عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الارثوذكس/
في تمام الساعة السادسة والنصف من مساء يوم السبت 21 حزيران 2025، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد مار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة، وذلك في باحة دير مار أفرام، الشبانيّة – المتن، جبل لبنان.
عاون غبطتَه صاحبا السيادة مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، والأباتي حنّا ياكو رئيس الرهبان الأفراميين ورئيس الدير، بحضور ومشاركة الآباء الكهنة والرهبان: المونسنيور حبيب مراد أمين سرّ البطريركية، والراهب الأفرامي الأب بطرس سلمان، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية وكاهن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، والأب طارق خيّاط الكاهن المساعد في إرسالية العائلة المقدسة. وخدم القداس جوق رعية مار بهنام وسارة – الفنار، وأعضاء حركة مار بهنام وسارة – الفنار، وحركة مار شربل – بيروت، بحضور مشاركة جموع غفيرة من المؤمنين من أبناء رعايا أبرشية بيروت البطريركية، ومن إرسالية العائلة المقدسة.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالتعبير عن الفرح الروحي بهذه المناسبة: "قلبنا مليء بالفرح عندما نأتي إلى هذا الدير العريق الذي هو أعرق أديرتنا وأقدمها في لبنان، ويعود تأسيسه إلى قبل 320 سنة، حين كانت عائلات سريانية لا تزال موجودة في الشبانية، وجاء الرهبان من حلب ومن ماردين إلى هذه المنطقة التي لا يعرفونها، ووضعوا ثقتهم بالرب، وأسّسوا هذا الدير، وكانوا روّاد الخير والسلام والمحبّة في هذه المنطقة، حتّى أنّه كانت هناك غرفة عند مدخل الدير، كان الرهبان يستقبلون فيها نساء المنطقة ويعلّموهنَّ اللغة العربية. إذاً كان الرهبان دعاة خير ومحبّة وسلام، يصلّون ويصومون، وفي نفس الوقت يقومون بأعمال البرّ والخير".
وتأمّل غبطته "بنشيد مار أفرام، هذا النشيد الرائع: ܢܶܩܥܽܘܢ ܓܰܪ̈ܡܰܝ ܡܶܢ ܩܰܒܪܳܐ ܕܰܐܠܳܗܳܐ ܝܶܠܕܰܬ ܡܰܪܝܰܡلتصرخ عظامي من القبر أنّ مريم ولدت الله. لقد تعوّدنا أن نردّد ونصلّي إلى أمّنا مريم العذراء، ونسمّيها ܝܳܠܕܰܬ ܐܰܠܳܗܳܐوالدة الله، تيوتوكوس باليونانية، لكنّ سرّ ميلاد كلمة الله المتجسّد بمريم العذراء هو حقيقة تعلو كلّ عقل بشري وكلّ إدراك، وتحتاج إلى نعمة إلهية كي نقبلها ونؤمن بها. ومار أفرام، هو أحد الآباء الأوّلين في الكنيسة، والذي كان يعترف بإلهام من الروح القدس، لأنّه سُمِّيَ كنّارة الروح القدس، حتّى يعبّر عن هذا الإيمان بهذا السرّ العجيب، سرّ تجسُّد كلمة الله في أحشاء مريم العذراء".
ولفت غبطته إلى أنّه "كما ترون، بنعمة ربنا، استطعنا أن نرمّم هذا الدير كلّياً، وإن شاء الله سيكتمل الترميم، والدير يضمّ الرهبان الأفراميين الذين يعملون كي يصطادوا للرب يسوع المدعوين للحياة الرهبانية في الدير. يفكّر البعض أنّ هذا الأمر صعب جداً، لأنّ للشباب اليوم مجالات كثيرة ليلهوا بها، كوسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت، وربّما تخفّ هذه الرغبة بتلبية دعوة الرب. لذلك علينا وعلى العائلات أن تصلّي دائماً وتفتخر أنّها عائلات مسيحية، وأنّ أولادها هم حقيقةً أولاد الله، وإذا كانت لدى أحدهم دعوة، فعليهم أن يشجّعوها. قبل سنتين ونصف، جاء لزيارتنا مطران لاتيني صديق لنا من ألمانيا، حضر تكريس كاتدرائيتنا، كاتدرائية مار جرجس التي رمّمناها في بيروت، واصطحبناه إلى هنا، فأحبّ كثيراً هذا الدير البسيط وهذا الموقع الهادئ الذي يساعد كثيراً المؤمنين كي يلتقوا بربنا، وتمنّى أن يأتي إلى هنا خلال سني تقاعده، فرحّبنا به. هذا الدير هو من الأديرة القديمة في لبنان التي تشعّ روحانيةً تمجِّد ربنا، كما عاش مار أفرام هذه الروحانية القريبة من الرب".
ونوّه غبطته بأنّنا "سمعنا مار بولس يتكلّم في رسالته إلى أهل غلاطية عن ثمار الروح، ويركّز على المحبّة التي تُميِّز المسيحي، لأنّه بالنسبة لنا فنحن نؤمن أنّ الله هو محبّة. صحيح أنّ الله هو الخالق والمدبِّر والقادر على كلّ شيء، لكنّ الله هو المحبّة. وثمار الروح أوّلها المحبّة، ونحن نتغنّى بالمحبّة أو الحبّ، ونشارك المغنّين والفنّانين كلماتهم وموسيقاهم، لكنّ المحبّة ليست مجرَّد كلمات وموسيقى. المحبّة تنبع من القلب كي ننشر كلمة الرب حولنا، أكان في العائلة أو المدرسة أو المجتمع أو البلد. نعيش المحبّة لأنّها أفضل ثمار الروح، والمحبّة تكون بصدق وأمانة: المحبّة للرب يسوع، المحبّة للكنيسة، المحبّة لبعضنا البعض، كي نكون شهود المحبّة الحقيقية حولنا".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نفرح كثيراً ونعرب عن امتناننا أن يشاركنا في هذه الذبيحة الإلهية سيادة المطران مار برنابا يوسف حبش الذي وصل اليوم باكراً من الولايات المتّحدة، وأراد أن يكون معنا في هذا القداس، وكان من أوائل الذين حضروا مشروع النهضة في هذا الدير الذي كان مهمَلاً وخَرِباً لأكثر من 160 سنة، فمنذ سنة 1860 اضطُرَّ الرهبان وأُرغِموا على ترك هذا الدير بعدما تهدّم واستشهد العديد من الرهبان الذين نفتخر بهم. ومنذ ذاك الوقت، ظلّ هذا الدير مهمَلاً، وبمعونة الرب استطعنا أن نرمِّمه. ومعنا أيضاً سيادة المطران مار يعقوب جوزف شمعي الذي نشكره كثيراً لحضوره معنا، وهو يعرف هذا الدير لأنّه كان يخدم في لبنان. ومعنا الآباء الكهنة والرهبان الأعزاء الذين يخدمون الكنيسة بكلّ إخلاص، ونحن نشكرهم كثيراً، وهم يقدّمون المثال الصالح للرعاة الصالحين. كما نشكركم جيمعاً، أنتم المشاركين معنا في هذا القداس، من مختلف الرعايا، من سيّدة البشارة – بيروت، ومار بهنام وسارة – الفنار، ومار أنطونيوس وعذراء فاتيما – جونيه، ومن زحلة، ومن إرسالية العائلة المقدسة للمهجَّرين العراقيين في لبنان، والحركات الشبيبية الروحية والاجتماعية التي نفتخر بها، حركات الشباب، مار شربل ومار بهنام وسارة، والأخويات، أكانوا من هنا من المنطقة أو من رعايانا".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب الإله الذي جَمَعَنا اليوم كي نحتفل بالذبيحة الإلهية، أن يجمعَنا دائماً بالمحبّة، بشفاعة مار أفرام فخر السريان وكنّارة الروح القدس، وبحماية العذراء مريم أمّنا جميعاً".
وبعدما منح غبطته البركة الختامية، استقبل المؤمنين، يحيط به صاحبا السيادة والآباء الكهنة والرهبان، فقدّم الجميع لغبطته التهاني بهذا العيد، ونالوا بركته الأبوية، في جوّ من الفرح الروحي.