
عشتار تيفي كوم - سيريك برس/
أدانت وزارة الخارجية الأميركية “بشدة“ الأحكام الأخيرة التي أصدرتها السلطات الإيرانية بحق خمسة مسيحيين، وقضت بسجنهم لما يزيد على 50 عاماً مجتمعين، ووصفتها بأنها جزء من حملة أوسع لقمع الأقليات الدينية في إيران. وقالت الوزارة، في منشور باللغة الفارسية، إن “حرية الدين حق أساسي من حقوق الإنسان“، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي الديني.
ووفقاً لما وثّقته منظمة “آرتيكل 18“ المعنية برصد الانتهاكات بحق المسيحيين في إيران، صدرت الأحكام بعد جلسة ثانية عُقدت في 21 تشرين الأول أمام الشعبة 15 من محكمة الثورة في طهران، ولم يُبلَّغ المتهمون بها إلا شفوياً في الأسابيع اللاحقة. وحُكم على أربعة من الخمسة بينهم القس يوسف شهبازيان والمعتنق ناصر نورد غُلتابه بالسجن 10 سنوات بموجب المادة 500 المعدّلة من قانون العقوبات الإيراني، مع إضافة خمس سنوات بتهمة “التجمع والتواطؤ“. أما المتهمة ليدا فحُكم عليها بالسجن ثماني سنوات، فيما فُرضت على آيدا نجفلو أحكام إضافية بتهم تتعلق بـ “التبشير”.
وتعد القضية واحدة من عدة محاكمات بارزة هذا العام استهدفت معتنقين وأعضاء كنائس منزلية. وتشير لوائح الاتهام إلى أن الأنشطة المنسوبة إلى المتهمين كانت ممارسات دينية اعتيادية، شملت الصلاة وقراءة الإنجيل وإجراء المعموديات وتناول القربان والاحتفال بعيد الميلاد. وترى “آرتيكل 18“ ومنظمات متحالفة معها أن هذه التهم تُجرّم العبادة في الكنائس المنزلية، وتُستخدم لتبرير أحكام مطوّلة على أساس فضفاض يتعلق بـ “الأمن القومي“.
وزادت ظروف الاحتجاز والمخاوف الطبية من حدّة الدعوات الحقوقية. فآيدا نجفلو، البالغة 44 عاماً والمصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، تعرّضت، بحسب تقارير “آرتيكل 18“ ومنشورات تابعة لها، لكسر في إحدى الفقرات بعد سقوطها من سرير بطابقين في سجن إيفين، وخضعت لجراحة في العمود الفقري. ثم نُقلت لاحقاً على وجه السرعة إلى المستشفى إثر إصابة الجرح الجراحي بالتهاب. ويحذّر أقاربها وناشطون من أن صحتها على المدى الطويل مهددة إذا لم تتلقَّ رعاية كافية.
وأفادت “آرتيكل 18“ بأن عائلة آيدا لم تتمكن من دفع كفالة قُدّرت بنحو 130 ألف دولار، فيما واجه ناصر نورد غُلتابه طلب كفالة يقترب من 250 ألف دولار، وهو مبلغ يُعد متعمداً ليكون غير قابل للدفع، ومن بين أعلى الكفالات التي طُلبت من مسيحيين إيرانيين سعياً للإفراج المؤقت. كما صادرت السلطات ممتلكات شخصية للمدانين، بما في ذلك نسخ من الإنجيل ومواد مسيحية، بدعوى “أغراض بحثية“.
ولفتت الأحكام أنظار المجتمع الدولي ليس فقط لطول مدتها، بل لأن اثنين على الأقل من المدانين ناصر ويوسف سبق أن أمضيا سنوات في السجن على خلفية اتهامات مشابهة قبل أن يُمنحا عفواً ثم يُعاد اعتقالهما لاحقاً. وكان احتجاز ناصر السابق قد أثار حملة تضامن واسعة في المملكة المتحدة وخارجها.
وقال منصور برجي، مدير “آرتيكل 18“، إن المحاكمة أظهرت “دلائل عديدة على غياب ضمانات المحاكمة العادلة“، مشيراً إلى فترات احتجاز مطوّلة قبل المحاكمة، والتباس في الإخطارات المتعلقة بالكفالة، ومحاولات، حسب تعبيره، لمساواة نشاط الكنائس البروتستانتية المنزلية بالتدخل الأجنبي. وتؤكد منظمات حقوقية أن هذه القضايا تندرج ضمن نمط أوسع؛ إذ حُكم على ما لا يقل عن تسعة مسيحيين بالسجن لعشر سنوات أو أكثر خلال عام 2025، فيما لا يزال العشرات رهن الاعتقال على خلفيات تتعلق بممارسة شعائرهم الدينية.