بذريعة البحث عن كنز مزعوم.. تدمير كنيسة أثرية أرمنية في تركيا      الإعلام السوريّ والمكوّن المسيحيّ... شراكة أم تهميش؟      عنكاوا تحتضن انطلاق "أيام عنكاوا للشباب 2025" تحت شعار: "أُعطيكم رُعاةً بحسب قلبي"      البيان الختامي لاجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس كنائس الشرق الأوسط      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يستقبل سعادة القائم بأعمال السفارة الإيطالية في دمشق السفير ستيفانو رافاغنان      مجلس كنائس الشرق الأوسط في زيارة تعزية وتضامن مع البطريرك يوحنا العاشر      بالصور.. القداس الالهي للقاء عنكاوا للشباب 2025 AYM - كنيسة الرسولين مار بطرس ومار بولس في عنكاوا      سوريا: الصائغ جورج ايشوع، سرياني مسيحي يتعرض للقتل بعد رفضه دفع “الدية”      غبطة البطريرك يونان يحتفل بالقداس في مدرسة القديسة تريزيا، بحضور ذخائر القديسة تريزيا الطفل يسوع، فرن الشبّاك – بيروت      البطريرك ساكو يلتقي الدكتور سعد سلوم بخصوص اوضاع المسيحيين وتحديات خطابات الكراهية      تقرير يتحدث عن مغاربة محتجزين في العراق.. ما القصة؟      خامنئي: قادرون على الوصول للمواقع الحيوية الأميركية بالمنطقة      غضب من خطة نقل سكّان غزة إلى "مدينة إنسانية" جنوبي القطاع، وحماس تعتبرها عقبة جديدة في طريق المفاوضات      هل تصمَم المنتجات كي لا تدوم طويلاً؟      محادثة قبل الكارثة.. تحقيق جديد حول الطائرة الهندية المنكوبة      تحذير من مكمل غذائي شهير.. كاد يدمر كبد سيدة أميركية      إنريكي يحذر لاعبي سان جيرمان من "التراخي" في مباراة تشيلسي      رسالة البابا إلى المشاركين في قمة "الذكاء الاصطناعي من أجل الخير ٢٠٢٥"      رسالة البابا إلى المشاركين في قمة "الذكاء الاصطناعي من أجل الخير ٢٠٢٥"      العراق.. مكافحة الإرهاب والهجرة يوقعان مذكرة لتأهيل العائدين من مخيمات سوريا
| مشاهدات : 1060 | مشاركات: 0 | 2021-01-20 10:43:16 |

رفسة الثور الجامح في آخر سكراته

لويس اقليمس

 

مع تتالي الأيام القليلات القوادم، تقترب ولايةُ "الثور" الأمريكي الجامح من نهايتها بسقوط مهين ل"الجاكي" الاستفزازي في أواخر أيام زعامته لأقوى دولة في العالم. فقد اعتقدَ خطأً خارج حسابات الزمن والواقع أن أنفتَه وتعاليَه وثروته ستؤمّنُ له فوزًا ساحرًا سهلاً بولاية جديدة لسنوات أربع تاليات مترعات بالعبثية والاستفزاز والسياسة الرعناء. فحسابات البيدر غير حسابات الأحلام. الرئيس الأمريكي المنتهية ولايتُه " دونالد ترامب" بدا أشبه بالثور الجامح في أيامه الأخيرة التي تفصله عن موعد ترك البيت البيضاوي. فهو الذي أصرَّ منذ بداية ولايته على تجاهلِ حقوق دولٍ وشعوبٍ وضعَها في أسافل رفوف سياسته الاستفزازية، ولم يكن يهمّه مصيرُها ولا مستقبلُها ولا حياتُها. بل كلُّ ما كان في جعبته المثقلة بالمشاكل هي أمريكا أولاً. ولم يكن العراق أفضلَ حالًا ضمن قائمة هذه الدول والشعوب المتهالكة، عندما قبل هو الآخر مثل سابيقه إبقاء الحبل سائبًا لأحزاب السلطة في الحكومات العراقية المتعاقبة ضمن فترة ولايته الجدلية كي تواصل هزالتها وفسادها في إدارة شبه الدولة العراقية سائرةً في طريق المجهول المظلم الأسود. فقد ساعد بطريقة أو بأخرى بإبقاء ارتباط مصير العراق رهن الولائية العمياء للجارة الشرقية  بعيدًا عن أية نفحة وطنية.

 

سياسة عامة

هكذا هي السياسة الأمريكية العامة للحزبين التقليديين الحاكمين لا تتغير عادة بين ليلة وضحاها حتى يأمر الأسياد عكس ذلك. وهذا التغيير المرتقب لم يأزف وقتُه بعد، كما يبدو. فمازال النهج تجاه العراق والمنطقة، هو ذاتُه الذي رسمه الحاكم المدني "بريمر"، الحرامي النموذجي الأول، عندما سلّمه بين أيادي هزيلة الإدارة المحاصصاتية وفاقدة الإرادة في الإصلاح وناهبة الثروات بطرق ووسائل شيطانية طيلة 17 عامًا المنصرمة.وقد بلغت معالمُ هذه السياسة الفاشلة قمّةَ الهزالة وشدّةَ الدناءة في مشروع الموازنة المقترح للعام الجديد 2021، حين أصرّ كلُّ طرفٍ على تأمين حصته من الكعكة بالرغم من إدراكهم بالزيادة الكبيرة والمخيفة في مديونية الدولة المرهقة بالقروض والديون والسندات والالتزامات المحلية والإقليمية والدولية والبطالة المتفاقمة والصناعة الغائبة والزراعة المتراجعة.

نعود للثور الآمريكي الهائج وما قد يبدر منه قبل مغادرته سدّة الرئاسة من حركات أو سلوكيات أو قرارات ضمن صلاحياته حتى يومه الأخير رسميًا. من الطبيعي للثور الهائج عندما تتكالبُ عليه سكاكين الأعداء وسفاهات الأنداد أن يرفس، وأن يكون لرفسته أو رفساته تأثيرٌ أو أن يتسبّبَ بجروحٍ بسبب ضرباته الموجعة. فهو لم يترك حسرة في صدور هؤلاء الأعداء المتكالبين طيلة فترة رئاسته. ونحن عامةً في العراق نقول، إنه لو كان للإدارة "الترامبية" أية سمة من الأخلاق السياسية العامة في بدء ولايته قبل 4 أعوامٍ، لكانَ أنهى ما شرعتْ به إدارة مَن سبقَه من غرمائه في الحزب الديمقراطي الذي لا يختلف من حيث المبدأ في مشروع سياسته العامة واستخفافه بقدرات ومصير ومستقبل شعب العراق والمنطقة عندما فسح رئيسُه "أوباما" آنذاك المجال لتنظيم الدولة الإسلامية الداعشي كي يعيث في أرض العراق فسادًا وقتلاً ونهبًا واغتصابًا وتهجيرًا وتهديدًا للبنية التكوينية لشعبه متعدد الأديان والأعراق والمذاهب. وحينها، لم يرف جفنٌ للإدارة الأمريكية لغاية أن استفحل الأمر بوضع اليد على مساحة تعادل أكثر من ثلث أراضيه  في 2014 على مرأى ومسمع من الإدارة الديمقراطية التي سهّلت لهذا التنظيم مهمّة تدمير بنية العراق التحتية والتهاون بنهب ثرواته والعبث بمقدرات شعبه الصابر بالمساهمة بطريقة أو بأخرى بفرط عقد نسيجه المجتمعي وتشتّت مجتمعات مكوّناته الأصيلة من الأقليات الدينية والعرقية متجاوزًا ما خلّفاه مجتمِعَين جنكيزخان وهولاكو قبل أكثر من سبعة قرون خلت بجيوشهما الجرارة.

هكذا تركت السياسة الأمريكية، بديمقراطييها وجمهورييها، شبهَ دولة العراق وشعبَه المجروح والمظلوم لقمةً سائغة لدول الجوار وسلّمته على طبقٍ من ذهب بأيدي عدوته الشرقية التقليدية لتستنفذ مواردَه وتنتهك حقوق شعبه وتخترقَ سيادته وتهينَ هيبته أمام أنظار إدارتِها التي تعمّدت تركَ الحبل على الغارب. فمن الواضح أن الإدارة الأمريكية بحزبيها، قد تهاونت متعمدةً مع كلّ الطامعين والضالعين في إبقاء البلاد وشعب الحضارات فريسة سهلة الطعن والجرح والافتراس من دون مبررات. حتى تلك المبررات التي ساقتها إدارتا بوش الأب منذ تسعينيات القرن الماضي وبداية عهد بوش الابن، لم تكن محبكة الصنع ولا مبررّة الأعذار والحيل التي لم تنطلي على القاصي والداني. ولكنّها كانت قدرة الجبارين على ضعفاء الحيلة، وسطوة الأسياد على "العبيد"، وقدرة الأشرار على الطيبين مع التحفظ على بعض الألقاب وأصحاب المسؤوليات. ولكن، بالتأكيد، لكلّ بداية نهاية، ولكلّ باطلٍ صولة، ولكلّ شرّيرٍ جولة، ولكلّ زعيمٍ رقصة. وقد انتهت الغجرية من رقصتها المعتادة استعدادًا لتولّي غيرها زمام حفلةٍ جديدة بأسلوب قد يختلف عن سابقتها لو حصلَ أن تعلّمتْ درسًا، بل دروسًا على طريق الأخلاق المجتمعية والإنسانية القويمة. وفي انتظار أن يأتي المنقذُ الوطنيُّ الكبيرُ، الظالمُ بحكمة سليمان والحاكم الحكيم بقسوة  حمورابي، فيضعُ النقاطَ على الحروف ويغلقَ مأساة شعبٍ تعبٍ ويوقفُ ترنّحَ بلدٍ متهاوٍ سائرٍ بكلّ المقاييس نحو الإفلاس والهزيمة والفوضى، لا سمح اللهُ!

 

أميركا في أتون فوضى

من الواضح تعرّض الديمقراطية في أقوى بلدٍ في العالم هذه الأيام للخطر بفعل طيش الثور الجامح المترنّح الذي يتلقى آخر طعناته ويرفس آخر سكراته "الزعاماتية" بعد أن وقعت بلادُه شاسعةُ القدرة وعظيمةُ الجبروت في أتون نرجسيته التراميية التي تصوّرَ خطأً أنها ستحفظُ له كرامتَه وسطوتَه وتجبّرَه من دون حساب ولا محاسبة. والخوف، كلّ الخوف أن تكون هذه "الرفسات" الأخيرة قوية بما يكفي لضعضعة شكل الاتحاد الأمريكي وبداية لتخريب مؤسساته بسبب الطبيعة الاستفزازية التي طبعت سلوكيات "ترامب" الخارجة عن العقلانية الطبيعية والبعيدة في أحيانٍ كثيرة عن الواقعية غير الحضارية التي يمكن أن تهدد بإسقاط البلاد وفي انحطاط قيمها. كما لا ننسى مغازلته المستمرة للطغاة وبعض الحكومات الفاسدة في المنطقة، ومنها حكومات العراق، التي نهبت شعوبها وأفقرت بلدانها لغاية الاستجداء بعد أن أذنتْ للدخلاء والغرباء عنه باستباحة سيادته وسلب هيبته بسبب عبثيتها وفئويتها وولائها للغير. ومثل هذا ينطبق اليوم تمامًا على واقع العراق، إذ لم تفعل إدارتُه شيئًا لوضع حدود للسلوكيات الولائية الطافية، بحجة الديمقراطية المزيفة التي تشدّقت بها وكان هو الراعي والمشرف على خرقها وتدنيسها.

إنّ القانون الأمريكي ومؤسساته الدستورية فوق أية زعامةٍ أو رئاسةٍ أو حزبٍ أو فردٍ أو شيخٍ أو نائبٍ. هكذا هي ديمقراطيتُهم التي يسعون لتصديرها إلى بلدان العالم، ومنها منطقتنا الشرق-أوسطية. ومن المؤسف أنّ معظم الإدارات الأمريكية السابقة ومعها حكومات الغرب، لا تعي تمامًا طبيعة ذهنيات شعوب هذه المنطقة ولا تريد أن تدركَ أو تفهمَ أصول هذه العقليات التي لا يمكن أن يُكتبَ لها تحقيق ولو جزءٍ يسيرٍ من شكل هذه الديمقراطية الفوقية المصدَّرة عبثًا بسبب بقاء هذه الشعوب أسيرة الشرع الذي لا يقبل الجدل ولا يؤمن بالتأوين والحداثة في تفسير القيم الدينية وفق تطورات العصرنة. فأساسُ أي دستور في دول المنطقة يشير بعدم تعارض القوانين والأحكام مع أحكام الشرع. لذا حرصت حكومات الغرب في عمومها، على إبقاء منطقتنا الشرق-أوسطية أسيرة تجاذبات فكرية ونزاعات أيديولوجية وصراعات دينية ومذهبية وطائفية لا نهاية لها من أجل إذلالها واستغلالها لمصالحها القومية غير عابئة بمصلحة شعوب المنطقة المتخلفة عن الركب العالمي بسبب قيمها الدينية والمذهبية والقومية الضيقة التي ترفض الانفتاح وقبول الرأي الآخر المختلف. وستبقى كذلك حسب مشيئة الأسياد وحتى تتبدل الأقدار وتتغيّر موازين القوى لصالح دولٍ علمانية "تعطي ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه".

أميركا اليوم تمرّ بأيام فوضى وبعملية قبصرية قاسية غير مضمونة النتائج فيما لو قرّر الثور الهائج وضع اليد على الزرّ النووي لا سمح الله أو شاءَ أن يكون لرفسته الأخيرة ضربة موجعة لكلّ مَن وقف في طريقه لأجل ولاية ثانية، أو تهكّمَ بسلوكه السياسيّ، أو استهان بقدرته على إيذاء أعدائه، أو شمتَ بسقوطه الرئاسيّ المهين. فما أقدم عليه أتباعُه ومؤيدوهُ في الاستعراض الفوضوي يوم 6 كانون الثاني الجاري بالهجوم الأرعن على مؤسسة الكابيتول جديرٌ بوصفه مسخًا للديمقراطية على أيدي الرعاع في مشهدٍ لا يُحسدُ عليه الشعبُ الأمريكي المتشدّق بالديمقراطية. وهذه باعتقاد الكثيرين، بداية نهاية المنظومة الديمقراطية في أرقى بلد عرف مفاهيمها منذ تشكيل اتحاد ولاياتها. ولنا أن نتذكر فقط ما جرى في استفتاء حزيران 2020 عندما عبّرَ فقط 42% من الشعب الأمريكي عن تفاخرهم بانتمائهم القومي لأمريكا بعد أن كان هذا الافتخار في استفتاء سابق في 2003 قد سجّلَ 69%. وهذا من الدليل على تهاوي الفخر القومي الأمريكي إلى أدنى مستوياته المنحطة في تاريخها على الإطلاق.

وهناك مَن يتوقع الأسوأ باحتمالية انفراط عقد دولة القطب الواحد وفق تصوّرات سيقت مع بروزٍ صاعدٍ للتنين الصينيّ كقوّة اقتصادية وسياسية واعدة، إبى جانب الرغبة الملحّة المدروسة بإحكام من قبل الغريم الشيوعي القديم المتمثل براعي الدب الروسي الحالي الأكثر صلادة وقدرة وديناميكية في التعامل مع الأحداث وفق مفهوم استخباريّ محبوك الجوانب والعلاقات الذي يُعتقد بدورٍ خفيّ له في إضعاف قدرات هذه الدولة الكبرى.

وبذلك، ما من شيءٍ موعود الثبيت يُبقي على تأمين مستقبل الأمة الأمريكية التي حافظت على ثباتها ورصانتها وقدراتها منذ نشأتها الرسمية كدولة اتحادية من ولايات متعددة في 1789. فالعد التنازلي لسقوط دولة الأسطورة الأمريكية كما يبدو وبحسب ما يريد أسياد النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب سيبدأ مع نهاية زعامة "ترامب" ودخول "بايدن" البيت الأبيض. فهناك مؤشرات لحرب أهلية متوقعة على الأبواب بين الولايات الأمريكية، سيّما بوجود لغط عن مخططات تُطبخ في كواليس إدارة الرئيس المنتهية ولايتُه بتوقيعه مؤخرًا على وثيقة في غاية الخطورة قد تقلب الموازين في حالة تعلّق الأمر بالترتيب للقيام بعمل عسكريّ مرتقب. وهذا ما اشارت إليه الديمقراطية "نانسي بيلوسي" رئيسة مجلس النواب التي ناصبت الرئيس "ترامب" العداء العلنيّ السافر منذ بداية ولايته ولغاية نهايتها. وتلكم قد تكون بداية نهاية أمريكا.

 

 

لويس إقليمس

بغداد، في 14 كانون ثاني 2021










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4602 ثانية