عشتار تيفي كوم - آسي مينا/
بقلم: سهيل لاوند
مضى شهران على التغيير في سوريا، وسنتان على زلزالها. وبعيدًا من العوامل الجيولوجية، ما زالت الهزات الارتدادية للحدث السياسي الأبرز في البلاد منذ أكثر من نصف قرن تُقلق السوريين عمومًا والمسيحيين خصوصًا.
تظهر مؤشرات التفاؤل المسيحي في قرى ريف إدلب التي أزهرت حقولها بعد سنوات عجاف وبدأ الأهالي يستعيدون ممتلكاتهم المسلوبة تدريجًا بفضل جهود رهبان حراسة الأراضي المقدسة. وشهدت قرية اليعقوبية هذا الأسبوع إعادة افتتاح كنيسة القديسة آنا للأرمن الأرثوذكس بعد ترميمها، وإقامة القداس الإلهي الأول فيها بمشاركة أكثر من 200 حاجّ بعد انقطاع دام 15 سنة.
على المقلب الآخر، يعاني المسيحيون كغيرهم قلّة الانضباط الأمني وتفشي حالات الخطف والسرقة؛ فقد خرج رجل مسيحي من سكان حي الحميدية في حمص من منزله الأحد الماضي ولم يعد حتى الساعة. وتبلغ التعديات أحيانًا حدّ القتل، وهو ما كان مصير شاب مسيحي من اللاذقية لقي حتفه عند اعتراضه عصابة سطو.
وفي حديث خاص إلى «آسي مينا»، كشف متروبوليت حلب للسريان الكاثوليك المطران ديونوسيوس أنطوان شهدا أنّ قضية ضبط الأمن كانت من بين المطالب التي تقدَّم بها رؤساء الطوائف المسيحية إلى محافظ حلب لدى اجتماعهم به الثلاثاء الماضي. وأضاف: «كشف لنا المحافظ أنّه سيصار إلى وضع كاميرات مراقبة في شوارع المدينة، على أن تنار ليلًا بالطاقة الشمسية. كما سيكون لعناصر الشرطة لباس موحَّد وسيارات مميزة، منعًا لظهور منتحلي الصفة».
وتابع شهدا: «نواجه مشكلة انقطاع الكهرباء، لكن وُعدنا في الاجتماع بأن تصل إلى بيوت الحلبيين في خلال ثلاثة أشهر بمعدل ثماني ساعات يوميًّا، وإلى المعامل 24 ساعة».
وعن المسائل التي طرحها رؤساء طوائف المدينة، أوضح شهدا: «تحدثنا عن قضايا تخصّ المحاكم ودار العدل، وعن رواتب الموظفين، وعن الجامعات واحترام حرمتها. تناولنا أيضًا حرّية اللباس خصوصًا للنساء وعدم إجبارهنّ على ارتداء الحجاب. وأشرنا إلى وجود نخبة حلبية مسيحية متعدّدة الاختصاصات يمكنها تنفيذ ما يُطلب منها والمشاركة في إعادة البناء».
وشرح: «تَهمّنا المساواة في التمثيل؛ فعلى سبيل المثال مجلس نقابة الأطباء في حلب لا يضمّ أيّ مسيحي على الرغم من كثرة عدد أطبائنا ومهاراتهم العالية. وقد شدّدتُ في حديثي إلى المحافظ على أهمّية الصدق والإخلاص في الخدمة، وقلتُ بصريح العبارة إنّنا عشنا أكاذيب كثيرة وكبيرة في الماضي، لذا، "إمّا أن تكونوا صادقين مع الناس وتنفّذوا مطالبهم أو أن ترحلوا عن منطقتنا؛ فسنوات الحرب أرهقتنا ولا نريد الدخول في معمعة جديدة».
وأكّد شهدا رغبة المسيحيين في حكم مدني وعلماني، وختم: «كنّا واضحين في لقاءاتنا المتكرّرة مع المسؤولين أنّنا نحن المسيحيين وكذا المسلمين لا نقبل حكم الشريعة وصبغة دينية بحتة للدولة. نحن عائلة واحدة، فما الذي يمنع مثلًا انتخاب رئيس مسيحيّ أو مسلم للجمهورية من أيّ طائفة. نحن جميعًا مواطنون من الدرجة الأولى».