عشتار تيفي كوم - ايبارشية اربيل الكلدانية/
اختتمت إيبارشية أربيل الكلدانية، يوم الأحد 28 كانون الأوّل 2025، سنة اليوبيل باحتفال ليتورجي مهيب أُقيم في كاتدرائية مار يوسف – عنكاوا، ترأّسه راعي الأيبارشية مار بشار وردة، بمشاركة الشمامسة وجوق الكاتدرائية، وبحضور الأب سافيو حندولا راعي الكاتدرائية، وجموع المؤمنين.
وجاء هذا الاحتفال الختامي متّسقًا مع رتبة غلق الباب المقدّس، التي لخّصت بروحها وصلواتها المسيرة اليوبيليّة التي عاشتها الأيبارشية كشعب واحد في الإيمان والرجاء والمحبة. ففي مستهلّ الاحتفال، وقف سيادة المطران مع الشمامسة والجوق عند الباب المقدّس، وافتتح الصلاة بكلمات شكر وتسبيح لله على سنة حملت اختبارات غفران وتجديد، واتحادًا خاصًا مع المرضى والمسنّين والسجناء والفقراء، أولئك الذين «غالبًا لا صوت لهم أمام الناس، لكن الآب يصغي إليهم ويعترف بهم أبناءً محبوبين» .
وأشار النص الافتتاحي إلى أن الغفران اليوبيلي جعل من هذه السنة نهرًا من النعمة والبركة، حيث منح الربّ رجاءه وسلامه، وقوّى الأيدي الواهنة وثبّت الركب المتعثّرة، موجّهًا إلى كلّ مؤمن نداءه الأبوي: «تشجّع، لا تخف». ومن هذا الاختبار العميق للرحمة، دخلت الجماعة الكنسية في لحظة شكر إفخارستي وطلب مغفرة، بوعي متواضع بأنها كنيسة سائرة، محتاجة دومًا إلى التوبة والتجدّد.
بعد ذلك، دخل الموكب الليتورجي يتقدّمه الجوق والشمامسة مرتّلين ترتيلة الدخول: «شبّاح لمريا بقذشيه» (سبّحوا الله في مقدسه)، فيما وقف سيادة المطران أمام الباب المقدّس رافعًا صلاة خاصّة، شكر فيها الآب الذي «فتح لكنيسته في هذه السنة طريق الخلاص وأغرق أبناءه بالرجاء»، ملتمسًا نعمة الروح القدس لكي تبقى خطوات المؤمنين موجّهة نحو الرجاء السعيد بلقاء وجه الله في أورشليم السماوية، حيث يبلغ الملكوت كماله في المسيح .
وعند إنجاز طقس غلق الباب المقدّس، توجّه سيادته إلى المؤمنين بكلمات روحية أكّد فيها أن ختام سنة اليوبيل لا يعني نهاية عطية الغفران، بل هو عودة واعية إلى إيقاع الحياة اليومية، حاملين في قلوبنا فرح اللقاء مع الربّ، ومتمسّكين دون تزعزع باعتراف الرجاء، «لأن الذي وعد هو أمين» ، لكي تبقى ثمار هذه السنة حيّة وفاعلة في السلوك والشهادة.
ثم انتقل الموكب إلى المذبح حيث واصل سيادته الاحتفال بالقداس الإلهي، فالتفّ المؤمنون حول مائدة الإفخارستيا، مقدّمين الشكر على سنة يوبيلية عاشت فيها الأيبارشية خبرة متجدّدة لرحمة الله عبر الأسرار المقدّسة، والحجّ، والصلاة، وأعمال المحبّة.
وقد تميّزت سنة اليوبيل، إلى جانب بعدها الليتورجي والتعليمي، بحضور رعوي ملموس في حياة الناس، إذ نُظّمت زيارات منتظمة للمرضى والمسنّين في بيوتهم ومراكز رعايتهم، تعبيرًا عن قرب الكنيسة من المتألمين وحملهم في الصلاة والرجاء. كما شملت المبادرات اليوبيليّة توزيع سلال غذائية ومساعدات إنسانية على العوائل المتعفّفة، في ترجمة عملية لرسالة الرحمة والمحبّة التي تحملها الكنيسة في قلب المجتمع.
وفي الإطار نفسه، شملت الأنشطة الرعوية زيارات إلى السجون، حيث التقى الكهنة والمرشدون الرعويون بالسجناء، حاملين إليهم كلمة تعزية ورجاء، ومؤكّدين أن باب الرحمة الإلهية يبقى مفتوحًا أمام كل إنسان، مهما كانت ظروفه أو ماضيه، انسجامًا مع روح اليوبيل التي تدعو إلى المصالحة واستعادة الكرامة الإنسانية.
ويأتي هذا الاحتفال الختامي تتويجًا لسنة غنيّة بالأنشطة الروحية والتثقيفية والراعوية التي نُظّمت في مختلف رعايا إيبارشية أربيل، ضمن رؤية هدفت إلى إشراك جميع الفئات العمرية في مسيرة اليوبيل. فقد رافق التعليم المسيحي هذه السنة ببرامج ولقاءات أسهمت في تنشئة التلامذة وتعميق وعيهم الإيماني، كما احتضنت كنيسة الرسولين بطرس وبولس لقاءات تثقيفية شهرية للتأمّل والحوار، إلى جانب لقاءات منتظمة للأخويات الشبابية، هدفت إلى مرافقة الشبيبة روحيًا وتعزيز روح الالتزام والمسؤولية الكنسية لديهم.
وفي بعدها الكنسي الجامع، شهدت سنة اليوبيل تنظيم ثلاث مجاميع حجّ إلى روما من قبل جمعية الرحمة، حيث عاش المؤمنون المشاركون خبرة الحجّ والصلاة في قلب الكنيسة الجامعة، واختبروا أبعاد السنة اليوبيليّة في الأماكن المقدّسة، بما عمّق لديهم الإحساس بالانتماء والشهادة المشتركة.
ومع إسدال الستار على هذه السنة المباركة، تؤكّد إيبارشية أربيل الكلدانية أن مسيرة اليوبيل لا تُختصر بزمن، بل تبقى دعوة مفتوحة إلى عيش الرجاء يوميًا، وترسيخ ثقافة المحبّة والمصالحة، وتجسيد الإيمان شهادةً حيّة في قلب الواقع، خدمةً للكنيسة والإنسان معًا.