من المحبَّذ أن يكون موقف الشباب موقف احترام، الاحترام البنوي الصادق والبعيد عن التزلّف تجاه الرؤساء والمسؤولين، فهم آباؤكم وأنتم أبناءهم، لذا عليكم أن تتجنّبوا كل توتّر في علاقاتكم المتبادَلة معهم وتُبعدوا كل روح تمرّد مهما كانت الأوضاع متردّية
وتتعاونوا إلى أقصى حدّ ممكن لتفهم الرؤساء والمسؤولين والسير بالرغم من كل الصعوبات دون خوف، وفي ذلك لا تنسوا قول المسيح الذي دعاكم وقال لكم "اذهبوا.... ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى 19:28-20) فإن روح الله الذي يجب أن يُنعشكم قادر على تذليل الصعوبات، ويقول مار بولس " فإِذا كانَ عِندَكم شَأْنٌ لِلمُناشَدَةِ بِالمسيح ولِما في المَحَبَّةِ مِن تَشْجيع، والمُشارَكَةِ في الرُّوح والحَنانِ والرَّأفة، فأَتِمُّوا فَرَحي بِأَن تَكونوا على رأيٍ واحِدٍ ومَحبَّةٍ واحِدة وقَلْبٍ واحِدٍ وفِكْرٍ واحِد. لا تَفعَلوا شَيئًا بِدافِعِ المُنافَسةِ أَوِ العُجْب، بل على كُلٍّ مِنكم أَن يَتَواضَعَ ويَعُدَّ غَيرَه أَفضَلَ مِنه، ولا يَنظُرَنَّ أَحَدٌ إِلى ما لَه، بل إِلى ما لِغَيرِه. فلْيَكُنْ فيما بَينَكُمُ الشُّعورُ الَّذي هو أَيضًا في المَسيحِ يَسوع. أناشدكم بالمسيح وبما في المحبة" (فيلبي 1:2-5) ولا تثقوا فقط بالمسؤولين عليكم، ولا تزيدوا في جعلكم أزمة كلام وحدث، بل خذوا الخبرة من الذين تعبوا وعملوا قبلكم.
أما أحياناً إذا يوجد في الكنيسة – لا سمح الله – سلطة لا تفهمكم فهو أمر يدعو للأسف ولكن ذلك لا يدعو إلى التوقف والجمود فليس لنا أن نحكم على موقف الرؤساء الذين لهم نظرة خاصة وأحياناً خبرة خاصة من مسيرة حياتهم وربما ضيقة. فإذا كانت حالة الكنيسة كذلك لنعلم أن فيها الكثير من الإيجابيات والسلبيات للخير والبنيان.
فإذا أردتم أن تقوم الكنيسة بدورها أحسن قيام تجاهكم فذلك لكي تخلق منكم أجيالاً للمستقبل ومسيحيين ملتزمين وواعين ومدركين دورهم، فليس جميعكم بلغ مرحلة النضوج فلا يجوز أن نعمل في الكنيسة كعمال بطّالين ولكن أيضاً كعمال يستفيدون من رسالتهم بهدف خلق رسلٍ يمارسون رسالتهم ويستعدون لمسؤوليات أكبر في الكنيسة. فلنعلم أن الشبيبة ليس لها إلا أن تكون عوناً لكنيستها وخورنتها ولا أكثر من ذلك، وليس انفرادها دون خبرة تُذكَر ولا يجدوا أنفسهم أنهم أكثر من كاهن الكنيسة يفهمون ويدركون فهذا يعني الكبرياء بالذات. لذا على الجميع مراجعة ذواتهم مراجعة نزيهة ليجدوا مدى تغلغل المسيح في أعماقهم ولا يندفعوا في مجال الحياة الفارغة والانتقادات الجوفاء والهدّامة وينشغلوا بالحديث الذي لا طائل منه قبل بدء الرسالة يكون في الذات بتنقية الأجواء للمسيح الذي دعاك ودعاه ودعا الشباب إلى خدمة كنيستهم وخورنتهم ورؤسائهم وليس أن يقفوا بوجوههم وربما أحياناً يتركون الكنيسة لسبب ما أو لملاحظة ما يوجّهها أحد الرؤساء والمسؤولين.
وأكيداً أنهم يحتاجون كثيراً، فالاهتمام بالشباب ليس سهلاً وقبل كل شيء ليس الاعتماد على الذات بل على نعمة الله التي أُعطيت وخاصة في هذا الزمان المخيف وهذه الأيام الصعبة حيث انتشرت العولمة في كل جهة من جهات وجودنا ودخلت كل بيت وجعلت منه أداة لعلمانيتها عن طريق الموبايل والتكنولوجيا والحاسوب شئنا أم أبينا. لذلك فالشباب جميعاً يحتاجون إلى توجيه روحي واجتماعي وثقافي ومعيشي وإلى مزيد من تفهّمهم لحمل رسالة الإنجيل حينذاك ستكون الكنيسة مناخاً مواتياً لتفتّحهم الحقيقي مع الإسهام في حياتهم اليومية وتتفهم الكنيسة مشاكلهم إذ أن لكل شاب مشاكل خاصة به وكل مشكلة تدرس طموحه وتهتم بحياته ولكن دون سيطرة أو هيمنة عليه وتشلّ حياته ومبادراته الشخصية وتقلّص من مسؤوليات الشباب. فكل جيل له نظرته الخاصة إلى الحياة العامة وأساليبه وعقليته، فالاختلاف موجود وهذا غِنى الكنيسة، إنها تعطي ما اكتسبته من المسيح في مسيرة حياتها... (وإلى الحلقة السادسة)