المطران بشار وردة: عودة المسيحيين مرهونة بالاستقرار الاقتصادي والسياسي في العراق      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يزور نيافة المطران مار نيقوديموس داود متي شرف لتقديم التهاني بمناسبة افتتاح كاتدرائية أمّ النور الجديدة      تكريس مذبح وكنيسة مريم العذراء في قرية أرموطا      برعاية وحضور محافظ نينوى عبد القادر الدخيل افتتاح شجرة أعياد الميلاد المجيدة ورأس السنة الميلادية في قضاء الحمدانية في أجواء جسّدت قيم المحبة والتعايش والسلام بين أبناء المحافظة      وندسور تعلن تدشين “طريق الكلدان” احتفاءً بالحضور المتزايد للمجتمع الكلداني      غبطة البطريرك يونان يحتفل بقداس عيد القديس مار اغناطيوس الأنطاكي      رسالة من قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان بمناسبة عيد ميلاد سيدنا ومخلصنا يسوع المسيح      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، بطريرك كنيسة المشرق الآشوريّة في العراق والعالم، لمناسبة عيد ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح بالجسد للعام 2025      بيان إدانة باستشهاد عقيد الشرطة زيد عادل صبيح جرجيس في كركوك      اتحاد الأدباء والكتاب السريان يعقد مؤتمره باسم العلامة بنيامين حداد وينتخب هيئة إدارية جديدة / كرمليس      نظام غذائي شبيه بالصيام يقاوم السمنة ويُحدث تغييرات بالدماغ      دراسة تكشف سرا مثيرا عن علاقة البشر بالكلاب: الميكروبيوم      البطل الشاب يوهانس حنّا يتوَّج رياضي العام لفئة الشباب في الكيك بوكسينغ      البابا لاوُن الرابع عشر يجري المقابلة العامة اليوبيلية الأخيرة ويتحدث عن الرجاء باعتباره ولادة      مشرعون يطالبون البنتاجون بإضافة "DeepSeek" و"شاومي" لقائمة داعمي الجيش الصيني      الشيخوخة لا تقتلنا.. دراسة جدلية تكشف الأسباب الحقيقية للوفاة      بعد سقوطه أمام جوشوا.. لماذا منع جاك بول من الملاكمة بأثر عاجل؟      الديمقراطي الكوردستاني يحدد أعمالاً يجب على الحكومة الاتحادية إنجازها      ذهب العراق عند أعلى قيمة تاريخية… وتحذيرات من توظيفه لسد العجز المالي      "شروق الشمس".. مقترح أميركي بتحويل غزة إلى مدينة متطورة
| مشاهدات : 961 | مشاركات: 0 | 2021-05-08 14:58:55 |

عطونة الشرنقة

كفاح الزهاوي

 

    لا يزال يجتر مرارة اسمال الزمن ويغوص في علقم الحياة، ويحترق في جذوة السيجارة فيتناثر في الدخان الكثيف المتصاعد، سابحا في بركة من الفوضى والنفاق. كيف له ان يترك هذه الشرنقة بعد ان تعفن في كنفها. يزداد يوما بعد يوم عَطناً وفسادا. ومن جدرانها تفوح، روائح كريهة تنتشر في الفضاء وتختلط مع الهواء فتنتج من علٍ طبقة صفراء، صانعة سُحب مخيفة تكسو أجواء الشرنقة، يستنشق ملء الرئتين سمومها، ومن شدة الإدمان يخال له أريج الطبيعة الخضراء.

   يحوم في جوفها وحيدا كطائر تائه في سماء ملبدة بالغيوم الداكنة. رغم ضياعه في هذا الخناق المميت المشحون بالدخان الأسود، إلا أن التفاؤل ورغبة الخلاص تخفيهما غمامة من الضعف والتشظي. ومع كامل اليقين ان ضربات السوط مؤلمة، تترك جروحا قيحياً مزمناً، يئن من هولها جميع أعضاء الجسد، وتتدفق من آلامها امواج الموت والرعب القاتم، وعلى بُعد أمتار قليلة من جدار الشرنقة تصدح أصوات هادرة، وتطفح بأمواجها العاتية في سبيل هدم ذلك الجدار العازل، ومع ذلك يبقى ذلك الدماغ خامدا داخل الجمجمة بلا حراك، نائما في كهف مظلم، لا يبالي إن كان يمطر حتى الطوفان او تشرق الشمس فوق قمم الجبال الشماء. ولا يعتريه أي شعور بالحماس والمبادرة ولا يثير في نفسه انقطاع النفس.

    لا يستطيع التركيز على الهدف. عيناه تنظران دون ان تدرك معالم الأشياء وكأنهما ثقبان خاليان لعينين مقتلعتين. فَبؤبؤ العين مغطاة بطبقة من غشاء الخدر، بحيث يصعب عليه إيجاد الطريق، بالرغم من أن هناك مَنْ عَبَدَ الطريق وترك اثراً. تنثال عليه المصائب، فتجده يرمي بِتبعاتها على سوء الحظ والقدر المحتوم.

    غرفتهُ خالية من الحروف، فلا يعرف شيئا من أبجديات الحياة سوى ما يسمعه من أفواه الواعظين. رغم انه محبوس في سجن كبير محاط بأسلاك شائكة غير مرئية ولكن موجعة لا تترك سوى ندبات مؤلمة، ومع ذلك لا يفكر بكسر ذلك القيد والخروج إلى النور كي يرى الحياة على حقيقتها. فأجنحة الذعر والنحيب تحوم في حيرة واضطراب يقلق هواجسه، ولكن خروجه من تلك الشرنقة الى عالم الرحيب يعتبرها جريمة بحق ذاته. وفي ذات الوقت يلتمس شفقة الاخرين، ويتراءى له بأن الضفة الأخرى لا تمتلك الجرأة والشجاعة الكافية في إنقاذ السفينة من انتفاضة الاعصار وقيادتها نحو شاطئ الأمان. رغم شكواه المستمرة بسبب معاناته في ذلك الحبس المقيت إلا انه يعتقد بأن قضيته التي لا يدرك شيئا من محتواها بانها في طي النسيان. فهو ينتظر دوما من ينوب عنه في التضحية ويخوض بدلا منه هذه المعركة.

    أضحت حياته في هذا الجو الدبق والمتجهم، مثقلا مثل كابوس كئيب زاره في الحلم، يرى نفسه كالمسخ، قلبه يخفق بسرعة، وصدره يهبط ويعلو، كما لو ان يدا ثقيلة وقاسية تقبض على صدره بعنف، تمنع عنه التنفس، تكبح جماح حركته بل تعيقه من الصراخ وتثقل خطاه. وفي هذا المكان قد قضى ويقضي جل حياته رغم انه صعب ومظلم وطافح بالمعاناة والكوارث التي تلتهم عمره مع سرعة دوران عقارب الساعة.

    مع كل آلام السنوات الماضية والسحيقة التي مرت كسحابة سوداء ثقيلة على سموات حياته إلا انه لم يفق من نومه الطويل العاجز. فهو يرى ويتألم من ذلك الوضع المعتم، ولكن لا يبعث في نفسه رؤية واضحة، بل يصعب عليه وضع تلك المعاناة في كلمات، تمكنه في التعبير عنها.

    لا يشعر بطعم الحياة. فديجور العقل قد أعمى بصيرته وأضعف من ضربات أقدامه في آفاق الأرض. من حيث لا يدري انه يعيش مذلول، منكس في مكانه.

    فهو في هذا القفص قد أدمن على ايقاعاته وقوانينه. وتلك الأفكار الناعسة المتراكمة في حلقات واسعة والراكدة كالمياه الآسنة، يأبى ان يستيقظ من سباته الثقيل الذي هبط عليه مثل ليلة دهماء غمرته في فلك تيارها وجعلته حبيس انكساراتها.

    تراه من داخل الشرنقة يسمع عن الثوار والثورة، والتغيير والأمل، ولأنه يفتقد الى الفعل الغريزي الإنساني وانعدامه لمفهوم الظلم والاستعباد الذيّن يقبضان الخناق عليه، يَحولان دون إدراك فيم السبب الذي يجعله من البقاء صامتاً على ارض ممتلئة جوّها بِرائحة العفونة، يسعى الى الهروب بدلا من المواجهة الحية.

    احيانا كثيرة ومن غير الوعي يصبح عبئاً ثقيلا وحجر عثرة أمام تلك المجموعة التي تكدح في سبيل تحريره من أصفاد المستبدين، الذين يفنون أرواحهم في السجون أو يتعرضون الى الاغتيالات والبطش. يبقى هناك ما يثير التساؤل. مَنْ يتحمل عبء المسؤولية عن جعل الشرنقة متعفنة واوصل ساكنها الى حد اليأس والانحدار؟


 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5453 ثانية