الكتاب يحاور الهوية في عنكاوا … الثقافة السريانية تطلق النسخة الرابعة من معرض الكتاب المفتوح      الرئيس بارزاني: شعب كوردستان يؤمن عن قناعة نابعة من الصميم بالتعايش والتآزر وقد تحوّل ذلك إلى ثقافة راسخة ومتجذرة      مسرور بارزاني خلال استقباله وفداً من الكنيسة الأرثوذكسية الروسية: كوردستان ستبقى موطناً لمختلف الأديان      قداسةُ البطريرك مار آوا الثالث يستقبل وفد كنسي وديبلوماسي روسي      حفل استقبال رسمي على شرف قداسة البطريرك مار افرام الثاني في ولاية أونتاريو الكندية      مسؤول المنظمة الآثورية الديمقراطية: قرار فرض المناهج غير مقبول وسيكون له تداعيات سلبية      البطريرك ساكو يعزي سماحة اية الله العظمى السيد علي السيستاني بوفاة عقيلته      نيجيرفان بارزاني خلال استقباله وفداً من كنيسة المشرق الآشورية: إقليم كوردستان سيبقى حامياً لحقوق وحريات الجميع      نيجيرفان بارزاني: كوردستان ستبقى دوماً وطن التعايش المشترك والتسامح للجميع      المجلس الشعبي يستقبل وفد اشوري قادم من المهجر      اختتام اجتماع الحزبين الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني      البيت الأبيض يعلن خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة      الخزين المائي يكفي للشرب فقط ولعام واحد.. ماذا تخبئ الامطار للعراق؟      "وثائقي فينيسيوس" يثير أزمة قضائية.. فالنسيا يرد بالتحرك القانوني      ناسا تخطط لبناء قرية على سطح القمر بحلول سنة 2035      ثورة في علم التغذية.. "نكهة حارة" تغير قواعد خسارة الوزن      البابا: "حماية الأصوات والوجوه البشرية": هو موضوع اليوم العالمي لوسائل التواصل الاجتماعي      الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي): منع التعليم بالكوردية "انتهاك خطير"      الصدر: فليتوقع الجميع تصعيداً      ترمب يدعو إلى التأهب لـ"حدث استثنائي" في الشرق الأوسط: هناك فرصة لإنجازات عظيمة
| مشاهدات : 450 | مشاركات: 0 | 2025-09-30 14:23:10 |

‏صوتٌ للبيع.. ديمقراطية العراق بين الضمير والسوق

محمد النصراوي

‏‏

‏تخيل المشهد، يذهب ناخبٌ الى صندوق الاقتراع، لا ليحمل معه شعوراً بإنجاز الواجب، بل ليُساوم على ورقة صوته التي تُعد أمانة، "صوتٌ للبيع!" رغم أن الأغلبية الساحقة من العراقيين تُدرك القيمة الحقيقية لصوتها وتُمارس حقها بضميرٍ وطني، تبقى هذه الصورة، وإن كانت تمثل شريحةً صغيرة، تمثل مأزقاً أخلاقياً وسياسياً يجب التصدي له، إنها محاولة تحويل الحق السياسي المقدس - الذي هو جوهر الديمقراطية - إلى سلعةٍ تُساوَم وتُشترى على أرصفة الانتخابات، هذا التساؤل ليس مجرد تأمل؛ إنه بداية تشخيصٍ عميق لخطرٍ يهدد مسيرة وطننا الديمقراطية، ويهدف إلى تقويض ثقة الناس بالعملية السياسية.

‏إن محاولات شراء الأصوات ليست مجرد أفعالٍ فردية، بل هي نتاج استغلالٍ لجذورٍ اقتصادية وسياسية يمكن معالجتها، ففي بعض المناطق، قد يُستغل الاحتياج الاقتصادي لبعض الشرائح لدفعهم إلى التخلي عن حقهم الانتخابي مقابل منفعةٍ زائلة، هذا الاستغلال يقابله حالةٌ من فقدان الثقة التي يمكن أن تسيطر على البعض، لا سيما بعد دوراتٍ انتخابية لم يلمس فيها المواطن التغيير المأمول، قد يتولد لدى البعض شعورٌ خاطئ بأن صوته "لا يغير شيئًا"، فيتم استغلال هذا اليأس لدفعهم إلى التعامل مع هذا الحق كبضاعةٍ يمكن التضحية بها لإنقاذ اليوم بدلاً من الاستثمار في المستقبل.

‏إن خطورة هذا المسلك تكمن في تداعياته العميقة على الديمقراطية، فالنتيجة المباشرة هي محاولة تحويل البرلمان إلى سوق صفقاتٍ بدلاً من أن يكون بيتاً حقيقياً لتمثيل الشعب، عندما يعتمد السياسي في الوصول إلى البرلمان على المال المدفوع بدلاً من البرنامج الانتخابي، فإنه يصبح مديناً للمُمول وليس للجمهور، كما أن قبول هذا المسلك يعمل على تعطيل فكرة "العقد الاجتماعي" بين الناخب والمنتخب؛ إذ تنتهي المسؤولية بمجرد قبض المبلغ، وتُلغى معه قدرة الناخب على المساءلة أو المحاسبة، هذا يكرس هيمنة القوى التي تمتلك التمويل الأكبر ويغلق الباب أمام الكفاءات النزيهة التي تفتقر للمال السياسي او التي تتنزه عن هكذا افعال.

‏هنا، يبرز واجب المواطن في استعادة "وعي القيمة"، عندما يُدرك الناخب أن صوته هو القوة الوحيدة التي يمتلكها لتغيير واقعه، فإنه يتحصن ضد كل إغراء، إن بيع الصوت ليس فقط بيعاً للمستقبل، بل هو اعترافٌ ضمني بالهزيمة والتنازل عن دور "المواطن" ليصبح "زبوناً" سياسياً، وهذا ما يجب أن نرفضه جميعاً، يجب علينا غرس ثقافةٍ لدى الجيل الجديد من الناخبين مفادها أن الإجراء الانتخابي هو مرادفٌ للمسؤولية الوطنية وليست صفقةً مادية رخيصة، لقد عانت دولٌ أخرى من محاولات شراء الأصوات، لكن التجارب الناجحة أثبتت أن الحل يكمن في بناء مؤسساتٍ قوية تمنع الظاهرة، وتعزيز استقلال القضاء وشفافية تمويل الحملات، والأهم من هذا كله، اليقظة الشعبية، إن الديمقراطية لا تقوم على مجرد صناديق اقتراع، بل على إيمان المواطن بقيمة مشاركته.

‏نعود إلى البداية: "صوتٌ للبيع" فهل يمكن أن تنجح مسيرتنا الديمقراطية في ظل هذه التحديات؟ نعم، فالإجابة تكمن في المشاركة الواعية والنزيهة، إن قوة العراق تكمن في الأغلبية الصامتة والواعية التي ترفض المساومة على مبادئها، فهل سنستمر في إحكام قبضتنا على أصواتنا، ونتخلى عن وهم "اليأس" لنُطلق رصاصة الرحمة على "السوق السياسي" ونبني وطناً قوياً؟ إن المستقبل مرهون بهذه اليقظة وهذا الإيمان بقيمة الضمير الوطني.










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4820 ثانية