عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الجمعة ١٥ آب ٢٠٢٥، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد انتقال السيّدة العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء وبركتها للكروم، وذلك في باحة دير سيّدة النجاة البطريركي - الشرفة، درعون - حريصا، لبنان.
عاون غبطتَه في القداس صاحبُ السيادة مار أفرام يوسف عبّا، بمشاركة الآباء الخوارنة والكهنة من الدائرة البطريركية، ومن أبرشية بيروت البطريركية، والرهبان الأفراميين، والراهبات الأفراميات، وجموع غفيرة من المؤمنين من مختلف الرعايا في الأبرشية البطريركية في لبنان، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين والسوريين في لبنان، ومن حركة مار شربل - درعون، وأخوية الحبل بلا دنس - الشرفة، وفي مقدّمتهم المحامية هنادي مقوَّم رئيسة بلدية درعون - حريصا. وخدم القداس جوق رعية عذراء فاتيما - جونيه.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالتنويه بأنّ "اليوم عيد كبير في الكنيسة الجامعة، عيد انتقال أمّنا مريم العذراء نفساً وجسداً إلى السماء، هذا العيد تعيّده الكنائس أكان في الشرق أو في الغرب لأنّه أعظم أعياد أمّنا مريم العذراء على مدار السنة".
ولفت غبطته إلى أنّ "هذا العيد هو عيد دير سيّدة النجاة البطريركي - الشرفة، ونذكر حين كنّا تلاميذ في دير الشرفة في عهد المثلَّث الرحمات البطريرك الكردينال مار اغناطيوس جبرائيل الأول تبّوني، كنّا نحن في مرحلة الدراسة الإكليريكية، وكنّا نصلّي الصلوات الفرضية، ثمّ ننتقل من الكنيسة إلى البهو ونحن نؤدّي الأناشيد السريانية، وسيدنا البطريرك تبّوني كان يباركنا ويذكّرنا أنّ هذا العيد مهمّ جداً، لأنّ أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة هي التي حمت المثلَّث الرحمات البطريرك مار اغناطيوس ميخائيل جروة الذي أسّس كرسينا البطريركي حين أُرغِم وأُجبِر على الهروب من ماردين في تركيا إلى الموصل وبغداد في العراق. وخلال هذه الفترة، أي مدّة سنتين تقريباً، كان ملاحَقاً واستطاع الهروب من العراق إلى بادية سوريا، فوصل إلى جبل لبنان وقام بتأسيس هذا الدير العامر. فبالنسبة إلينا، نحن الكنيسة السريانية، أمّنا مريم العذراء هي أمّنا الحامية التي نجّت البطريرك جروة، والتي تظلّ تحمينا وترافقنا في مشوار حياتنا".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نفرح اليوم لأنّ سيدنا المطران مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد، يشاركنا في هذا القداس، ونرحّب به في بيته، وكذلك نفرح بمشاركة أحبّائنا الكهنة والرهبان، ونحن فخورون بهؤلاء الكهنة الذين يخدمون بكلّ تفانٍ وتضحية، يخدمونكم، أيّها الأحبّاء، بالرغم من كلّ الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم وخدمتهم. كما نفرح لأنّ أخواتنا الراهبات الأفراميات يشاركنَ معنا، وكذلك يشارك ممثّلو الرعايا في الأبرشية البطريركية في لبنان وإرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، ونشكر جوق رعية عذراء فاتيما في جونيه الذي يخدم هذا القداس".
وذكّر غبطته بأنّنا "سمعنا من الرسالة إلى العبرانيين ترداداً لكلمة الأمانة، فالرب يسوع هو الأمين لمن دعاه، لأبيه السماوي، كي يفدينا، هذه الأمانة مطلوبة من كلّ مدعوّ إلى الخدمة من الإكليروس والرهبانيات، كي يكونوا مثالاً للمؤمنين بالأمانة للرب يسوع وللكنيسة رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات".
وتأمّل غبطته "بقول الرب يسوع الذي سمعناه من الإنجيل المقدس، هذه المرأة التي، حين سمعت يسوع يعلّم، هتفت: طوبى للبطن الذي حملكَ وللثديين اللذين رضعتَهما. إنّها تهنئة شرقية بامتياز، فنحن نعبّر عن هذا الإعجاب بذكر الأمّ التي هي أمّ الحياة والتي تعطي الحياة بنعمة إلهية، حتّى نهنّئ الشخص الذي نُعجَب به، كما فعلت هذه المرأة. ويسوع يجيبها قائلاً: بل طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه".
وتوقّف غبطته عند تأثير "وسائل التواصل الإجتماعي، حيث تسمعون وتقرأون وترون، وأنتم تعرفون كيف امتدّت هذه الوسائل، والبعض وللأسف حتّى من الإكليروس يدمنون على هذه الوسائل، وأحياناً كثيرة يقولون ويكتبون كلّ ما يخطر على بالهم دون أن يعوا أنّهم رعاة مفروض عليهم أن يقولوا الحقيقة التي يطلبها منهم الرب، وأن يكونوا أمناء للرب يسوع الذي دعاهم".
وأكّد غبطته أنّه "علينا أن نتذكّر جواب يسوع: طوبى لمن يسمع كلام الله ويحفظه. حين نقول "يحفظه" لا يعني ذلك أن يردّده في الذكرة، وإنّما أن يعيشه، وهذه هي الطريقة التي يتميّز بها المدعوّ ليكون تلميذاً للرب يسوع".
وتضرّع غبطته "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة وشفيعة هذا الدير الذي هو أهمّ دير لنا، الدير البطريركي، أن يحفظنا جميعاً ويحفظ النازحين والمهجَّرين الذين يتوقون أن يصلوا إلى الميناء، والعائلات والأطفال والصغار والشباب. ولا ننسى أنّ على الوعد الذي يعده الشابّ والشابّة للزواج أن يكون وعداً دائماً وليس وقتياً يتمّ التراجع عنه حين يحلو لهم. علينا أن ندرك أنّ سرّ الزواج المقدس سرّ يباركه ربنا، وهو يطلب منّا أن نكون أمناء له ولبعضنا البعض".
وختم غبطته موعظته سائلاً "الرب يسوع، بشفاعة أمّه وأمّنا، التي نلتجئ إليها في الترنيمة الشهيرة "يا أمّ الله"، بهذا البيت الذي هو في الأساس من تراثنا السرياني العريق: "ܐܶܢ ܦܰܓܪܶܟܝ ܪܰܚܺܝܩ ܡܶܢܰܢ ܩܰܕܺܝܫܬܳܐ܆ ܨܠܰܘ̈ܳܬܶܟܝ ܥܰܡܰܢ ܐܶܢܶܝܢ ܒܟܽܠܥܶܕ̈ܳܢܺܝܢ"، وترجمتها "وإن كان جسمكِ بعيداً منّا، فصلواتكِ هي معنا كلّ حين". إلى هذه الأمّ السماوية التي لا نراها جسدياً لكنّها تبقى معنا دائماً لأنّها تشفع بنا أمام الرب يسوع، نبتهل كي تعيننا لنبقى على الدوام هذه الكنيسة التي تعيش بالإيمان والرجاء والمحبّة".
وقبل نهاية القداس، أقام غبطته تشمشت (خدمة) والدة الإله مريم العذراء، بعدئذٍ منح البركة الختامية بأيقونة العذراء. ثمّ بارك غبطته العنب والثمار والفواكه، وجرى توزيعها على المؤمنين بهذه المناسبة المباركة، في جوّ من الفرح الروحي.