القيود الحكومية على تعليم الجنس تدخل حيز التنفيذ في العام الدراسي المقبل (غيتي)
عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
أصدرت الحكومة البريطانية تعليمات جديدة للمدارس تمنع تعليم الطلبة قبل سن التاسعة أية مواد حول العلاقات العاطفية للبالغين ومفاهيم التحول الجنسي، لافتة إلى أن هذه التعليمات تمخضت عن مراجعة شاملة للمناهج المقدمة في هذا الشأن منذ عام 2020، وقامت بها لجنة مستقلة من الخبراء والمختصين.
بررت الحكومة قرارها بملاحظة مواد دراسية في مناهج الجنس لا تخدم الغرض من تعليمها، كما أنها توصلت إلى نتيجة مفادها ضرورة توعية الطلبة حول الثقافة الصحية بشكل تدريجي يواكب احتياجاتهم المعرفية من جهة، ويتناسب مع قدراتهم على فهم المعلومات المقدمة لهم وفق فئاتهم العمرية من جهة أخرى.
وتوجهت وزارة التعليم إلى الآباء والأمهات من أجل إبداء رأيهم بتعليماتها الجديدة قبل البدء بتطبيقها مطلع العام الدراسي المقبل، مع الإشارة إلى إلزامية توجيهاتها على جميع مدارس إنجلترا الحكومية من دون استثناء، مع الاستمرار في قانون السماح للأهالي بسحب أطفالهم من دروس التربية الجنسية العاطفية إذا أرادوا.
فئات ومحتوى التعليم
في المدارس الابتدائية منعت الحكومة البريطانية تدريس الأخطار المتعلقة بألعاب الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وعمليات الاحتيال قبل السنة الثالثة، وأنه لا ينبغي تدريس "البلوغ" قبل الرابعة، وفي الخامسة يسمح بتدريس أساسيات في التربية الجنسية تواكب محتوى المناهج الوطنية في ما يتعلق بالحمل والولادة.
في المدارس الإعدادية منعت الحكومة الأساتذة من تدريس قضايا التحرش الجنسي قبل سن السابعة، والإشارات المباشرة إلى الانتحار قبل الثامنة، وأية مناقشة صريحة للنشاط الجنسي قبل عمر التاسعة. ولكن السؤال هو ماذا يشمل النشاط الجنسي، وإلى أي مدى سيتضمن أفكار التحول الجنسي التي ازدادت أخيراً؟
وفق البيان الرسمي يمكن للمعلمين استخدام الإرشادات الجديدة بمجرد نشر النسخة النهائية لها في وقت لاحق من هذا العام، ومع ذلك تدرك الحكومة بأن جزءاً من المدارس الرسمية تحتاج إلى وقت لإجراء تغييرات على مناهجها الدراسية، لذلك ستسمح بفترة انتقالية إلى حين الاستعداد لتطبيق التعليمات كاملة.
ويشير البيان لإلزامية تطبيق التوجيهات الجديدة مع بعض المرونة داخل التصنيفات العمرية، إذ تحتاج المدارس أحياناً إلى الرد على أسئلة يطرحها التلاميذ في شأن المحتوى المقيد. وفي هذه الظروف "يجب أن تقتصر الإجابات على حقائق أساسية من دون الخوض في تفاصيل غير ضرورية، كما يتوجب إبلاغ الآباء".
سجال مهني وشعبي
فرضت الحكومة البريطانية إلزامية تعليم الجنس في المدارس منذ عام 2020، وأثارت مراجعة هذه الخطوة بعد أربع سنوات، وجهات نظر متباينة سواء في الشارع أو بين المختصين في الأوساط المعنية. فهناك من وجد سن التاسعة مناسباً لتدريس العلاقات العاطفية والتحول الجنسي، وآخرون رأوا في الخطوة تراجعاً عن مفاهيم نشأة الأجيال المتحررة والواعية جنسياً بشكل عام، وليس فقط في قطاع التعليم.
رؤية الحكومة عبرت عنها وزيرة التعليم جيليان كيجان، بالقول إن "التوجيهات الجديدة تضع حماية الأطفال في صميم العملية التعليمية وتكرس حق الآباء في معرفة ما يتعلمه أطفالهم". كذلك تتيح للمدارس التحكم بكيفية وتوقيت تعلم الأطفال ما هو مناسب لهم جنسياً وعقلياً في كل مرحلة من مراحل الدراسة المختلفة.
الأمين العام لاتحاد المدارس بول وايتمان، دعا الحكومة إلى تقديم أدلة تظهر بشكل لا لبس فيه، أن الحدود العمرية ستدعم حماية الأطفال والشباب جنسياً، منوهاً إلى أن الأطفال قد يصلون أصلاً إلى المعلومات الجنسية من خارج المدرسة، وهذا سيضع المعلمين حتماً أمام استحقاق الإجابة عن مواضيع حساسة.
ولفت وايتمان في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن المراجعة الحكومية للمناهج الجنسية تنطوي على "دوافع سياسية"، فلا يوجد دليل على وجود مشكلة واسعة النطاق تتعلق بالمحتوى غير المناسب الذي يدرس، كما لم تتضح آلية النظر في أخطار توعية الأطفال حول العلاقات العاطفية قبل سن التاسعة.
ضغوط النواب المحافظين
تقول صحيفة "ذا غارديان" إن عشرات النواب المحافظين خرجوا بفكرة أن التربية الجنسية في إنجلترا غير مناسبة، فكتب نحو 50 عضواً في البرلمان لرئيس الوزراء العام الماضي رسالة تحثه على إجراء تحقيق مستقل في كيفية تدريس التربية الجنسية في المدارس للوقوف على مواطن الخلل التي تشوبها، وفق تعبيرهم.
النائبة المسيحية المحافظة في مجلس العموم ميريام كيتس قالت إن الأطفال تلقوا رسوماً في "الجنس الفموي" و"تقييد الشريك بأمان"، منوهة إلى أن الأطفال يلقنون أيديولوجيات متطرفة حول الجنس أحياناً، وعلى رغم ذلك تقول معظم المدارس إنها حذرة للغاية في شأن المواد التي تقدم للأطفال ويدرسون الجنس من خلالها نظرياً.
العامل الأبرز في استدعاء التوجيهات الجديدة في تعليم الجنس بالمدارس يتمحور حول أفكار التحول الجنسي، إذ صرح مصدر في وزارة التعليم لصحيفة "ذا تلغراف" أن الأطفال لا يجب أن يتلقوا في المدارس ما يوحي بأنهم ولدوا خطأ كإناث أو ذكور، وبالتالي يحرصون لاحقاً على تغيير جنسهم لتصويب الأمر.
نائب في البرلمان لم تسمه الصحيفة أيضاً قال إنه "لا ينبغي دفع أي طفل للاعتقاد بأن هناك أكثر من جنسين، أو أن الناس يمكنهم تغيير جنسهم. فهذا ليس فقط غير صحيح، ولكنه مربك جداً للأطفال. لذلك يجب أن يستند التثقيف الجنسي على حقائق مثل سن البلوغ والإنجاب، وليس على أفكار ومحاولات متنازع عليها".