كتابة : نمرود قاشا
( القسم الثالث )
1 . في الطريق الى جبل المقطم .
يقع جبل المقطم، بمنطقة الأباجية في قلب القاهرة القديمة ( الفاطمية ) ، والحافلة التي اقلتنا الى الجبل عليها تمر في حي يسكنه جامعي القمامة ( الزبالين ) ، أقاموا لهم مساكن بدائية تسمى ( زرائب ) نسبة الى المكان الذي تقيم فيه الحمير والخنازير ، وكل شخص منهم يمتلك عربة قمامة بدائية ، عبارة عن صندوق من الخشب له عجلتان يجرها حمار ، جميع هؤلاء أو اغلبهم مسيحيون ، يبلغ عددهم حوالي ( 50 الف ) " حسب تقرير البنك الدولي "
عليك ان تجتاز هذا الفرع لكي تصل جبل المقطم ، حيث الروائح الكريهة والمناظر المقززة لسكان هذا الحي وهم يجلسون وسط أكوام من القمامة داخل بيوتهم وهم يفرزوها ، لتنقلها بعد ذلك عربات وسيارات قديمة تباع لتجار متخصصين .
يقال ، بأنه في أواخر عام 1969م صدر قرار محافظ القاهرة بنقل جامعى قمامة القاهرة إلى أحدى روابى المقطم ليسكنوا على تل من تلال جبل المقطم .
2 . المعز لدين الله الفاطمي .
مرافقنا المصري ( مايكل ) شرح لنا قصة القديس سمعان الخراز فقال : سمي بالخراز ( الدباغ ) صانع الاحذية ، واضاف .
كان المُعِز لدين الله الفاطمي ( حاكم القاهرة ) رجلاً مُحِبَّاً لمجالس الأدب، والمباحثات الدينية.. وكان هناك رجلاً يهوديّاً متعصباً، إعتنق الإسلام لينال منصبه، وكان اسمه "يعقوب بن كلس". وكان مبغضاً للمسيحيين، وفي يوم من الأيام أرسل الخليفة للأب البطريرك ليحدد موعداً ليُحاجِج اليهود أمامه.. فاصطحب معه الأنبا ساويرس بن المقفع أسقف الأشمونين (بالصعيد).. فبدأ الأسقف باتهام اليهود بالجهل! ، وكان من أثر ذلك أن تضايق الوزير بن كلس للغاية، وأخذ هو ورفيقه موسى في التفتيش في الإنجيل عن أي آية ترد له اعتباره.. فوجد "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل إنتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شئ غير ممكن لديكم." (مت 20:17)
فأسرع وأراها للخليفة، وطلب منه أن يجعل النصارى يثبتون صحة هذا الكلام.. فأعجب الخليفة بالفكرة، وخاصة أنه فكَّر في إزاحة الجبل الجاثم شرق المدينة الجديدة (القاهرة)، أما إذا عجز النصارى عن تنفيذ هذا الكلام، فهذا دليل على بُطلان دينهم، ومن ثم تحتم إزالة هذا الدين!!
فأرسل الخليفة للبابا وخيَّرهُ ما بين تنفيذ الوصية، أو إعتناق الدين الإسلامي، أو ترك البلاد، أو الموت! فطلب البابا من الخليفة ثلاثة أيام، ونادى بصوم واعتكاف إلى جميع الشعب.. وفي فجر اليوم الثالث ظهرت السيدة العذراء للبابا، وأرشده بأن يخرج، والرجل الحامل الجرة الذي سيراه هو الذي ستتم المعجزة على يديه..
وبالفعل خرج وقابل القديس سمعان، وتحدَّث معه، عن حياته وروحياته، وسبب فقده لعينه ، فقال القديس للبابا أن يصلي مع الشعب كيرياليسون 400 مرة ويصلي صلاة القداس وهم يحملون الأناجيل والصلبان والشموع.. وهو سيقف معهم خلف البابا كواحد من الشعب. وبعد ذلك يجب على البابا بالسجود مع الكهنة، ويرشم الجبل بعلامة الصليب المقدسة.. وسيرى مجد الله..
وبالفعل تم كل هذا بالضبط.. وبعد رفع يد البابا يده ورسم علامة الصليب المقدسة، إذ بزلزلة عظيمة تحدث، ومع كل قيام من سجدة يرتفع الجبل، ومع كل سجدة يندك الجبل وتظهر الشمس من تحته وهو يتحرك ، هذه هي قصة نقل جبل المقطم .
من الأماكن الأثرية التى ربما لا يعلم عنها الكثيرون شيئًا، على الرغم من أنها موجودة فى قلب القاهرة الفاطمية، هو دير القديس سمعان الدباغ بالمقطم، والذى يُعد أحد أهم وأعرق الآثار المصرية القديمة، فهو يمثل تحفة معمارية نادرة لا مثيل لها، ومزارا سياحيا يقصده المصريين والأجانب من مختلف دول العالم.
1 . أبرز ما يميز دير القديس سمعان هو أنه منحوت داخل صخور جبل المقطم، فهو يبدو للوهلة الأولى كجزء من الجبل، وكأنه شاهد على تاريخ وحضارة هذه المنطقة التى يقع بها عبر مئات السنين.
2 . يقع دير القديس سمعان الدباغ بالمقطم بمنطقة الإباجية، ولم يتم بناؤه على دفعة واحدة، وإنما طرأت فكرة بناءه عقب اكتشاف المغارة التى دفن بها القديس سمعان الدباغ عن طريق الصدفة فى شباط 1974.
3 . فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى قامت بعثة من الكهنة وعلماء الآثار القبطية بالبحث عن مقتنيات سمعان الدباغ، وتمكنوا من العثور على ما يشتبه أنه الهيكل العظمى له وذلك فى اب عام 1991م، كما عثرت البعثة على وعاء نادر يرجع تاريخ صناعته إلى ما يزيد عن ألف عام، رجح علماء الأقباط أنه كان ملكا لسمعان الخراز، وأنه نفس الوعاء الذى كان يقوم بواسطته بنقل الماء لبيوت الفقراء، وما زال هذا الوعاء موجودا بدير القديس سمعان الدباغ بالمقطم بالقاهرة.
4 . يضم الدير 6 كنائس، بينهم كاتدرائية العذراء والقديس سمعان وهي أكبر كنيسة في مصر حيث تستوعب 20 ألف شخص وبها 76 جدارية محفورة في انحاء الجبل، وخمس كنائس أخرى هي: كنيسة الأنبا شنودة، كنيسة الأنبا برام بن زرع سرياني، كنيسة الملاك وماري وحنا، كنيسة الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس، كنيسة مارى مرقص.
5 . هناك فنان بولندى يسمى ماريو كان لديه موهبة النحت على الخشب وقدم هدية إلى القمص سمعان إبراهيم مجرد منحوتة فطلب من أن ينحت الرسومات فى الجبل فنحت 76 نحت فى الجبل، كما أشرف على بعض الألعاب الموجودة بالخارج، حيث بدأ عام 1995 ومازال مستمراً حتى اليوم فى عمليات النحت.
6 . وفى ٩ تموز عام ١٩٩٢م قام نيافة الأنبا متاؤس بإيداع جسد قديس الجبل سمعان الخراز في أنبوبة ووضعها في كنيسة العذراء ببابليون الدرج مع كتابة وثيقة خاصة بذلك وهى الموجودة حالياً بجوار مقصورة القديس سمعان الخراز بكنيسة المقطم بالقاهرة
7 . تم بناء الدير بشكل تدريجي وذلك بواسطة أبناء المقطم حيث قاموا بنقل مليونين ونصف حجر من أجل بناء الدير .