( قم يا رب إلى راحتك أنت وتابوت عزكَ ) " مز 8:132".
موضوع إنتقال مريم العذراء إلى السماء بالنفس والجسد عقيدة إيمانية بدأت منذ القرن الأول، وتحتفل به الكنيسة الكاثوليكية في يوم 15 آب من كل عام، وهو أحد الأعياد المريمية وأهمها.
سبب صعود العذراء مريم إلى السماء كأبنها كان تكريماً لها من صدر من حب الثالوث الإلهي، فهي إبنة الآب، ووالدة الإبن، وعروس الروح القدس . فكيف لا يكرمها الله الثالوث بمثل هذا التكريم.
عقل الإنسان المؤمن لا يستطيع تحمل موضوع فساد جسد الأم المنزه من الخطيئة والتي حملت به إبن الله لتصبح ذلك الجسد الطاهر بيتاً للقربان النازل من السماء. كما علينا أن لا نعامل أم الله معاملة أم البشر الملوثين بالخطايا .
سبب فساد جسد الإنسان هو الخطيئة ، والعذراء التي حبلت بها أمها بلا خطيئة ظلت بريئة من كل دنس لأن الله أختارها وإصطفاها من بين كل نساء العالمين لتبقى إناءً نقياً يليق بمسكن إبن الله.
بتجسد المسيح في أحشاء مريم أتحدت معه إتحاداً وثيقاً لتصبح لنا حواء جديدة فكان لها أن تقاوم الخطيئة في مسيرتها الزمنية على الأرض لتشبه إبنها القدوس. كذلك عليها أن تنتقل مثله إلى السماء بالنفس والجسد. أكدت لنا آيات من العهد القديم موضوع إشتراك العذراء مع إبنها في الدخول إلى الراحة الأبدية ، منها : قم يا رب إلى راحتك ، أنت وتابوت عزك. " مز 8:132.
لقد ميّزَ الله مريم عن كل البشر فملئها من النعم وبحسب قول الملاك لها: يا ممتلئة نعمة . " لو 28:1".
برز موضوع إنتقال مريم إلى السماء منذ القرن الأول فإنتشر خبر صعودها إلى السماء من عهد الرسل الذين نقلوا جسدها إلى القبر، لكن بعد ثلاثة أيام إضطروا إلى فتح القبر بحسب طلب الرسول توما الذي كان غائباً يوم رقادها وقبرها، فتأكدوا بأن أمهم العذراء الدائمة البتولية صعدت مثل إبنها إلى السماء بالنفس والجسد تاركة قبرها فارغاً وإلى الأبد.
نفتخر نحن المؤمنين بإنتقال أمنا الطوباوية إلى السماء ، تلك المنتصرة التي أخذت ثأر حواء القديمة لتسحق كل مكائد الإبليس في حياتها، فعبرت عنها الآية لتقول: فهي تسحق رأسك وأنت تصيبين عقبه. " تك 15:3".
أجل أكملت مريم واجبها بجدارة لتسبق قيامة وصعود كل إنسان بعد قيامة الأجساد في يوم الدينونة الرهيب.
صعود أمنا العذراء إلى السماء قبل يوم القيامة والدينونة العظيم الذي لا يشملها هو فخر لنا نحن المؤمنين، وكرامة لكل من يؤمن بما تنبأت به النبؤات ودُوِّنَت على صفحات الكتاب المقدس عن إنتقالها الى المجد والذي هو بداية لتحقيق تصميم خطة الله لخلاص البشر وإتمام لوعد إبنها القائل : وأنا إن إرتفعت عن الأرض أجذب إليَّ الجميع. " يو 32:21".صعدت العذراء إلى السماء لتتحد بإبنها ثنيتاً ، وهكذا ستنتقل الكنيسة " جسد المسيح " إلى السماء لتتحد مع رأسها يسوع الفادي.
نطالع في كتابات بعض آباء الكنيسة عن هذه العقيدة ، فالقديس يوحنا الدمشقي قال :
كما أن الجسد المقدس النقي، الذي إتخذه الكلمة الإلهي من مريم العذراء، قام في اليوم الثالث، هكذا كان يجب أن تؤخذ مريم من القبر وأن تجمع الأم بإبنها في السماء.
أما القديس بطرس دميانوس فيقول: في صعودها جاء ملك المجد مع أجواق الملائكة والقديسين لملاقاتها بزفة إلهية. ولهذه الأقوال صدى في الكتاب المقدس ولا سيما نشيد الأناشيد، يقول: قومي يا خليلتي، يا جميلتي. وهلمي . " 10:2".
أعلن البابا بيوس الثاني عشر عقيدة إنتقال العذراء إلى السماء بالنفس والجسد سنة 1950 قائلاً : نؤكد ونعلن ونحدد عقيدة أوحى بها الله وهي أن مريم أم الله الطاهرة الدائمة البتولية، بعدما أتمت مسيرة حياتها على الأرض. إرتفعت بالنفس والجسد إلى المجد السماوي .
للمزيد طالع مقالاتنا السابقة المدرجة عناوينها أدناه عن عقيدة إنتقال مريم العذراء إلى السماء ( إنقر كل عنوان على الكوكل) :
1- عظمة حدث إنتقال مريم العذراء إلى السماء.
2- آيات من العهدين تثبت أنتقال العذراء إلى السماء ܫܘܢܵܝܐ.
3- عيد إنتقال مريم العذراء إلى العرش السماوي.
4- عقيدة إنتقال العذراء وقيامة الأجساد.
5- عيد إنتقال العذراء بالنفس والجسد .
6- قيامة العذراء وصعودها وتتويجها.
7-عيد إنتقال العذراء إلى العرش السماوي
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"