وضعت انتفاضة شعبنا الباسلة موضوعة الاصلاح السياسي ضمن اولوياتها. والاصلاح السياسي يكون قاصراً ومجتزءاً ان لم يشمل قانون الاحزاب، ولا يقتصر على قانوني الانتخابات والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وحينما نسمع اصواتا كثيرة ترفض الحزبية وتستهجن العمل الحزبي، وتعده المسبب الاساسي للخراب الذي يشهده البلد، وتُحمّله مسؤولية ما آلت اليه الاوضاع، فلا يمكن استبعاد ان تقف خلف هذه الحملة العدمية قصدية واضحة من جانب الاحزاب المهيمنة والماسكة للسلطة. فهذه ترى من مصلحتها تبشيع صورة الحياة الحزبية، كي لا ينتظم الشباب المنتفضون في احزاب يشكلونها هم او ينتضمون في احزاب معارضة لنهج المحاصصة والفساد. ففي هذا ما يشكل بدائل لها، قد تبقى متصدرة للوضع السياسي.
ان تنظيم الحياة السياسية وفق ضوابط الديمقراطية والشفافية والمحاسبة، امر لا يناسب احزاب السلطة، التي تكمن مصلحتها الآن في النظرة العدمية المذكورة، التي تضع كل الاحزاب في سلة واحدة، ولا تُستثنى من هذا التعميم حتى الاحزاب التي وقفت بوجه الفساد وكافحت التخريب المنظم للحياة السياسية.
ازاء الرفض العدمي للاحزاب بشكل عام، والمنطلق من ممارسات احزاب السلطة المشينة، باستحواذها على السلطة واستثمارها لنهب المال العام عبر مكاتبها الاقتصادية، حتى اصبحت الوزارات والمؤسسات الرسمية اقطاعيات للحزب الذي يديرها، وانتجت الفساد الذي تركز في مفاصل الدولة، وفي البنى الطائفية للاحزاب السياسية، الى جانب امتلاك عدد منها مليشيات واذرعا مسلحة، اصبحت اداة لترهيب المواطنين بدل ان تكون احزابا تسهم في التنمية الديمقراطية .. امام هذا التشويه للحياة الحزبية، لا بد من اعادة الاعتبار للحياة الحزبية الديمقراطية الحقيقية، التي بدورها تضمن ان يكون الحزب قادراً على خلق سياسات وبرامج سياسية أفضل. ان الحاجة ماسة لاشاعة الديمقراطية ونشر ثقافة ديمقراطية داخل الاحزاب السياسية ذاتها، اذ لا يمكن تصور نظام سياسي ديمقراطي دون وجود احزاب سياسية ديمقراطية. لذا نضع هنا اهم المعايير التي يتوجب اعتمادها في الحزب الديمقراطي، وفقا لخصائص شعبنا العراقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص2
الخميس 12/ 12/ 2019