مـُصلٍّ مسيحي يحمل شمعة في كنيسة "الطاهرة الكبرى"، في بلدة قرقوش ذات الغالبية المسيحية، 30 كيلومترا عن الموصل، خلال قداس ليلة عيد الميلاد في 24 كانون الأول/ ديسمبر 2021
عشتارتيفي كوم- الحرة/
عبد الخالق سلطان – دهوك
ضغوطات على الأقليات في تلعفر وسنجار
دعا وزير شؤون الأقليات في حكومة إقليم كردستان، آيدن معروف، الحكومة الاتحادية إلى الاهتمام بالأقليات في سنجار وتلعفر وسهل نينوى، وتعزيز سبل العيش والتعايش السلمي في هذه المناطق الواقعة في محافظة نينوى.
وقال معروف، لموقع "الحرة"، إن الأقليات الإيزيدية والتركمانية والكلدان السريان الآشوريين في مناطق سنجار وتلعفر وسهل نينوى يعانون من عدم تمثيل حقيقي داخل المؤسسات الإدارية لمحافظة نينوى.
كما تعاني مناطق هذه المكونات من "ضغوط أمنية سياسية"، بحسب قول آيدن، بسبب حشود عسكرية وفصائل مسلحة عراقية وغير عراقية منتشرة في مناطقهم، على غرار حزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية.
وذكر أن معظم الضغوط تمارسها جهات دخيلة على محافظة نينوى، مشيرًا إلى أحزاب سياسية متنفذة، لم يسمِّها، تسعى لبسط هيمنتها على مناطق الأقليات، وتثير أزمات أمنية هناك.
وأشار وزير الأقليات إلى الغبن الذي تعرض له المكون التركماني في عملية التمثيل بإدارة محافظة نينوى، موضحًا أن "هناك تمثيلًا عنهم في مجلس المحافظة لكنه لا يتناسب مع تعدادهم الذي يقدر بـ 500 ألف نسمة في نينوى".
ودعا إلى ترسيخ "العدالة في توزيع المناصب الإدارية" لأن إدارة المحافظة ينبغي أن تتم "بالشراكة" وتمثيل متساوٍ للمكونات كافة.
كما دعا آيدن الحكومة المحلية في محافظة نينوى والحكومة الاتحادية إلى ضرورة معالجة قضايا الأقليات في المحافظة، والعمل على توفير العدالة في التمثيل الإداري والسياسي، فضلًا عن ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بين المكونات بعيدًا عن النزعات المذهبية والقومية.
تلعفر.. فقر وبطالة
وأكد الناشط المدني، علي الأفندي، لموقع "الحرة"، أن "العديد" من الفصائل العسكرية تنتشر في ضواحي مدينة تلعفر، مشيرًا إلى أنها "تابعة للحشد الشعبي"، فضلًا عن وجود قطعات من الجيش والشرطة المحلية.
ولفت الأفندي، وهو من قضاء تلعفر، إلى أن أزمة القضاء لا تقتصر على الانتشار المسلح، بل تشمل غيابًا أو نقصًا في المرافق الأساسية، على غرار وجود نقص كبير في الخدمات الصحية، وهي "لا ترتقي" إلى المستوى المطلوب.
وأوضح أنها لا تلبي سوى حاجة 40% من المراجعين، مشيرًا إلى أن المدينة "تفتقر" إلى وجود مستشفى كبير وأبنية مدرسية.
كما لفت إلى وجود "نقص حاد في عدد المعلمين والمدرسين".
وبيَّن أن البطالة المتفشية بين الشباب الخريجين "أجبرتهم" على التطوع في المؤسسات الأمنية وفصائل الحشد الشعبي، موضحًا أن حوالي 60% من شباب القضاء عاطلون عن العمل.
كما شدد على أن المنطقة بحاجة إلى تشييد معامل، وإنشاء شركات، والبدء بمشاريع.
وذكر الأفندي أنه تم تعويض 70% من العائدين المتضررين من معارك تحرير المنطقة من داعش، مؤكدًا أن الكثير من التركمان السنة عادوا إلى مناطقهم، "باستثناء" المتورطين مع التنظيم الإرهابي.
من جهته، أكد الناشط الحقوقي، فيصل الجربا، أن المنطقة تعاني من مشكلة الطائفية، مشددًا على أن تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية سيحتوي التوترات المذهبية.
أجواء آمنة
في المقابل، أشار قائمقام قضاء تلعفر، سليم محسن حسين، إلى أن الأمن مستتب في قضاء تلعفر، نافيًا وجود أي "ضغوط عسكرية أو أمنية على المواطنين"، سواء من قبل القطاعات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع العراقية أو الفصائل المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي.
وقال القائمقام، لموقع "الحرة"، إن الجهات المحلية والحكومية مستمرة في تنفيذ مشاريع الإعمار والبنية التحتية، مثل فتح الطرق وبناء المستشفيات، منوهًا بأن العمل جارٍ على تنفيذ مستشفى "الحسين" الذي يتسع لمئة سرير، بعدما تمَّت زيادة تكلفته من 24 مليار دينار إلى 60 مليار دينار عراقي.
وبيَّن أن البيانات تشير إلى وجود 240 ألف نسمة داخل قضاء تلعفر، و60 ألفًا منهم في تركيا، و35 ألفًا في المحافظات الجنوبية، و10 آلاف في مركز محافظة نينوى.
وأشار حسين إلى أن هذا التفرق والتشتت "قلَّل" نسبة الأموال المخصصة لقضاء تلعفر، لأن ميزانيات المشاريع تُخصص حسب الأعداد السكانية للمناطق، مؤكدًا أن الإحصاء الأخير لم يضف المهجرين والنازحين إلى أعداد سكان القضاء.
ولفت قائمقام تلعفر إلى أزمة تأخر "إطلاق المبالغ المرصودة للمشاريع" من قبل اللجان التخصصية في إدارة محافظة نينوى، مما ينعكس سلبًا على تنفيذ المشاريع الخدمية في وقتها.
سنجار أيضًا تعاني
وقال مدير مركز لالش في قضاء سنجار، سليمان فانو، إن سنجار "مكتظة" بالحشود العسكرية والفصائل المسلحة، فهناك "قوات اليبشه" و"قوات اليبكه" وقوات تابعة لحزب العمال الكردستاني وفصائل تابعة للحشد الشعبي وقوات نظامية تابعة للجيش العراقي وأخرى تابعة للشرطة الاتحادية.
وذكر فانو، لموقع "الحرة"، أن السلاح المنفلت الموجود في سنجار يؤثر على الواقع الأمني فيها، مؤكدًا أن الفصائل العسكرية الموجودة هناك تحمل "أجندات إقليمية" من خارج العراق ولديها "ارتباطات" بقوى خارج المنطقة مثل تركيا وإيران.
ومن ضمن المضايقات الأمنية التي تشهدها المنطقة، خوف السكان من أن "يتم تجنيد الأطفال والنساء"، بحسب فانو.
وأشار إلى وجود عمليات خطف وقتل مستمرة بسبب وجود قوات غير شرعية في المنطقة، مما يثير الذعر والقلق لدى السكان.
ورأى أن على الحكومة إخراج الفصائل، لا سيما الحشود الشعبية التي لا ينتمي عناصرها إلى المنطقة، وضبط الحدود، وترسيخ التعايش، وإخضاع القضاء لقوات نظامية عراقية.
لا ضغوط
في المقابل، قال خديدا جوكي، مدير ناحية الشمال بقضاء سنجار، إن الأمن "مستتب" في القضاء، مؤكدًا في الوقت نفسه وجود العديد من القطعات العسكرية هناك، مثل قوات البيشمركة ووحدات حماية الشعب وفصائل الحشد الشعبي وقطعات من الجيش العراقي والشرطة الاتحادية التي تشرف على الأمن في المدن.
وأشار جوكي، في حديث مع موقع "الحرة"، إلى وجود صراعات سياسية بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على إدارة قضاء سنجار، الأمر الذي ألقى بظلاله على المنطقة وجعل الكثير من النازحين الإيزيديين غير راغبين في العودة.
وذكر جوكي أن عدد العائدين إلى قضاء سنجار ونواحيه بلغ الآن 250 ألف نسمة، في حين أن 250 ألفًا آخرين لا يزالون في مخيمات النزوح في إقليم كردستان، مؤكدًا أن نسبة ضئيلة من العائدين "لا تتجاوز 5%" استلمت التعويضات.
ولفت مدير ناحية الشمال إلى أن العودة الطوعية للنازحين قد توقفت بسبب توقف دعم منظمة الهجرة الدولية (IOM) لأسباب سياسية تتعلق بالخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان.
ويعاني قضاء سنجار من "الإهمال" منذ أكثر من 15 سنة، بحسب قول جوكي، الذي بيَّن أن الحكومات المتعاقبة لم تعمل على تحسين الخدمات في المنطقة.
وأوضح أن المنطقة تعاني من عدم وجود مياه صالحة للشرب، وتفتقر إلى مستشفيات متخصصة.
يشار إلى أن هذا التقرير اقتصر على تسليط الضوء على مطالب التركمان والإيزيديين دون تناول قضية تهميش الأقليات المسيحية في مناطق سهل نينوى، إذ خصصنا لها تقريرًا في وقت سابق.