قال يسوع للتينة ( لا يخرجن منك ثمر للأبد ) " مت 19:21 "
من خواص الزواج أن يكون فيه الخصب بنوعيه الروحي والجسدي . وهنا نقصد بالخصب الجسدي إنجاب الأطفال وتربيتهم تربية روحية صحيحة تتفق مع تعاليم الإنجيل . الله أشار في السفر الأول من الكتاب المقدس عندما خلق الإنسان على صورته وأراد أن ينمو الإنسان المخلوق ويكثر ويملأ الأرض بالنسل البشري . فبالزواج يلتقي الذكر مع الأنثى فبتكاملان ويزداد فيهما كمال الزواج بقدر ما يظل كل منهما على خصوصياته فيسمو إلى الوحدة التامة بين الإثنين . فالإنجاب إذاً واجب وشريعة إلهية مسطورة في الطبيعة الإنسانية . فالإنجاب هو ثمر الحب . أما الذين يعيشون في الأنانية وحب الذات فيرفضون الإنجاب وخدمة الأطفال وتربيتهم متناسين بأن الحب في الزواج المسيحي يجب أن يكون فياضاً من جهة الخصب . فالذي يثمر زواجه سيزرع له ميراثاً في السماء وفق الآية ( هوذا البنون ميراث من عند الرب ثمرة البطن إجرة ) " مز 127: 3-5 " . أما الذي يمنع الخصوبة ويطعنها بطعنة مقصودة ، فهو يتحدى الله الذي خلقه على صورته ومثاله ، أي على مثال الثالوث الأقدس جماعة محبةٍ وعطاء مخصاب . أعظم برهان للزواج الناجح ، والحب الصادق هو عندما يصبح كل منهما أباً أو أماً لأولاد ، والطفل المولود منهما سيرون فيه صورتهما . والإنجاب أيضاً شرف عظيم ، وهدية لله لأنهما يشاركان الله في عمل خلق الإنسان ، وخالق الطفل هو الله الذي يضع فيه الروح كما وضعها في آدم . أما واجب الأبوين فهو أن يعطيان المادة والتربية الصحيحة وفق وصايا الله ، والله يسكن روحه في الطفل المخلوق في بطن الأم . كل من يتقصد بعدم الإنجاب فإنه يتحدى شرائع السماء ويتحمل خطيئة لأنه يرمي إلى الحصول على المتعة من الزواج فقط ، فيخسر الكثير ، كما يعرض حياته الزوجية إلى الإنهيار لأن الأولاد هم زينة الحياة . فالذين يرفضون الإنجاب يشبهون التينة المورقة التي لعنها يسوع عندما قال (( لا يخرجن منك ثمر للأبد ) والتينة تمثل الشعب اليهودي ايضاً الذين لم يؤمنوا به ، ولم يحملوا الثمر الذي توقعه الله الذي جعلهم شعباص مختاراً لنقل رسالة السماء إلى العالم ، بل عاشوا لأنانيتهم ، وعنصريتهم متوهمين بأن العالم كله لا يستحق الخلاص . طبعاً هنا لا نقصد الذين حرموا من نعمة الإنجاب بسبب الأمراض أو العقم ، أو الغير المتزوجين بسبب النذر الروحي لكي يكونوا خدام لله وحدهُ والسائرين في طريق الرهبنة ، فمثل هؤلاء ايضاص فتح لهم المجال على مستوى الإنجاب والخصب الروحي ، فالكاهن يصبح أباً لأبناء رعيته ، والراهبات أمهات للأطفال الذين يربونهم تربية كنسية مسيحية فيناولن من السماء مئة ضغف ، وقول الرب يشملهم ، قال ( كل من ترك بيوتاً أو أخوة أو أخوات أو أباً أو أماً أو بنين أو حقولاً لأجل إسمي ، ينال مائة ضعفٍ ويرث الحياة الأبدية ) " مت 29:19 " .
إنجاب الأطفال يحتاج أيضاً إلى تنظيم ، فلا يجوز إنجاب أعداد كبيرة يفوق طاقة الزوجين في تربيتهم وتنشئتهم وإمكانياتهم المادية . فالتهور في الإنجاب أكثر من طاقة الزوجين التربوية والمادية والمعنوية والصحية ستظهر في العائلة سلبيات كثيرة ، فالأطفال الذين يعيشون بمستوى أقل من كل أطفال محيطهم سينعكس عليهم سلباً وعلى الأسرة وكذلك على المجتمع ، فالطفل يجب أ، يولد في جو عائلي عاطفي ملائم لكي يترعرع جسدياً ونفسياً ، وخاصةً في المدن ، عكس البيئة الريفية التي تساعد إلى الإنجاب وتربية عدد أكبر من الأولاد . إذاً تنظيم النسل ضروري على مستوى العائلة والمجتمع . نلاحظ اليوم بأن سكان بعض الدول قد تضاعف قياساً إلأى ما قبل 40 سنة فقط وسيستمر . كما نجد بأن مشاكل تلك الدول أخذت في إزدياد إلى أن تخرج عن حدود سيطرة الدولة . كما لا يجوز إنجاب أقل ما يمكن تهرباً من العناء والمسؤلية والتضحية بكل أشكالها بسب الأنانية ، فالأنانية بحد ذاتها ضد المحبة والعطاء . كما لا يجوز أيضاً الإكتفاء بولد واحد لا يجد معه أخاً أو أختاً في البيت ليتربى معه ليكون له رفيقاً في البيت والمدرسة وفي المجتمع .
في الختام نقول : لايمكن فصل اللقاء الحميم بين الزوجين عن الإنجاب لكي لا يتحول الزواج إلى لقاءات للمارسة الجنسية فقط بسبب أنانية الزوجين ، وهذا العمل الخاطىء لا يولد من الحب الصادق ، وبمرور السنين سيبرد ذلك الحب لتصبح العلاقة الجنسية أيضاً فارغة من كل مضمون أو هدف ، بل ستموت تلك العلاقة عندما يطعنون في السن فيفقدون تلك اللذة التي كانت لهم حجة للزواج فينفجر بركان الخلافات بينهما لعدم بقاء أي مبرر لوحدتهما فيعودون إلى ذواتهم ليشعروا بالذل والفشل والندم إن لم يعلنوا الفراق والإنفصال الأبدي . أما الذين أثمروا فيتمتعون مع أولادهم بفرح عظيم ، تقول الاية ( ليس لي فرح أعظم من هذا : أن أسمع أولادي أنهم يسلكون بالحق ) " 3 يو 4:1 " . والرب يبارك زواج المؤمنين الأتقياء .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"