عشتار تيفي كوم - ايبارشية اربيل الكلدانية/
احتفلت جمعية الرحمة الكلدانية بذكرى اليوبيل الفضي والذهبي للمُتزوجين، في قداس احتفالي ترأسه راعي الإيبارشية سيادة المطران مار بشار متي وردة، وعاونه الأب شوان حنّا، المرشد الروحي للجمعية، مساء يوم أمس، الجمعة الموافق 24 كانون الثاني 2025، وبمشاركة 54 عائلة، أعقبها لقاء مودّة جمع العوائل معاً في قاعة الكنيسة.
بارَك سيادته العوائل هذه الذكرى، وصلوا معاً شاكرين الربّ نعمة سرّ الزواج المُقدس، وعلى رعايته لهم، طوال هذه السنوات.
وفيما يلي عظة سيادته:
دعانا ربّنا يسوع المسيح لنحتفل حوله معكم بالذكرى 25 و50 لزواجكم، شاكرين إلهنا وملكنا على هذه النعمة التي منحها للكنيسة، سرّ الزواج، والذي قدّسه بمُباركته لكم قبل 25 و50 سنة، وكان حاضراً معكم ليصل بكم إلى هذا اليوم. فالشكر لله أولاً على نعمهِ، والشكر لكم على أمانتكم وثباتكم وعطائكم.
سمعنا بُشرى الإنجيل حيث شهِد الرُسل أولى آيات ربّنا يسوع، وليس غريباً أن هذه الآية كانت في عُرسٍ، ليُعلمنا ربّنا يسوع أنه حاضرٌ مع كل شاب وشابّة يتقدمان أمام مذبحه ليقبلاً من الله دعوتها للعيش معاً، ويُنعِم عليها بالبركات، خاصة في الأوقات التي ينفذ فيها صبرهم، ويملئَ الخوف والخجل قلوبهم، ولا يعرفون كيف يتصرفان.
عندما قالت أمنا مريم لربّنا يسوع: "لَيْسَ لَهُمْ خَمْرٌ"، فمعنى ذلك: أن أهل العريس لم يتهيؤوا كما يلزم لاحتفالية العُرس، ولم يُنفقوا ما يلزم لشراء الخمر الكافي والطعام للعُرس، ولنا أن نتخيّل الخجل، بل العار الذي سيُصيبهم عندما ينتشر خبرهم بين الناس؟ بُخلاء وأغبياء ولا يحترموا الضيوف. فالعبارة: "ليس لهم خمرٌ"، إشارة صريحةٌ إلى أزمة ومُشكلة وصعوبة ومعاناة يختبرها كلُّ زوجين، لأن الزواج هو رحلةٌ في أرضٍ لا نعرفها، فيها رياحٌ وعواصف وأمطارٌ ورعود تصدمُ البيت الناشئ، وليس للزوجين أي خيارٍ إلا أن يتكلا الواحد على الآخر، لمواجهة هذه العواصف، عارفين أن بيتهما مبنيٌّ على الصخرة، المسيح يسوع.
لذلك، تدخلّت أمنا مريم لتكون إلى جانب العريس والعروس، والتفتت إلى ابنها تطلبُ منه أن يتدخل، مؤمنةٌ به أنه قادرٌ على أن يحوّل هذه المأساة وهذا الخجل إلى آية، معجزة، وبُشرى سارة، وشهادة للإيمان، فأمرت الخدَم: "مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فافعلوه"، وطلبَ من الخدَم أن يملؤوا الأجاجين الفارغة ماءً، فليس مطلوبّ منّا أن نصنع المعجزات وقت الأزمات، وقت التعب والفتور والضجر والملل، بل أن نكون بُسطاء، ونتعامل بمودة ولطفٍ وشفافيّة مثل شفافية الماء، واثقين أن ربّنا سيحوّل أزمتنا إلى فرحٍ دائم.
25 و50 سنة هو احتفالٌ للثبات والعطاء المُتبادَل الذي شهدتُم له في حياتكم، لأنّكم كُنتم ثابتين بالمسيح يسوع، هو الذي وعدنا: "أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً." (يو 15: 5)، وحضور المسيح يملئ حياتنا من الفرح دوماً، ويتجدد هذا الثبات والحضور كلما شاركنا في الافخارستيا، وفتحنا أبواب قلوبنا وبيوتنا ليسوع، لننعم بثمار هذا الزواج، الأبناء والأحفاد والذكريات الرائعة التي جمّلوا فيها حياتنا.
يروي آباؤنا الروحيون عن زوجين كانا يحتفلان بذكرى زواجهما الخمسين. وعندما سُئلا عن سرّ استمرارهما معًا طيلة هذه السنين، أجابت الزوجة بابتسامة: "منذ يوم زفافنا، قررنا أن نضع المسيح في قلب حياتنا. كلما واجهنا مشكلة، كنا نضعها بيننا وبين المسيح، فنحن الثلاثة دائمًا معًا: أنا وزوجي والمسيح."
حياتكم هي عرسٌ مستمر مع الله. تذكّروا أن المسيح هو خالقُ الفرح الحقيقي، والقادِر على تجديد حُبكم ويُقوي ثباتكم ويجعل عطائكم المُتبادَل أكثر سخاءً، فأفتحوا له أبواب حياتكم، ليُضيءَ بنوره عليكم وقت الظلمةِ، ويجعل من زواجكم شهادةً حيّة لمحبته لكم، ودعوة للشباب ليستجيبوا لدعوته لهم ويتقدسوا من خلال الأمانة والإخلاص في زواجهم.
باسم الكنيسة كلّها، أشكركم على شهادتكم الصادقة لحب الله وأمانته. نطلب من الرب أن يبارككم بمزيد من السنوات المباركة والمليئة بالسلام والفرح. ولنتذكر دائمًا أن الزواج المسيحي ليس مجرد ذكرى، بل هو عهد دائم مع الله ومع بعضنا البعض. وكما بارك المسيح عرس قانا بالخمر الجديد، فليبارك حياتكم بالمزيد من الفرح والنعمة.
"اللهم، يا من جمعت هؤلاء الأزواج في عهد مقدس، كما باركت عرس قانا الجليل، باركهم وزدهم حبًا ووحدة. امنحهم السلام والفرح، واجعل حياتهم شهادة حيّة على حبك الذي لا ينضب. آمين."