غبطة المطران مار ميلس زيا يستقبل القنصل العام الجديد لجمهورية العراق في سيدني بمناسبة عيد الميلاد المجيد      غبطة البطريرك يونان يرسم المونسنيور حبيب مراد خوراسقفاً      بالصور.. القداس الالهي لعيد الميلاد المجيد في كاتدرائية مار يوخنا المعمدان البطريركية، نهار الخميس الموافق ٢٥ كانون الاول      غبطة البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد الميلاد المجيد في كنيسة مار اغناطيوس في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت      كنيسة مار يوسف الكلدانية في الشيخان تحتفل بقداس ليلة الميلاد المجيد      مراسيم استقبال المهنئين بأعياد الميلاد المجيد - قاعة كنيسة مارت شموني في عنكاوا      البرلمان القبرصي يتبنى قراراً يدين المذبحة التاريخية التي ارتكبت بحق السريان الآشوريين على يد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى      قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان يترأس القداس الإلهي احتفالاً بعيد ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح - الكاتدرائية البطريركية للقديسة مريم العذراء في بغداد      بالصور.. القداس الإلهي لمناسبة عيد الميلاد - كاتدرائية الرسل الطوباويين في أربيل      قداس ليلة عيد الميلاد المجيد - كنيسة ام النور في عنكاوا      بين السامرائي والحلبوسي.. التصويت غداً سيحسم منصب رئيس مجلس النواب العراقي      الأرصاد الجوية في إقليم كوردستان: الثلوج ستشمل المدن ودرجات الحرارة تنخفض إلى 12 تحت الصفر      مصادر إسرائيلية: نتنياهو سيطلب من ترامب "الضوء الأخضر" لضرب إيران      المرصد السوري: هجمات متصاعدة لـ داعش توقع 11 قتيلًا وتصيب 22 من "قسد" خلال كانون الأول      ملامح أولية عن سلم الرواتب الجديد المتوقع.. هل يحدد الراتب حسب كفاءة وعمل الموظف؟      بوتين على الجبهة بالزي العسكري.. "رسالة حاسمة" قبل قمة ترامب وزيلينسكي      كلمتان يجب تجنبهما عند وضع قراراتك للعام الجديد      فاكهة خضراء.. علاج طبيعي فعّال للإمساك واضطرابات الهضم      سلوت يتحدث عن نجم ليفربول "الألماني".. ويحدد المطلوب      رسالة البابا إلى المشاركين في اللقاء الأوروبي للشبيبة الذي تنظمه جماعة تيزي في باريس
| مشاهدات : 963 | مشاركات: 0 | 2021-05-08 14:58:55 |

عطونة الشرنقة

كفاح الزهاوي

 

    لا يزال يجتر مرارة اسمال الزمن ويغوص في علقم الحياة، ويحترق في جذوة السيجارة فيتناثر في الدخان الكثيف المتصاعد، سابحا في بركة من الفوضى والنفاق. كيف له ان يترك هذه الشرنقة بعد ان تعفن في كنفها. يزداد يوما بعد يوم عَطناً وفسادا. ومن جدرانها تفوح، روائح كريهة تنتشر في الفضاء وتختلط مع الهواء فتنتج من علٍ طبقة صفراء، صانعة سُحب مخيفة تكسو أجواء الشرنقة، يستنشق ملء الرئتين سمومها، ومن شدة الإدمان يخال له أريج الطبيعة الخضراء.

   يحوم في جوفها وحيدا كطائر تائه في سماء ملبدة بالغيوم الداكنة. رغم ضياعه في هذا الخناق المميت المشحون بالدخان الأسود، إلا أن التفاؤل ورغبة الخلاص تخفيهما غمامة من الضعف والتشظي. ومع كامل اليقين ان ضربات السوط مؤلمة، تترك جروحا قيحياً مزمناً، يئن من هولها جميع أعضاء الجسد، وتتدفق من آلامها امواج الموت والرعب القاتم، وعلى بُعد أمتار قليلة من جدار الشرنقة تصدح أصوات هادرة، وتطفح بأمواجها العاتية في سبيل هدم ذلك الجدار العازل، ومع ذلك يبقى ذلك الدماغ خامدا داخل الجمجمة بلا حراك، نائما في كهف مظلم، لا يبالي إن كان يمطر حتى الطوفان او تشرق الشمس فوق قمم الجبال الشماء. ولا يعتريه أي شعور بالحماس والمبادرة ولا يثير في نفسه انقطاع النفس.

    لا يستطيع التركيز على الهدف. عيناه تنظران دون ان تدرك معالم الأشياء وكأنهما ثقبان خاليان لعينين مقتلعتين. فَبؤبؤ العين مغطاة بطبقة من غشاء الخدر، بحيث يصعب عليه إيجاد الطريق، بالرغم من أن هناك مَنْ عَبَدَ الطريق وترك اثراً. تنثال عليه المصائب، فتجده يرمي بِتبعاتها على سوء الحظ والقدر المحتوم.

    غرفتهُ خالية من الحروف، فلا يعرف شيئا من أبجديات الحياة سوى ما يسمعه من أفواه الواعظين. رغم انه محبوس في سجن كبير محاط بأسلاك شائكة غير مرئية ولكن موجعة لا تترك سوى ندبات مؤلمة، ومع ذلك لا يفكر بكسر ذلك القيد والخروج إلى النور كي يرى الحياة على حقيقتها. فأجنحة الذعر والنحيب تحوم في حيرة واضطراب يقلق هواجسه، ولكن خروجه من تلك الشرنقة الى عالم الرحيب يعتبرها جريمة بحق ذاته. وفي ذات الوقت يلتمس شفقة الاخرين، ويتراءى له بأن الضفة الأخرى لا تمتلك الجرأة والشجاعة الكافية في إنقاذ السفينة من انتفاضة الاعصار وقيادتها نحو شاطئ الأمان. رغم شكواه المستمرة بسبب معاناته في ذلك الحبس المقيت إلا انه يعتقد بأن قضيته التي لا يدرك شيئا من محتواها بانها في طي النسيان. فهو ينتظر دوما من ينوب عنه في التضحية ويخوض بدلا منه هذه المعركة.

    أضحت حياته في هذا الجو الدبق والمتجهم، مثقلا مثل كابوس كئيب زاره في الحلم، يرى نفسه كالمسخ، قلبه يخفق بسرعة، وصدره يهبط ويعلو، كما لو ان يدا ثقيلة وقاسية تقبض على صدره بعنف، تمنع عنه التنفس، تكبح جماح حركته بل تعيقه من الصراخ وتثقل خطاه. وفي هذا المكان قد قضى ويقضي جل حياته رغم انه صعب ومظلم وطافح بالمعاناة والكوارث التي تلتهم عمره مع سرعة دوران عقارب الساعة.

    مع كل آلام السنوات الماضية والسحيقة التي مرت كسحابة سوداء ثقيلة على سموات حياته إلا انه لم يفق من نومه الطويل العاجز. فهو يرى ويتألم من ذلك الوضع المعتم، ولكن لا يبعث في نفسه رؤية واضحة، بل يصعب عليه وضع تلك المعاناة في كلمات، تمكنه في التعبير عنها.

    لا يشعر بطعم الحياة. فديجور العقل قد أعمى بصيرته وأضعف من ضربات أقدامه في آفاق الأرض. من حيث لا يدري انه يعيش مذلول، منكس في مكانه.

    فهو في هذا القفص قد أدمن على ايقاعاته وقوانينه. وتلك الأفكار الناعسة المتراكمة في حلقات واسعة والراكدة كالمياه الآسنة، يأبى ان يستيقظ من سباته الثقيل الذي هبط عليه مثل ليلة دهماء غمرته في فلك تيارها وجعلته حبيس انكساراتها.

    تراه من داخل الشرنقة يسمع عن الثوار والثورة، والتغيير والأمل، ولأنه يفتقد الى الفعل الغريزي الإنساني وانعدامه لمفهوم الظلم والاستعباد الذيّن يقبضان الخناق عليه، يَحولان دون إدراك فيم السبب الذي يجعله من البقاء صامتاً على ارض ممتلئة جوّها بِرائحة العفونة، يسعى الى الهروب بدلا من المواجهة الحية.

    احيانا كثيرة ومن غير الوعي يصبح عبئاً ثقيلا وحجر عثرة أمام تلك المجموعة التي تكدح في سبيل تحريره من أصفاد المستبدين، الذين يفنون أرواحهم في السجون أو يتعرضون الى الاغتيالات والبطش. يبقى هناك ما يثير التساؤل. مَنْ يتحمل عبء المسؤولية عن جعل الشرنقة متعفنة واوصل ساكنها الى حد اليأس والانحدار؟


 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5394 ثانية