الفنّان ثابت ميخائيل يرمّم تمثال العذراء سيّدة بغديدا، العراق | مصدر الصورة: صفحة الفنّان نينوس ثابت ميخائيل
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: جورجينا بهنام حبابه
الموصل, الاثنين 17 فبراير، 2025
تعدَّدت آثار الدّمار الذي خَلَّفته قوى الظلام في الموصل وسائر بلدات سهل نينوى في فترة الاحتلال الداعشيّ، لكنّ أكثرَها إيلامًا وأعمقها أثرًا في وجدان الفنّان ثابت ميخائيل ربّما كان رؤيته تمثال العذراء سيّدة دجلة الذي أبدَعَتهُ أناملُه، مُلقًى على الأرض ومُحطّمًا، بعد تفجير الظلاميّين كنيسة الطاهرة للكلدان في الموصل عام 2014.
بمناسبة الاحتفاء بيوبيل الفنانين، حاورت «آسي مينا» ميخائيل لتسلّط الضوء على تواشُج فنّه وإيمانه وارتباط اهتماماته الإبداعيّة بالأصول التاريخيّة لحضارة نينوى الآشوريّة الموغلة في القِدَم، وبالجذور المسيحيّة لأبناء الحضارة الرافِدِينيَّة الأُصَلاء المُتغلغلة في أعماق هذه الأرض. الأرض التي عرفت المسيحيّة منذ القرن الأوّل الميلاديّ وارتوَت لقرونٍ بدماء شهداء الإيمان.
ويشرح: «حَفّزني هذا الموروث الغنيّ، حضاريًّا ودينيًّا، على الإبداع في أعمالي النحتيّة، فجاء معظمها مُتّسمًا بالطابع الدينيّ، ولا سيّما تماثيل المسيح وأمّنا العذراء والقدّيسين وآباء الكنيسة».
يفتخر ثابت بإنجازه تمثال العذراء المُرتفِع فوق برج كنيسة الطاهرة الكبرى في بغديدا، ويستذكر كلمات الإعجاب من البابا فرنسيس لدى مجيئه إلى بغديدا-قره قوش ضمن زيارته التاريخيّة للعراق. ويقول: «يسرُّني أن يُقدّم عملي جزءًا من التكريم الواجب لأمّنا مريم».
كمسيحيّ عراقيّ بغديديّ، لم تخلُ حياة ثابت من المآسي، فكانت قسوة التهجير القسريّ حافزًا لإنضاج تجربته الإبداعيّة وتعميق إيمانه. ويؤكّد: «من دون الإيمان، يبقى أيّ منجَز خاليًا من النفحة الإيمانيّة ومجرّد حجرٍ جامد تنقصه روح الجماليّة وسِمَتها».
أنجَز ميخائيل بعد التحرير والعودة تمثال السيّدة البغديديّة، ويُسمّونه أيضًا نصب العودة، المنتصِب في مدخل بغديدا-قره قوش والحافل بالرّموز. ويوضح أنّ «النصب يُمثّل السيّدة البغديديّة الفرِحة بعودتها إلى ديارها، حاملةً بيمينها مفتاح بيتها الذي لم تتخلَّ عنه في سنوات التهجير القسريّ، وباسطةً الأخرى ترحيبًا بالعائدين إلى أرض الآباء والأجداد، وبكلّ الأحبّة».
تجدر الإشارة إلى أنّ أحد أبرز أعمال الفنّان ثابت ميخائيل هو إنجازه نصب شهداء كاتدرائيّة سيّدة النجاة في بغداد الذي يُخلّد ذكرى شهداء تلك المذبحة.
ويُشارك ميخائيل اليوم في عمليّات ترميم الآثار التي طالها تدمير التنظيم الإرهابيّ في متحف الموصل الحضاريّ وفي مواقع آثاريّة أخرى بالمدينة. ويجتهد لإعادة ترميم تمثال العذراء سيّدة دجلة، لِيَعتلي برج مطرانيّة الكلدان في كنيسة الطاهرة. ويشدّد على أنّ الهدف من ذلك هو أن «نقول للعالم إنّ قوى الظلام لن توقِف إبداعنا ولن تقوى على زعزعة إيماننا، وإنّنا سنبقى متشبّثين بأرضنا وإيماننا».
إصلاح جداريّة كنيسة مار بهنام وأخته سارة في بغديدا، العراق. مصدر الصورة: صفحة الفنّان نينوس ثابت ميخائيل
تمثال العذراء سيّدة دجلة المُحطّم. مصدر الصورة: صفحة الفنّان نينوس ثابت ميخائيل