أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو
| مشاهدات : 861 | مشاركات: 0 | 2023-05-23 12:35:22 |

أنظروا ... من حقكم أن ترحلوا ... ولكن! (الحلقة الأولى)

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

            نعم، نجد اليوم أنفسنا أمام عالم غريب، فقد تغيّر كل شيء وأصبح الإنسان فريسة الحياة فتراه يركض وراء المال وإنْ كان حراماً، ووراء الحياة وإنْ كان بكبرياء، ووراء الشهرة وإنْ كانــــت مشتـــراة، ووراء المصلحــة والعشيــرة والكــــراسي، ويحــب لنفسه كــل شيء ولا يحــب

لغيره. كما أنّ نظره إلى الحدود البعيدة والقريبة يتطلع بكل اهتمام وفي يده الموبايل والحاسوب شاكراً ثورة المعلومات والاتصالات التي سنحت له هذا الاختراع في الفيسبوك واليوتيوب و... و... واصبح بذلك يدور حول نفسه وشهواته ونزواته وابتعد عن حقيقة السماء ونسي أن الحياة الحقيقية تكون في إسعاد الآخرين وليس في استعبادهم. لذلك نرى أن عالمنا عالم مظلم، فهو يتّهم كل مَن ينادي بالحقيقة والعدل بارتكاب خطيئة علنية وجريمة نكراء بحق البشر وبذلك يُدان بجرم التعرض للمصالح الشخصية لكبار الزمن والدنيا، فيدخل محكمة الظلم للمثول أمام قاضي هذا الزمان وإنْ كان بريئاً من أجل الذات ومع الأسف!.

            نعم، ما دفعني إلى كتابة هذه الأسطر هو الغيرة مما يحصل اليوم، وألمي كبير جداً فسكان بلدتي يعملون من أجل إفراغها من أهلها ومن سكانها بوصية لمّ الشمل، وفي ذلك أنتم أحرار بمغادرتكم وأحرار ببقائكم. "فالهجرة خياراً حرّاً" هكذا يقول البابا فرنسيس في رسالته لعام 2023 بمناسبة اليوم العالمي التاسع بعد المئة للمهاجرين واللاجئين، وبمغادرتكم تعطى بلدتي لشعوب غريبة ينتظرون غزوها. وقد يقول قائل: لماذا تتحدث في مثل هذه المواضيع وكأنك تعيش في كوكب آخر دون أن تنظر إلى ما يحصل؟ وبسبب هذه الوصية فالعديد من المسيحيين يتركون بلدهم ومدينتهم وقريتهم بل وأرضهم وأسباب كثيرة ينعتون بها هذه المسيرة المؤلمة وينسبون ذلك إلى نقص كامل لحقوق الإنسان في العيش بأمان وبسبب الفقر والخوف واليأس والحروب، والمستقبل لا زال مجهولاً.

            أمام كل ذلك يكون جوابي: نعم، أقول إنني أعيش وأرى وأُدرك وألمس الحقيقة وأعرف جيداً - وربما أكثر من أي شخص آخر وإنْ كان من سكان بلدتي أو مسؤولاً فيها لمعبد أو لدائرة – وفي ذلك أنا أتحلّى بالاحترام الكامل، كما يقول قداسة البابا فرنسيس، لكل مهاجر ولكن علينا أن تكون لنا شجاعة لأن ندين أحوال عالمنا ونكافح ضد كل ظلم يشوّه جمال المخلوقات. فإيماني واعتقادي يجعلانني أن أذكر كنيستي ورسالتها والتي احتضنت آبائي وأجدادي، واليوم أنا وأولادي، فكانوا ثماراً للآخرين من أجل الوطن. وربما هناك مَن يعترض على ذلك فيقول: ما هو الوطن؟ وماذا أعطاني هذا الوطن؟ إنه يأخذ مني ولا يعطيني حتى حقوقي البسيطة، وهل الوطن هو أرضي وأمّي وبلدي؟ هل هو لي كل شيء قبل إيماني واعتقادي؟ وهل سأبقى مسيحياً حاملاً ذلك في قلبي وليس فوق كتفيّ؟... لذا اسمحوا لي أن أقول في هذا الصدد ما هو آتٍ:

            X أنظروا جيداً إلى مدنكم وقراكم كيف كانت وكيف أصبحت؟ أين كنتم وكيف أصبحتم؟ وبهجرتكم كيف ستكون وكيف ستصبح؟ فيوماً ما، كنتُ أسير في شوارع بلدتي بخطوة تحكي أموراً وقصصاً عديدة وجميلة بحكاياتها، وكنتُ أدرك وأقول إنها مُلكٌ لي، ومن أجلها أشهد في مسيرة حياتي. واليوم بل بالأحرى ماذا سأقول غداً بعد أن تؤول مدينتي فريسة لِمَن يشاء ومُلْكاً لرجال غرباء وأقوياء؟ حينذاك أقول "لاتَ ساعةَ مَنْدَمٍ".

            X أنظروا إلى كنائسكم الكبيرة والعديدة والمقدسة يا مهاجري بلدتي حيث كنتم بها كما كانت تزيّن شمال وطني. كنتم تملأونها في مناسبات دينية عديدة راجلين دون خوف ليلاً أو نهاراً، صباحاً أو عصراً، واليوم أصبحتم بهجرتكم تزورونها حسب ما يُسمَح لكم من الأوقات والأزمان، فتأتون من الغربة لتشاركوا أهلها (البقية الباقية) احتفالاتهم بسبب أقربائكم الذين لم يلحقوا في ركبكم بعدُ ولم يغادروا حتى الساعة، فأصبحتم تملؤون كنائسكم بل كنائسنا عبر زياراتكم الموسمية ... ومع الأسف، أين أنتم؟ وأين أصبحتم؟ وماذا يعني ذلك؟.

            X أنظروا واسمعوا فأنا أحبكم، ومن أجلكم سطّرتُ هذه الأسطر لأكون وفياً لكم وأميناً للسماء. فاسمحوا لي أن أقول: إنني أدرك جيداً غيرتكم النشطة وهمّتكم العالية ومصالحكم ومستقبل أجيالكم، والعيش بسلام وكرامة في وطنكم كما يقول البابا فرنسيس في رسالته لليوم العالمي للمهجرين واللاجئين، ومن خلال ذلك مستقبلكم وهذا كان سبباً لرحيلكم لأنني أعلم جيداً أنكم كنتم ولا زلتم تعيشون في وطنكم حالة خوف من المستقبل الآتي بل والمجهول وبسبب ذلك تنظرون إلى الشاطئ الآخر لتجدوا الحرية والعيش بكرامة والرزق المجاني في العيش والصحة، وكل ذلك نِعَمٌ من بلاد الهجرة، إضافة إلى النوم الرغيد والحياة الجميلة بخروجكم ودخولكم، بلقاءاتكم واجتماعاتكم، وتجعلكم العولمة ترون في الشاطئ الآخر كل شيء جميل وهي تناديكم بفصيح الكلام أنْ أتركوا دياركم من أجل ديار أخرى فيها النعيم وإنْ كانت غريبة عنكم ففيها كل ما تهوون لكم ولأجيالكم ... وماذا بعدُ!.

            X أنظروا وأقول من حقكم، نعم من حقكم أن تهاجروا بل أن تقرروا مصيركم ومستقبلكم وأجيالكم الآن وليس غداً وكأنكم أنتم قائمون على هبة ربّ السماء لكم. فالهجرة خيار حُرّ حقاً كما يقول البابا فرنسيس وعلينا جميعاً أن نضمن للجميع مشاركة في الخير العام واحترام الحقوق، وربما تقولون أننا في بلاد الهجرة سنحمل مسيحنا معنا وسنقوم بخدمته وإعلان شأنه وإنجيله ولكن ألا تعلمون أنكم في ذلك تعملون على إفراغ بلدكم ومدينتكم من أهلها الأصليين بل تبيعون أرضكم دون معرفتكم وأنتم تقولون أنكم أصلاء وتتباهون بهذه التسمية وهذا الوصف بوجودكم في أرض أجدادكم وآبائكم وإنكم تحملون اسمهم وعاداتهم وسُمْعَتَهم أينما حللتم ... ويا للأسف!.

            X أنظروا، ألم تقرأوا ما كتبه الأب ألبير أبونا (رحمه الله) عن سير شهداء المشرق حيث العديد من المسيحيين أصحاب عوائل ونساء ورجال وشباب وشابات أعطوا ذواتهم باسم المسيح وفداءً له ولإيمانهم به، لم يخافوا القتل ولا السيف ولا أمر الملك ولا كبار الدنيا والزمن بل قابلوا كل ذلك بالمسامحة والصلاة والغفران على مثال المعلّم الإلهي ومسيح السماء الذي قال وهو معلّق من أجلهم ومن أجلكم على صليب العار "أغفر لهم يا رب، لأنهم لا يدرون ما يفعلون" (لو34:23). فقارنوا جيداً وانظروا بعيون مفتوحة أين رست سفينتكم وأين أصبحتم بمركب الدنيا في علمه وتقدمه والاستهزاء بوطنكم وسرقته عبر العولمة المزيفة والمصلحة الأنانية لأشخاص يعبدون مَن يشاؤون، أليس ذلك بسبب هجرتكم إلى بلاد الله الواسعة القريبة والبعيدة، عبر المحيطات والبحار من أجل تحقيق مآربكم وأنتم خائفين مما يحصل في وطنكم بل وربما في المسكونة؟ وفي هذا ماذا أقول، ألا تعلمون أن شهادتكم للمسيحية في وطنكم تحتاج إليكم؟ ألا تعلمون أنكم خُلقتم بأمر من الله وليس بأمركم ووضعكم في هذه الأرض لتكبروا في القامة والنعمة والحكمة (لو52:2)؟ لذلك خُلقتم للشهادة الحقة وليكن مثالكم في ذلك وأنتم تنظرون إلى ما عملته العائلة المقدسة التي رحلت إلى مصر وعادت (متى 13:2 و20) وعلى ذلك ليكن مقياس مسيرتكم في حياتكم... ليس إلا!.

            X أنظروا، جميل جداً أن ترحلوا فتروا الحياة بجمالها، وتجدوا ربما ما يطيب لكم، هكذا ربما تقولون وتتنبّأون وربما تنتظرون في دول أخرى قريبة وجارة تأشيرة سفر وبطاقة الطائرة المجانية من أجل الهجرة. وربما هناك مَن يقول أن بعضاً من المسيحيين أو كبار المعابد ودنياها، هم عائق كانوا ولا زالوا يَحُوْلون دون رحيلكم وهجرتكم إذ يقفون صدّاً منيعاً عبر كلمات وأقوال من أجل عدم هجرتكم ومبتغاكم. واسمحوا لي أن أقول: هذا الكلام غير صحيح إنما ما يقولوه هؤلاء هو إدراكهم غاية سفركم بصورة أو بأخرى غير ما أنتم تفكرون به وتتصورونه في نياتكم، فكلامهم إنما هو في عدم إفراغ بلدكم وأرضكم لا أكثر ولا أقل، وهم يخافون من أجل أن لا يكون سفركم من أجل غايات دنيوية وطلبات بشرية ونسائية كانت أم رجالية أم أخرى.

            X انظروا واجعلوا أنْ لا أحد يؤثر عليكم فأنتم بعملكم هذا تفرّقون شملكم في وطنكم من أجل أن تجمعونه في وطن آخر وأرض أخرى غير التي أراكم إياها الله وخلقكم فيها (تك1:12) فلا تجعلوا بوصلتكم تنحرف أبداً مهما كانت الغايات والأسباب والدواعي، وربما كلامي هذا ما هو إلا هباء بالنسبة إليكم وهذا شأنكم، ولكن أنا أقول كلمتي وإنْ كانت غير مقبولة: كونوا أقوياء متحلّين بإيمان قوي ومحبة لا حدود لها، وأنتم أحرار برحيلكم أو بعدم هجرتكم، ما عليكم إلا أن تحافظوا على تاريخ مسيحيتكم وعلى تراثكم وتراث آبائكم وأجدادكم وإنْ كانوا قد سرقوها منكم في الزمان الغابر ودُمّرت كما دمرها داعش. لهذا ورغم كل ذلك عيشوا ذلك بالشهادة والاستشهاد وليس بنعيم الحياة كمسيحيين حقيقيين وليس سطحيين، تملأون كنائسكم في مناسباتكم، فلا تكونوا موسميين أو زوّاراً فقط. اجعلوا أن يكون الصليب مزروعاً في قلوبكم وليس فقط معلَّقاً في رقابكم وعلى أعناقكم وربما في سياراتكم فهو ليس للزينة بل للشهادة، وذلك في الأخير شأنكم ليس إلا!... وإلى الحلقة الثانية.










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6044 ثانية