قال يسوع : أنا هو الطريق والحق والحياة.
تبين لتلاميذ المسيح في العشاء الأخير بأن يسوع سيذهب إلى مكان مجهول، فدار الحوار بينهم وبين سيدهم، ختمه توما بالقول:
يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ قَالَ لَهُ يسوع: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي. " يو 14: 4-6".
يسوع المسيح هو راعينا ومعلمنا الذي علمنا الطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية، بل يسكن فينا ويعيش معنا عندما نتناوله في سر القربان، وهو رأس كنيستنا ونحن جسدها. وبما أننا في المسيح والمسيح فينا فنحن على الطريق السالك إلى عرش الله، إلى المنازل التي وعدنا بها المسيح لنكون قريبين منه.
نطالع في بعض الآيات بأن الطريق المؤدي إلى الحياة الأبدية صعب ( مت 7: 13-14 ) وباب الدخول إلى ذلك العالم ضَيّق لا نستطيع بجهودنا وأعمالنا أن نصل إلا بالمسيح الذي يضمن لنا الوصول بسلام، وهو الذي أكد لنا بآيات أخرى حقيقة خلاصنا لنكون حيث يكون كنزنا.
فإذا كان هو طريق خلاصنا، وهو نور العالم وطريق الحياة، فدورنا هو أن نؤمن بكلامه ووعوده ونعيش بحسب وصاياه ونقترب منه كل يوم بالصلاة وتطبيق الوصايا لنعيش بسلام ونضمن المستقبل بدون قلق أو خوف، بل بإيمان مجرد من الشك، وكل أعمالنا وتصرفاتنا يجب أن تكون مستندة على قاعدة عضويتنا في كنيسة المسيح المقدسة لكي لا نعمل بحسب أهوائنا، فوصايا الكنيسة نابعة من تعليم المسيح الحي، لهذا قال الرسول:
كَمَا قَبِلْتُمُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ الرَّبَّ اسْلُكُوا فِيهِ، مُتَأَصِّلِينَ وَمَبْنِيِّينَ فِيه. " كو 1:6-7".
هكذا نشترك في الطبيعة الإلهية، وفي حياة الفضيلة و البر، والجود الإلهي. لهذا حثنا الرسول بطرس لكي نسلك هذا الطريق، فقال:
فإن قدرته الإلهية أوَلَتنا كُلّ ما يؤول إلى الحياة والتقوى. ذلك بأنها جعلتنا نعرف الذي دعانا بمجدهِ وفضلهِ فمنحنا بهما أثمن المواعد وأعظمها، لتصيروا شركاء الطبيعة الإلهية في إبتعادكم عما في الدنيا من فساد الشهوة." 2بط 1: 3-5". لهذا ينبغي أن نرفض الشهوات الفاسدة في حياتنا ونهرب منها لنقترب من القداسة. وهذا يحتاج إلى جهد للأرتقاء والنمو الروحي على حساب المنافع المادية الزمنية التي يسعى ورائها أبناء هذا العالم ، وهذا العمل يحتاج إلى التحلي بالصبر ومخافة الله ، ومحبة القريب والبعيد.
كما علينا أيضاً الثبوت في إيمانٍ راسخ وقويم مسلطين أنظارنا في وعلى الطريق الذي رسمه لنا السيّد بدمه حاملين صليبنا لنقتدي طريقه الذي دعانا إليه للوصول إلى الملكوت. تقول الآية " 1 بط 11:1":
. "أَنَّهُ هكَذَا يُقَدَّمُ لَكُمْ بِسِعَةٍ دُخُولٌ إِلَى مَلَكُوتِ رَبِّنَا وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ الأَبَدِيِّ
. فكل من يسلك بحسب هذه الخطوات فلا بد أن يصل إلى بوابة الملكوت فيجدها مفتوحة أمامه ويدخلها بأمان وفرح.
أما سبب وصف الرب لهذا الباب بأنه كَرّب وضيق وصعب علماً بأنه هو الباب وهو الطريق؟
السبب هو لأن كثيرين لا يؤمنون بأن المسيح المُهان والمجروح والمصلوب عارياً على خشبة الصليب، والذي كان مرفوضاً من قادة شعبه وأمته، ومن السلطة الحاكمة التي سلمته للصلب بأن يكون هو حقاً إبن الله المتجسد الذي جاء من أجل يتحمل خطايانا وأوجاعنا وآلامنا ويدفع عنا الفدية بموته على خشبة الصليب، وبأن يكون هو الطريق إلى الحياة الأبدية.
إخيراً نقول: يسوع هو الطريق والحق والحياة، لكن الطريق الذي سلكه كل من يؤمن به فأنه سيمرعبر أراضي متعرجة وصعبة ومتعبة في هذا العالم، فعلى سالك ذلك الطريق أن يتحمل ثقل صليب هذا العالم المقاوم لإرادة الله ويشارك المسيح في آلامه ليتذكر محبة إبن الله له، كما يجب أن لا ينسى سالك هذا الطريق بأنه عضواً في جسد الرب فعليه أن يتحمل حصته من الآلام ليستلم حصته أيضاً من المجد والقوة والفرح الدائم. ولربنا المجد والتسبيح.
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"