( في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ) " يو1:1 "
منذ الأزل يسوع المسيح هو إبن الله ، أي منذ وجود الله الأب في الأزل وجد يسوع . والأزل لا يخضع للزمن بل خارج الزمن . أراد يسوع الكلمة أن يدخل في الزمن ، أي في التاريخ ( فلما تم الزمان ، أرسل الله ابنه مولوداً لإمرأةٍ ) " غل 4:4 " . تجسد الأقنوم الثاني الإلهي في العذراء مريم وصار إنساناً كاملاً محتفظاً بآلوهيته . أي صار إلهاً متجسداً في جسد إنسان ، أي الله الظاهر في الجسد الذي بقدرته الإلهية دخل في العذراء لتصبح أماً مختارة لرب متجسد ، فالمتجسد فيها هو رب وإله ( فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ ) " لو43:1 " صار الإله إنساناً . كل إنسان هو محدود القدرة والفهم ، لكن الإنسان يسوع غير محدود ، صار إنساناً لكي يصالح الله مع الإنسان الخاطىء وبجسد الإنسان يُدفع الفدية للسماء . نبؤات كثيرة في أسفار العهد القديم وضحت ميلاد المسيح المنتظر من قبل الشعب اليهودي الذي ولد بينهم في بيت لحم مدينة داود . هناك آيات كثيرة تتحدث عن لاهوت المسيح قبل التجسد . فموسى أوصى شعبه قائلاً ( يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من أخوتك مثلي . له تسمعون ) " تث 15:18" .
أما إشعيا النبي فتنبأ قائلاً ( ها العذراء تحبل وتلد إبناً وتدعو إسمهُ عمانوئيل ) " إش 14:7 " وتفسير إسم عمانوئيل هو ( الله معنا ) في اللغة السريانية يتكون من مقطعين هي ( عمَن) أو (إمَن ) أي معنا . والمقطع الثاني ( ئيل ) أي الله . أما إسم ( نوئيل ) فهو مقطوع من إسم ( عمانوئيل ) فنون الواقعة في بداية إسم ( نوئيل ) تعود للمقطع الأول ( عمان ) وإضيفت إلى المقطع الثاني ( ئيل ) إذاً إسم نوئيل لا تفسير أو معنى لهُ . وكذلك أسم ( مانويل ) .
يذكر النبي إشعيا إسم عمانوئيل في إصحاح آخر ، يقول ( ويمر يهوذا ويطفح ويعبر ويبلغ إلى العنق ، وبسط جناحيه يملأ سعة أرضك ، يا عمانوئيل ... دبري تدبيراً فيبطل تكلمي كلاماً فلا يثبت لأن الله معنا ) " 8: 8 ، 10 " وقد ذكر العهد الجديد إسم ( عمانوئيل ) في ( مت 23:1 ) تأكيداً لما ذكره إشعيا النبي . كم أمر الملاك جبرائيل مريم وخطيبها يوسف أن يسَّمو إسم الطفل الإلهي ( يسوع ) ومعناه ( يهوة يخلص ) ( طالع مت 21:1 و لو 31:1 ) لأن به سيتم خلاص البشر . يسوع ليس من بني آدم المخلوق ، بل هو إبن الله ، أي إنه مولود غير مخلوق لأنه الله الظاهر في الجسد بعدما إتحد بجسد إنساني . فتحققت كل النبؤات التي عبَّرَ عنها الرسول فيلبس لنثنائيل قائلاً ( قد وجدنا الذي ذكرهُ موسى في الشريعة وذكره الأنبياء وهو يسوع إبن يوسف من الناصرة ) " يو 45:1 " بعد ولادة المسيح لاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرف عين .
لاهوت المسيح أزلي لا بداية له ولا نهاية ، أما جسده فكان له بداية ونهاية . كان ليسوع جسد ونفس وروح إنسانية وهذه كانت متحدة بلاهوت الله ، وكان خاضعاً لمشيئة الآب الذي أرسله ، لهذا أخلى ذاته مطيعاً وآخذاً صورة عبد ، وأطاع حتى الموت ، موت الصليب .
الله لم يراه أحد . بالمسيح الإله المتجسد رأينا الله ، لهذا قال ( الذي رآني فقد رأى الآب ) " يو 9:14" . كذلك قال ( أنا والآب واحد ) " يو 30:10 "
يسوع هو إبن الله ، وبنويته ليست تناسلية جسدية ، بل هو العقل المولود من ذات الآب ، وبه خلق الآب كل شىء ( راجع يو 2:1 , قول 20:15 ) والأب والإبن حي بالروح القدس المحي . أسفار العهد القديم أيضاً تتحدث عن ثالوث الله القدوس . فسفر الأمثال يقول ( من إرتقى إلى السماء ثم هبط منها ؟ ومن جمع الريح في حضنته ؟ من صر المياه في ثوب ؟ من أرسى جميع أطراف الأرض؟ ما إسم إبنه ؟ ) " أم 4:30 " إذاً يسوع موجود كإبن لله قبل أن يولد من العذراء مريم .
في الختام نقول : الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بعيد ميلاد الرب يسوع في يوم 25 كانون الأول من كل عام . كذلك قررت بعض الكنائس الأرثوذكسية في عام 1923 بالإحتفال بنفس اليوم منها كنائس اليونان وقبرص ، لكن كنائس أخرى كالروسية والقبطية في مصر ظلت على التقويم القديم ، كذلك الكنيسة الأرمنية تحتفل في 6 كانون الثاني الذي يتزامن مع عيد عماد الرب .
نسأل الرب المولود في المغارة أن يجعل هذا العيد والسنة الجديدة التي هي سنة اليوبيل المقدس سنة خير وسلام وفرح للجميع ، ويزرع المحبة بدل العنف والحروب والفساد ونبذ الضعيف من أجل عراق حر يعيش شعبه معاً الحرية ويتساوى الشعب بالحقوق والواجبات ، ولتحل بركاته على بلادنا والعالم . فنقول مع أجواق الملائكة :
( المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة ) ؟ لو14:2"
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"