عشتارتيفي كوم- المدن/
حثّ البطريرك الماروني بشارة الراعي "المسيحيين على الإنخراط في العمل الوطني السياسي في سوريا". مشدداً أنه "لا بدّ من مدّ اليد لجميع المكوّنات السوريّة للتعاون في بناء البلاد، مع التأكيد على أهميّة بناء سوريا على أساس من المواطنة والمساواة دونما تمييز دينيّ أو طائفيّ أو عرقيّ أو ثقافيّ". وحيّا الراعي "مطارنة وأبناء أبرشيّاتنا المارونيّة الثلاث في كلّ من حلب ودمشق واللاذقيّة، وإلى سائر الكنائس الكاثوليكيّة والأرذوكسيّة والإصلاحيّة الزاهرة في سوريا. إنّ سوريا هي مهد المسيحيّة المتجذّرة فيها منذ بدايتها. وبالتالي عاش المسيحيّيون فيها بإخلاص لها، وأعطوها من صميم قلوبهم لحماية العيش المشترك والعدالة والسلام والحريّة وحقوق الإنسان".
واعتبر البطريرك انّ "اللقاء الذي جمع السلطة في "هيئة تحرير الشام" مع مطارنة حلب، وكهنة دمشق كان مطمئنًا، ونرجو أن يستمرّ كذلك. وقد أعرب المطارنة والكهنة عن رغبتهم في العمل معًا، والمشاركة في إدارة الشؤون العامّة لمصلحة المواطن السوريّ بشكلٍ عام والمسيحيّ بشكلٍ خاصّ. فعلى المسيحيّين أن يعيشوا حضورهم الطبيعيّ والفعّال في مجتمعهم السوريّ، لكونهم مكوّنًا أصيلًا فيه وأساسيًّا".
وفي الشان اللبناني، شدّد الراعي على أهمية التوافق بين الكتل النيابية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المزمع عقدها في التاسع من كانون الثاني المقبل. وأكّد مرافقة هذه الجهود بالصلاة لتحقيق الخير للبنان واللبنانيين، متمنيًا أن يكون الرئيس المنتخب الأنسب لتحقيق السلام العادل والمستدام في لبنان وسوريا".
وشكر البطريرك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على دعوته ومشاركته "في فعاليات إعادة افتتاح كاتدرائية Notre Dame de Paris بعد ترميمها من الحريق الذي تعرضت له".
وختم بالدعاء: "نصلّي من أجل سلام دائم وشامل في منطقتنا، ومن أجل أن يجعل الله وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان بدايةً لسلامٍ عادلٍ ودائمٍ".
عودة: الطغاة فرّوا
في المقابل، أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران إلياس عودة إلى أنّنا اعتدنا في لبنان "على تأجيل أمور أساسيّة كملء الشّواغر في المراكز القضائيّة والماليّة والعسكريّة والإداريّة، أو تأجيل الاستحقاقات من انتخابات نيابيّة أو بلديّة وغيرها، ما انعكس سلبًا على حياة الوطن والمواطن".
وأكّد عودة أنّ "الأخطر ما أصبح عادةً، وهو تأخير انتخاب الرّئيس، ما أعاق عمل كلّ المؤسّسات وساهم في تراجع البلد وتغييبه. لذا أملنا أن يعي المسؤولون عندنا أهميّة وجود رئيس في هذه المرحلة الدّقيقة من عمر بلدنا، وأن يتمّ انتخاب رئيس في أسرع وقت، فيتسلّم زمام الأمور ويعمل مع حكومته على إعادة بناء الدّولة واستعادة هيبتها ودورها، وعلى حماية لبنان وإبعاده عن كلّ ما قد يشكّل خطرًا عليه وعلى بنيه". وشدّد على أنّه "يكفي هذا البلد ما قاساه طيلة العقود الأخيرة، ويكفي الشّعب ما عاناه، وقد حان الوقت لكي ينعم بالسّلام والإستقرار والإزدهار. آن أوان الجدّ والعمل، وكلّ تأخير سيدفع ثمنه الجميع".
وفي الختام، ذكر أنّ "منذ يومين، مرّت الذّكرى التّاسعة عشرة لإغتيال جبران تويني ، المناضل من أجل وطن الحرّيّة فيه مصانة، والعدالة سيّدة، والكلمة فاعلة. جبران نادى بالحرّيّة للجميع. حَلم بمستقبل واعد لبلده، حارب الظّلم والإستعباد، ووقف في وجه الطّغاة إلى أن أزالوه. لكنّ صوته ما زال يرنّ في الآذان، وكلماته تتردّد في الضّمائر الحيّة، فيما الطّغاة فرّوا، وتماثيلهم هَوت، وسجونهم فُتحت؛ ولعنة شعوبهم ستلاحقهم إلى الأبد".
ميقاتي :مسؤولية أميركيا وفرنسا
من جهته، كرّر رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي على ضرورة التّنفيذ الشّامل للقرار1701 ووقف الانتهاكات الإسرائيليّة، معتبراً أنها "مسؤوليّة مباشرة على الدّولتين اللتين رعتا هذا التّفاهم وهما الولايات المتّحدة وفرنسا".
وتحدث ميقاتي، في خلال مشاركته في المنتدى السّياسيّ السّنويّ الذي ترأسته رئيسة الوزراء الإيطاليّة جورجيا ميلوني، أمس في روما، عن التحديات الّتي واجهت لبنان عبر التاريخ وصولًا إلى حقبة اتفاق الطائف. وكأول ضيف شرفٍ لبنانيّ يُدعى لهذا المنتدى، شدّد ميقاتي على "أنّنا على قناعة أنّ تفاهم وقف إطلاق النّار الّذي اقترحته وترعاه الولايات المتّحدة الأميركيّة وفرنسا، من شأنه إزالة التّوتّرات على طول جبهة الجنوب، ويشكّل الأساس لاستقرار مستدام وطويل الأمد"، موضحًا أنّ "من شأن تطبيق هذا التّفاهم أن يمهّد الطّريق لمسار دبلوماسي تؤيّده حكومتنا بالكامل. ويهدف هذا النّهج إلى معالجة الإشكالات الأمنيّة على طول الحدود الجنوبيّة، وانسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي الّتي تحتلّها، وحلّ النّزاعات على الخطّ الأزرق، من خلال التّنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الرّقم 1701".
وذكّر ميقاتي بـ"التزامنا بتطويع أعداد إضافيّة من عناصر الجيش، يتماشى مع مندرجات قرار مجلس الأمن الرّقم 1701، ويؤكّد التزامنا الثّابت بالتّنفيذ الكامل لهذا القرار وتعزيز قدرات الجيش".
وأشار إلى أنّ "العدوان الإسرائيلي على لبنان ألحق أيضًا أضرارًا جسيمةً بالبنى التّحتيّة والاقتصاد والاستقرار الاجتماعي"، مبيّنًا أنّ "النّزوح الجماعي لآلاف اللّبنانيّين أدّى إلى نشوء أزمة إنسانيّة غير مسبوقة، ممّا يستدعي اهتمامًا ودعمًا فوريَّين من المجتمع الدولي. ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، سيحتاج لبنان إلى ما لا يقلّ عن خمسة مليارات دولار لدعم عمليّة إعادة الإعمار". وقال إن هناك أيضًا حاجة ملحّة لتأمين استقرار المؤسّسات الدّستوريّة، بدءًا بانتخاب رئيس جديد للبلاد".
التحوّلات في سوريا
ولم يغب ذكر سوريا عن حديث ميقاتي، إذا قال إنّه "وقبل أيام قليلة، شهدنا تحوّلًا كبيرًا في سوريا، من المتوقّع أن يؤدّي إلى إعادة رسم المشهد السّياسي فيها للسّنوات المقبلة. وما يعنينا بشكل أساسي في هذا الملف، هو عودة النازحين السوريين إلى بلادهم"، مشدّدًا على أنّه "على المجتمع الدولي وخصوصاً أوروبا، المساعدة في حلّ هذه الأزمة، من خلال الانخراط في جهود التّعافي المبكر في المناطق الآمنة داخل سوريا، وأن تكون علاقاتنا مع سوريا مرتكزة على مبدأ احترام السّيادة وحسن الجوار".
وأضاف: "إنّ تداعيات الحرب السّوريّة جعلت من لبنان حاضنًا لأكبر عدد من اللّاجئين نسبةً لعدد سكانه. الضّغط كبير جدًّا على مواردنا، ما يفاقم المشاكل الاقتصاديّة الحاليّة، ويخلق منافسةً شرسةً على الوظائف والخدمات"، مبيّنًا أنّ "من ناحية أخرى، يتعاون لبنان بشكل وثيق مع أوروبا لمنع الهجرة غير الشّرعيّة، ونحن نفخر بمشاركتنا الفاعلة في منتدى روما لمكافحة الهجرة غير الشّرعيّة. كما يتقاسم لبنان وإيطاليا المخاوف ذاتها، وسنواصل العمل معًا لحماية منطقة البحر الأبيض المتوسّط".
وأشار ميقاتي إلى تحسن مؤشرات الاستقرار في الشرق الأوسط، مع دور محوري للسعودية ودول عربية أخرى في السعي لحلّ القضية الفلسطينية. كما أبرز العلاقات العميقة بين لبنان وإيطاليا الّتي تستند إلى التاريخ المشترك والاحترام المتبادل، مع تأكيده على أهمية التعاون الثنائي في التجارة والقضايا الإقليمية والدولية. مشيدًا بالدعم الإيطالي القوي لقوات "اليونيفيل"، خصوصاً خلال الأزمات.
من جهتها، نوّهت ميلوني، بالعلاقات الثنائية والتاريخية التي تربط لبنان وايطاليا. وحيّت ميقاتي على جهوده لحماية وطنه واستقراره.