية ، وكان على البابا المتهم بموقفه من النازية أن يبدأ تحركه منها فساند فكرة أنشاء الأتحاد الأوربي بغية مساعدة الدول الأوربية في استعادة قوتها ، وكان يكرر ضرورة أنشاء هذا الأتحاد على مسامع كل رئيس دولة أوربية غربية يزور الفاتيكان . كما أتجه الى أقامة علاقات مع المنظمات الدولية ، فأرسل ممثلاً عنه الى مؤتمر لاهاي عام 1949 ، وأيد أنشاء منظمة الأمم المتحدة . أستمرت الأتهامات الشرقية والغربية ضد البابا في موضوع النازية الى أن توفي عام 1958

عُرف البابا اللاحق يوحنا الثالث والعشرون بأسم البابا الطيب لأنه نجح في أحداث تحول عميق في أوضاع الكنيسة وركز على السلام وضاعف لقاءاته مع رؤساء الدول ودعاهم الى القضاء على كل مظاهر الظلم والأكراه

أما أنجازه الأهم فكان عقد المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1962 حدد هدفه بكيفية التوافق بين الكنيسة والأوضاع الراهنة في العالم . تابع خليفته البابا بولس السادس النشاط فزاد الأنفتاح الى العالم المعاصر وهذا ما أعتبر تطوراً كبيراً في عودة الكرسي الرسولي للعب الدور السياسي على الساحة العالمية واستعادة اوربا لعافيتها في حينها كانت البروتستانتية الأمريكية لم تكن تنظر بعين الرضى لأستعادة الفاتيكان لدوره ، وفي الجهة المقابلة فأن تأييد الفاتيكان للغرب في الحرب الباردة وأستمرار موقفه المناهض للشيوعية لم يكن ليشعر الأتحاد السوفيتي بالأرتياح ، أذ بدأ الفاتيكان وكأنه جزء من المعسكر الغربي المناهض للأتحاد السوفيتي من أجل أضعاف الشيوعية ومن ثم الأنقضاض عليها وأحتوائها .

الصولة الهجومية الأقتحامية لبابا روما على معاقل الشيوعية

بعد الأعمال السياسية التي قام بها الكرسي الرسولي ضد الشيوعية ، حان وقت الصولة على الأهداف المنتخبة في زمن وصل فيه الغليان في داخل الأناء الشيوعي الى درجة الأنفجار . قام البابا يوحنا بولس الثاني بالهجوم المباشر على بلده بولندا أحدى معاقل الشيوعية . نعم أنطلق البابا في تنفيذ سياسته الأقتحامية على بولونيا التي زارها بعد أقل من سنة على أنتخابه ( 2 حزيران 1978 ) وألقى خطاباً أدان فيه الشيوعية علناً في عقر دارها وبدون خوف أو تردد . بعد نحو عام من هذه الزيارة عمت البلاد أضطرابات وتضاهرات في آب 1980 والتي كانت بداية لأنطلاق نقابة تضامن المناهضة للحكم الشيوعي . أعترف الباحثين والمحليين السياسيين بالدور الكبير الذي قام به بابا روما في الأنهيار الذي أصاب الدول الشيوعية حتى أعترفوا بتنسيب الأنهيار الى مصادر الكنيسة ، الكنيسة لا تنكر ذلك أبداً ، أما الغرب فقد أعترف بهذه الحقيقة .

نعم كان موقف الفاتيكان من الشيوعية معروفاً ومحدداً منذ وقت بعيد . فقد فكر البابا بولس السادس بسياسة أنفتاحية تجاه دول أوربا الشرقية فعمد على ترتيبها لأغراض دينية رعوية . لكن ما قام به البابا يوحنا بولس الثاني لم يكن يتدرج في أطار ذلك الأنفتاح ، بل كانت سياسته هجومية واضحة بكل ما في الكلمة من معنى وكما سنلاحظ .

علمت الفاتيكان وقت الهجوم والأقتحام وعرفت الوقت الملائم لبدء الهجوم حيث كانت الأزمة في بولندا قاب قوسين من الأنفجار . أنتهى العمل السري والدبلوماسي لفاتيكان ، فلم يتوان البابا عن أظهار تأييده للتضامن البولوني ، فجاهر بهذا التأييد علناً خلال زيارته الأقتحامية العلنية الثانية لبولندا عام 1983 . أما هجومه الثالث فقد أًعتبر تدخلاً سياسياً مباشراً في شؤون بولندا عندما دعا الحكومة الى السكوت عن هذا الموضوع حتى أن لم يكن البابا بولندياً . هذه الأشارة الى جنسية البابا . كان الأحتكاك واضحاً بين الكنيسة والنظام الشيوعي وقائماً منذ وجد البابا في البلاد وبحدة لا مثيل لها في دول أشتراكية أخرى .

أدركت الحكومة البولندية مبكراً مدى تأثير البابا في الشؤون الداخلية ، ففي مطلع عام 1987 وفي عشية الزيارة الثالثة توجه الرئيس البولندي ( ياروزلكسي ) الى الفاتيكان وأجرى جلسة محادثات مع البابا أستغرقت 70 دقيقة وكانت هذه أطول جلسة يعقدها البابا مع رئيس دولة ، تناولت المسائل القائمة في بولندا ووصف البابا تلك المحادثات بالتاريخية .آملاَ أن “ تسفر عن الثمار التي طالما تمنيتها لأوربا وبولندا “ . كان هذا التصريح بليغاً في دلالاته ، فهو عكس عزم البابا على الأستمرار في سياسته المعلنة والمتبعة تجاه بولندا . فعلاً شهدت زيارته الثالثة التدخل الذي أشرنا اليه وهو ما دفع الحكومة البولندية الى توجيه تحذير مهذب الى بابا روما بعد أن أثارت خطاباته أضطرابات في البلاد وأشتباكات بين أنصار التضامن والشرطة اذ أن البابا قال في أحدى الخطابات : ( ان هناك حقاً في الأدارة الذاتية بما في ذلك تشكيل أتحادات عمالية مستقلة ) . كما أدان البابا القمع السياسي وأشاد لتضحية الكاهن البولوني الذي أيد نقابة التضامن .

كانت الزيارة الأخيرة مفصلية بكل المقاييس ، أصر البابا خلالها على التحدث في كل المواضيع وخاصة حقوق الأنسان وممارسة العقيدة الدينية والتعبير عن الآراء بحرية . كان ذلك يرفق بقوله للحكومة : ( اذا أردتم السلام ) . كان بذلك يعكس أتجاهاً سياسياً واضحاً تعدى فيه المهمات الرعوية ذات الطابع الديني فكان كلامه تصعيدياً وهجومياً للسلطة .

في الوقت نفسه بدأت التغيرات تعصف بكل الدول الشيوعية ومنها الأتحاد السوفيتي . في حينها وصل ميخائيل خورباتشوف الى السلطة فبدأ الكرملين يشجع على أتباع سياسة الأصلاحات . التقى بعدها الرئيس خورباتشوف بالبابا وأبدى البابا أعجابه به لأنه ظهر بشكل مغاير لأسلافه لناحية الأنفتاح ورغبته في متابعة الأصلاحات السياسية والأقتصادية في بلاده . هنا مع خورباتشوف تكمل حلقة الأنهيار المعروفة ب ( بروسترايكا ) .

لا نخطأ اذا قلنا بأن البابا كان سبباً في أنهيار الأحزاب الشيوعية والمعسكر الشرقي لدوره الفعال والمؤثر في هذه العملية . فالفاتيكان أتسع سياسة متناسقة ومتناغمة مع سياسات الحلف الغربي حيث كان البابا يشارك رونالد ريغان خوفه على الديمقراطية في دول التحالف الشرقي وقد أمكن أعتبار الأتفاق عام 1984 كحلف مقدس بين البابا وريغان ، وكان البند الأول لعمل هذا ( الحلف المقدس ) الدعم لنقابة التضامن في بولونيا للبقاء وتجاوز الصعوبات التي تعترضها .

أرفق البابا هجومه على الشيوعية ودولها بالدعوة الى أوربا موحدة والتي يمكن الوصول اليها بعد أزالة الشيوعية ، أي أوربا الشرقية بالغربية ، التي تراثها مسيحي مشترك ووحدتها سيكون لمصلحة الأسرة البشرية جمعاء ، وقد تحقق ذلك بنجاح .

أما في أحداث رومانيا ( 1989 ) كان الربط واضح في حديث البابا بين تقويض الشيوعية وتحقيق وحدة أوربا داعياً الغرب الى المساعدة بأن تفتح أوربا الغربية أبوابها وقلبها لتفهم وتلقي مشاعر القلق والآلام ومشكلات الشعوب الأوربية الشرقية وللتخلص من كابوس الشيوعية .

قابل البابا كل سقوط لنظام شيوعي بالترحيب وأكد بأن أوربا ستصبح بيتاً واحداً يعترف فيه كل شعب من الشعوب بهويته الخاصة وتحترم آماله ، وجرياً على هذه القاعدة فأن البابا أيد تفكيك يوغسلافيا وعبر عن ضرورة تفهم تطلعات كرواتيا وأعترف بأنفصالها .

أما المانيا الشرقية والغربية فقد توحدت فأزيل جدران برلين الشهير .

زيارة البابا الرابعة لبولندا بعد سقوط النظام الشيوعي . أعتبر البابا أن أنهيار الشيوعية في أوربا الشرقية أحيا آمالاً في عالم جديد أكثر عدلاً تكون فيه الكنيسة في مصدر وحدة وقوة . هكذا وبعد سنوات طويلة ، تحدث البابا عن وحدة أوربا وأطلاق عملة موحدة “ اليورو” فقال : ( أن التحول الى عملة واحدة والتوسع نحو الشرق ، سيمنح أوربا فرصة أكبر للتحول الى مجتمع ذي مصير مشترك . الى مجتمع أوربي حقيقي . وقال : ( أن التوقعات القائمة ، أن الدول الأعضاء ستكون قادرة من خلال المشاركة في مشروع واحد على المصالحة مع تاريخها والنظر الى نفسها كشركاء متساوين يصب عملهم الى الصالح العام ) . وهكذا يريد الرب يسوع أن تكون المسيحية : ( كونوا واحد كما أنا والآب واحد ) .

أنشغل البابا في سياسة أوربا الشرقية ونجح في أنهيارها ، فبرزت الحرية وخاصة الدينية وعاد الأيمان ، فقطف البابا ثمار سياسته وصلواته . في تلك المرحلة كان يسعى الى أسترخاء الغرب لذا كان في تلك الآونة يستخدم لاهوت التحرير بهجومه على الشيوعية . لكن هل كان راضياً من العقدة الثانية ( الرأسمالية ) ؟ الجواب كلا حيث كانت دائماً خطاباته محشية بالأنتقادات للرأسمالية ، عدو المسيحية الثانية . فبعد أنتهاء السياسة الشرقية ، أخذ البابا يركز على مثالب النظام الراسمالي مرة أخرى . وهذا ما يحتاج الى مقال خاص .

تحققت نبوءات العذراء مريم وعاد الأيمان الى الأتحاد السوفيتي . هكذا خرجت الفاتيكان من الثورات المنخرط فيها لاهوت التحرير بنجاح ، ونهض في مواجهة أنظمة مدعومة من الغرب والولايات المتحدة وينشط فيها الشيوعية مما يمكن أعتباره أزدواجية في الموقف بين مناهضة الشيوعية في أوربا ، وتشجيع الثوار الشيوعيين في أميركا اللاتينية . فسعى البابا بولس السادس الى أستيعاب هذا التحرك مع ألأعلان المتكرر في المناهضة له . يمكن أعتبار جهود البابوات من مناهضة لاهوت التحرير مؤشراً الى كيفية أدارة الفاتيكان للدبلوماسية . فالكرسي الرسولي سوف يجد الكثير مما يحدث به ، فيدعوا الى السلام والمحبة وهي دعوة صادقة نابعة من القاعدة المسيحية لكنها لا تضيىء كل الجانب السياسي من وراء أطلاقها .

طبع الموقف من لاهوت التحرير ، عهد بولس السادس بطابعه ، حيث تميز برحلات البابا الى القدس . وخطابه أمام الأمم المتحدة عام 1965 ومضاعفته التأييد للمنظمات الدولية وزيارته الى الهند وأفريقيا وكولومبيا وأستقباله عدداً كبيراً من رؤساء الدول بينهم الرئيس السوفيتي مع متابعة التحرك بأتجاه دول أوربا الشرقية . بعد وفاة البابا أنتخب عنه مار يوحنا بولس الأول ، لكن ولايته لم تدم سوى ثلاثة وثلاثون يوماً . أعقب ذلك أنتخاب الكاردينال ( كارول فوتيبلا ) رئيس أساقفة وارسو ، بأسم البابا يوحنا بولس الثاني ليبدأ معه العهد الأكثر سياسة وسخونة ونشاط في تاريخ الفاتيكان منذ أنهيار السلطة الزمنية لكرسي البابا . هنا يبرز دور البابا الجديد في ضرب الشيوعية وأنهيار المعسكر الأشتراكي . الأرادة الألهية ستظهر لكي تتم نبؤة العذراء بهذا البابا ، والمقصود في رسالتها الى ألأطفال الثلاث في برتغال .

كان البابا يوحنا بولس الثاني أكثر البابوات سفراً في التاريخ ، وأكثر أثارة للجدل ، وأكثر مساهمة لموقع الشاهد والمشارك في تحولات جذرية كبيرة في العالم . تعرض لمحاولة أختيال عام 1981 من قبل متطرف تركي . لكن رغم ذلك عفا عنه ونال المتهم زيارته طالباً من السلطات للعفو عنه . وهذا العمل نابع من تعليم الأنجيل المقدس . كما يجب أن نعلم بأن الممارسات السياسية هي جزء أساسي من عمل الفاتيكان ، هذه الدولة الصغيرة هي بالغة التأثير على العالم وفيها مدرسة أعداد الدبلوماسيين من كهنة ومطارنة الذين يتعلمون الدبلوماسية الكنسية ، علماً بأن تعليم المسيح له المجد كله سياسة مرتكزة على التضحية والمحبة ونبذ العنف . أذاً طريقة التفكير والتصرف في هذه الدبلوماسية تختلف عما هي عليه في الدبلوماسية المدنية العلمانية ، لأن الدبلوماسيين هنا قبل كل شيء هم كهنة الرب . يجب أن يدرك كل دبلوماسي رسولي أنه قبل أن يكون دبلوماسياً سياسياً هو دبلوماسياً روحياً ، وعمله الدبلوماسي يصب لخدمة مبادىء بشارة الأنجيل . هذا ما يتم التشديد عليه في الكلية التي يمضي فيها الدارس أربع سنوات ليحصل على شهادة وأجازة في القانون الكنسي . بعدها يقضي سنتين في نفس الكلية في دراسة الدبلوماسية على أنواعها :

1- الدبلوماسية الكنسية . 2- النمط الدبلوماسي . 3- تاريخ الدبلوماسية . 4- القانون الدولي … وغيرها .

يتم أختيار الطلبة من قبل الكرسي البابوي ويتم تلقينهم دروساً في ضرورة المحافظة على سرية المحادثات مع المسؤلين ، وعدم التعرض للأمور والأحداث بطريقة سلبية وهذا ما يناسب الروح المسيحية المبنية على المحبة أضافة الى كونها ميزة من مميزات الدبلوماسية الرسولية .

النشاط السياسي اذاً صار جزءأ أساسياً من أنشطة الفاتيكان وأن البابا يوحنا بولس الثاني قد عمل على خلق طريقة جديدة من الدينامية الدينية ، مع أولوية مهمة هي تأمين الحماية للكاثوليك في الدول الشرقية الشيوعية مع العمل لتقويض الأنظمة الشيوعية المعادية للأيمان ومن ثم أحتوائها .

نكرر ونقول لا نبالغ أبداً عندما نقول كان لبابا الفاتيكان الدورالأول ، حيث كان صاحب مسؤلية كبيرة في أنهيار الشيوعية بيد أن الموضوعية تقتضي وضع هذا الدور في مكانه الطبيعي .، ودينامية البابا لم تقتصر على الوضع في أوربا الشرقية ، بل قوض لاهوت التحرير وأعاد العلاقات الدبلوماسية مع أميركا والتي قطعت عام 1945 فأعادها في عهده عام 1984 . كما كان للبابا موقف وربما حضور في كل مكان من العالم بشكل سياسي تارة وبصفة نشاط ديني راعوي تارة أخرى .

أخيراً نقول عادت كل تلك الشعوب عدا ( الصين وكوريا الشمالية وفيتنام وكوبا ) الى الأيمان وبكل قوة . ففي عام 1990 تحررت رومانيا من الشيوعية فأمتلأت الكنائس بالمؤمنين . وفي أول مايو 1990 قام كاهنان برفع صليب يبلغ أرتفاعه ثمانية أقدام في الميدان الأحمر بموسكو . كما غطت صور السيد المسيح اللوحة العملاقة التي تصور وجوه كارل ماركس وفريدريك أنجلز وفلاديمير لينين التي كانت تشكل خلفية المنصة المقامة في الميدان الأحمر وهتف أحد الكهنة ( المسيح قام ) هذا المسيح الذي أرادة الشيوعية أن تدفنه كما عمل اليهود . بعد ذلك بشهور قليلة تفكك الأتحاد السوفيتي وأزدهرت الكنيسة وهبطت عشرات الأطنان من الأناجيل في مطارات هذه الدول ورفعت الصلبان المقدسة على أجمل قباب ولأجمل كنائس في العالم في روسيا . هنا تمت نبؤة العذراء وكذلك قول الرب يسوع : ( على هذه الصخرة أبني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ) .

هنيئاً لكنيسة المسيح المنتصرة . هنيئاً لأعمال البابا يوحنا بولس الثاني وعلى تكريمه وتطويبه من قبل الكنيسة المقدسة طالبين منه ومن كل القديسين في الكنيسة المنتصرة الشفاعة لأخوتهم في الكنيسة المجاهدة .

ولربنا يسوع كل المجد دائماً .

بقلم

وردا أسحاق عيسى

وندزر - كندا










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6362 ثانية