معلولا في عيد الصليب العام الماضي | مصدر الصورة: آسي مينا
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: سهيل لاوند
معلولا, الجمعة 12 أيلول سبتمبر، 2025
ليست معلولا السورية مجرد بلدة صخرية جرداء، بل هي مشهد فنّي ساحر ترسمه بيوتها على صدر جبال متشبّثة بالمنحدرات كأنّها تخشى السقوط في حضن الزمن الحاضر. لكن هل هذه اللوحة الناطقة بآرامية السيد المسيح ستضاء بصلبانها ومشاعلها كالعادة في عيد الصليب؟
أوضح الأب فادي بركيل، رئيس دير مار سركيس وباخوس للروم الملكيين الكاثوليك، عبر «آسي مينا»، أنّ تقليد عشية عيد الصليب في معلولا (13 أيلول/سبتمبر)، يبدأ باحتشاد الأهالي والحجاج في كنيستَي القديس جاورجيوس للروم الكاثوليك ومار إلياس للروم الأرثوذكس للصلاة، قبل أن يلتقي الجميع في ساحة البلدة لينطلقوا في مسيرة شعبية (يحمل فيها بعضهم زجاجات مشروب العرق والعصي) نحو الجبال لإشعال النار. ثم تُرمى الشُّعَل من القمم لتتدحرج على المنحدرات، في مشهد يضيء الجبال ويأسر الأبصار.
وأضاف بركيل: «هذا الطقس يعود إلى تقليد قديم يروي أنّ القديسة هيلانة عندما عثرت على عود الصليب طلبت مع ابنها الإمبراطور قسطنطين أن تُشعَل النار وتُنقَل من جبل إلى جبل لإعلام الناس بهذا الاكتشاف. وتُجسَّد هذه القصة في الأهازيج التي يردّدها الناس ومنها: "هيلانة قولي للناس معلولا هي الأساس، ومهما نلفّ ومهما ندور معلولا عيدك مقياس"؛ "لهيلانة قولولها النار بعهدة معلولا، علم ابنك عالشحار وعالصخرة وتشغيل النار، فادينا بـ3 أيام كسر رأس الموت وقام"».
وأكد أنّ شباب البلدة قرروا هذا العام إلغاء المسيرات والأهازيج ورمي الشُّعل تجنبًا لأي سوء فهم من غير المسيحيين قد يؤدي إلى توترات؛ إلى جانب إلغاء الحفلات الغنائية تضامنًا مع شهداء كنيسة مار إلياس في دمشق.
وتابع: «سنحافظ على إشعال النار على الجبال ونصب الصلبان الأربعة الضخمة. واقترحتُ أن نقيم مسيرة صلاة عشية العيد، يشارك فيها الأطفال حاملين الصلبان مع الترانيم، وسيحضرها البطريرك يوسف العبسي، في أول رحلة لبطريرك إلى معلولا منذ التغيير السياسي في البلاد».
وختم بركيل أنّ كل عائلة مسيحية ستُنير صليبًا وتضعه على شرفة منزلها، ليبقى مضاءً قرابة 25 يومًا؛ فـ«عيد الصليب» هو باكورة مواسم الفرح في معلولا، إذ يتبعه عيد القديسة تقلا في 24 سبتمبر/أيلول، ثمّ يُختتم في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعيد القديسَين سرجيوس (سركيس) وباخوس.
معلولا في عيد الصليب العام الماضي. مصدر الصورة: آسي مينا