عشتارتيفي كوم- بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 16 شباط 2025، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي الذي احتفل به الأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، بمناسبة أحد الأحبار والكهنة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
شارك في القداس المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والشمامسة، وجمع من المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن "هذا الأحد الذي تخصّصه الكنيسة للصلاة من أجل الإكليروس من أحبار وكهنة وشمامسة خدموا الكنيسة ورقدوا بالرب. إنّ كنيستنا تصلّي من أجل الأحبار والكهنة والشمامسة في هذا الأحد، وفي الأحد القادم تصلّي من أجل الموتى المؤمنين. وما يلفت النظر أيضاً أنّ كنيستنا تخصّص يوم الجمعة القادم للصلاة من أجل الموتى الغرباء، تصوَّروا منذ ذاك الوقت، كان هناك دائماً مِن الناس مَن يضطرُّون للهجرة من مكان إلى آخر، وكانوا يُعتبَرون قادمين جدد، فالكنيسة كانت تصلّي من أجلهم وترافقهم إلى مدافنهم حين يرقدون بالرب".
وأشار غبطته إلى أنّ مار بولس في رسالته إلى أهل كورنثوس، والتي سمعناها في مطلع هذا القداس، يذكّرنا أنّه ليس لنا مدينة باقية على الأرض، بل كلّنا مدعوون يوماً ما، متى يسمح الله بذلك، أن ننتقل من هذه الحياة الزائلة إلى تلك الأبدية. ولا نستطيع أن نقول بأنّ هذه الأرض الفانية هي منزلنا، إنّما منزلنا هو في السماء".
وتأمّل غبطته بنصّ الإنجيل المقدس بحسب القديس متّى، والذي سمعناه للتوّ، ونسمّيه إنجيل الوزنات. صحيح إنّنا نتلوه في هذا الأحد الخاصّ بالأحبار والكهنة المتوفّين، لكنّه موجَّهٌ أيضاً إلى كلّ واحدٍ منّا، فليس شرطاً أن يكون الشخص بطريركاً أو مطراناً أو كاهناً أو شمّاساً في الكنيسة، بل على كلّ المؤمنين أن يثمروا بالنِّعَم التي وهبهم الرب إيّاها، أحدهم كثير، وآخر أقلّ، وثالث قليل، لكنّ المثل يقول لنا بأنّ السيّد، موزِّع الوزنات والعطايا، أعطى كلَّ واحدٍ على قدر طاقته".
وتوقّف غبطته عند "موقف الشخص الثالث الذي يلفت نظرنا، إذ بدل أن يذهب ويستثمر الموهبة التي أعطاه الله إيّاها، بادر على الفور إلى اتّهام سيّده بأنّه يحصد من حيث لم يزرع ويجمع من حيث لم يبذر، أي بدل أن يسائل نفسه، يضع اللوم على معلّمه وسيّده. في الحياة اليومية نرى الأمر عينه أيضاً، فهناك البعض يقولون: ليس لديّ كغيري، لذا لا أريد أن أعمل ولا أن أعطي الثمر الذي يطلبه ربّنا منّي، وذلك مع أنّ الإنجيل يعلن بوضوح: أعطى كلَّ واحدٍ على قدر طاقته".
ونوّه غبطته بأنّنا "نتذكّر في هذا اليوم الإكليروس، الأحبار والكهنة الذين عرفناهم في حياتنا، لا سيّما أنّه كان هناك رعاة يهتمّون برعاياهم، يسألون عنهم، والأهمّ من ذلك أنّهم كانوا يزورونهم في المنازل، كي يُظهِروا لهم أنّهم يحبّونهم ويحاولون أن يكونوا معهم ويتفهّموا مشاكلهم وصعوباتهم. أمّا اليوم، وفي وسط ما يُسمَّى التواصل الاجتماعي، يكفي الهاتف حيث يتمّ توجيه الرسائل إلى الأشخاص والمجموعات، بينما للأسف البعض من الرعاة لا يتواصلون مع المؤمنين ولا يحاولون أن يفهموا صعوباتهم بالطريقة الحقيقية، بل ينتظرون فقط أن يأتوا إليهم حين يواجهون مشاكل وصعوبات".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، راعي الرعاة الأعظم، أن يعطي الراحة الأبدية لجميع الرعاة الذين نعرفهم وخدمونا، من أحبار وكهنة وشمامسة. ونسأله، وهو الراعي الصالح، أن يقوّينا نحن أيضاً كي نكمل مشيئته، فنجعل من حياتنا حياةً مثمرةً بالخير والمحبّة والرحمة والتفاهم بين بعضنا، لنستحقّ أن نُدعى تلاميذ الرب يسوع. هذا ما نطلبه من الرب، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة النجاة، والقديس مار اغناطيوس الأنطاكي شفيع هذه الكنيسة، وجميع القديسين والشهداء، حتّى نستطيع كلّنا أن نجاهر بأنّنا شعب الله الذي يحبّ الله ويحبّ القريب".
وفي نهاية القداس، أقام غبطته صلاة الجنّاز من أجل الأحبار والكهنة الراقدين، سائلاً الرب يسوع أن يمنحهم الراحة الدائمة والسعادة الأبدية في ملكوته السماوي مع الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء.