شخص يحمل علم الولايات المتحدة خلال وقفة احتجاجية في منتزه مركز مدينة أوريم، يوتا، الولايات المتحدة. 11 سبتمبر 2025 - Reuters
عشتارتيفي كوم- الشرق/
أشعل اغتيال الناشط اليميني تشارلي كيرك عاصفة سياسية في الولايات المتحدة، إذ وجّهت شخصيات وقوى يمينية أصابع الاتهام مباشرة إلى الحزب الديمقراطي، وألقت اللوم على خطابه المناهض لترمب ولليمين، والذي اعتبرته "تحريضي" في الحادث، فيما سارع بعضهم إلى المطالبة بحظر الحزب الديمقراطي وتصنيفه كـ"منظمة إرهابية".
وحتى قبل القبض على المشتبه به، ونشر أي معلومات عن دوافعه أو ميوله السياسية، انتشرت بسرعة خطابات تحريضية من كبار المعلقين السياسيين على الإنترنت، حيث حمّلوا ما قالوا إنه "العنف اليساري" مسؤولية اغتيال كيرك.
وأعلنت السلطات لاحقاً أن المشتبه به هو تايلر روبنسون وعمره 22 عاماً، وليس له أي توجه سياسي معروف، كما أنه لا ينتمي إلى أي حزب ولم يصوت في الانتخابات الماضية أو التي قبلها.
ودعا البعض إلى رد سريع يتمثل في حملة صارمة ضد أعدائهم السياسيين، وذلك، في منشورات صريحة أو مبطنة تستهدف الحزب الديمقراطي، أو ما يطلقون عليه "اليسار"، وهو وصف يستعمل في كثير من الأحيان للإشارة إلى الحزب الديمقراطي، أو جناحه التقدمي.
وتحوّل ما كان يفترض أن يكون لحظة صمت من أجل كيرك على أرضية مجلس النواب مساء الأربعاء، سريعاً إلى مشهد يكشف الانقسام السياسي الحاد الذي تصاعد بعد وفاة الناشط البالغ من العمر 31 عاماً.
فمع تجاوز لحظة الصمت الثلاثين ثانية، طالبت النائبة الجمهورية من كولورادو لورين بويبرت بقراءة صلاة مسموعة من أجل كيرك، الذي كان في ذلك الوقت لا يزال في حالة حرجة، قائلة: "أعتقد أن الصلوات الصامتة تعطي نتائج صامتة".
وقوبل طلبها بصيحات استهجان من بعض الديمقراطيين الذين أشاروا إلى أن حادث إطلاق النار في مدرسة بكولورادو في اليوم نفسه لم يحظَ بمثل هذا التكريم.
ومن على الطرف الآخر من القاعة، صاحت النائبة الجمهورية من فلوريدا آنا بولينا لونا قائلة: "أنتم السبب في هذا"، ليرد أحد الديمقراطيين قائلاً: "أقرّوا بعض قوانين تنظيم السلاح!".
وقالت النائبة الديمقراطية من نيويورك ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز للصحافيين خارج مبنى الكابيتول: "عندما يحاول السياسي أن يحمّل الكلمات مسؤولية فعلٍ ما، فعليه أن ينظر إلى أفعاله وسجله أولاً. اغتيال تشارلي كيرك ينذر بانفجار للفوضى والعنف السياسي لا يمكن أن نتحمله في أميركا".
وأدان المشرعون من كلا الحزبين اغتيال كيرك والعنف السياسي بشكل عام، لكن في حين شدد كثير من الديمقراطيين على غياب قوانين كافية للسيطرة على السلاح في الولايات المتحدة، ألقى العديد من شخصيات اليمين، بمن فيهم الرئيس دونالد ترمب، باللوم على "اليسار".
وفي خطاب له بشأن اغتيال كيرك، قال ترمب إن "خطاب اليسار المتطرف، الذي يقارن أميركيين رائعين مثل تشارلي بالنازيين وأسوأ القتلة والمجرمين في التاريخ، مسؤول بشكل مباشر عن الإرهاب الذي نشهده في بلدنا اليوم".
ولم يكتف ترمب بتحميل "اليسار" مسؤولية اغتيال كيرك، بل ألقى عليه اللوم أيضاً في محاولة اغتياله في يوليو 2024، واغتيال مدير تنفيذي في قطاع الرعاية الصحية في نيويورك في ديسمبر، وكذلك حادث إطلاق النار عام 2017 خلال تدريب فريق الكونجرس للبيسبول الذي أصيب فيه زعيم الأغلبية الجمهورية ستيف سكاليز.
وقال ترمب: "العنف السياسي لليسار المتطرف أضر بالكثير من الأبرياء وسلب الكثير من الأرواح".
وأعلن الرئيس الأميركي أن "إدارتي ستلاحق كل من ساهم في هذه الجريمة وغيرها من أعمال العنف السياسي، بما في ذلك المنظمات التي تمولها وتدعمها".
"حزب القتل"
ويبدو أن هذا شعور واسع الانتشار في صفوف اليمين، حيث ردّد العديد من الشخصيات المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي نفس الرسائل الغاضبة تجاه اليسار بعد وفاة كيرك، ودعا بعضهم إلى ردّ صارم، بل شبّه البعض اللحظة الراهنة بـ"الحرب".
ونشرت كايتي ميلر، زوجة كبير موظفي البيت الأبيض ستيفن ميلر، على "إكس": "من الممتع حقاً رؤية كل هؤلاء الليبراليين يدينون العنف السياسي الآن. لقد وصفتمونا بأننا هتلر. ووصفتمونا بالنازيين والعنصريين. لديكم دماء على أيديكم".
وقال إيلون ماسك، الملياردير ورجل الأعمال، الذي تبنّى مراراً آراء يمينية، على "إكس": "اليسار هو حزب القتل".
شارك ماسك تعليقه إلى جانب منشور من الناشط السياسي شون ماجواير، الذي قال: "اليسار وبّخنا طوال العقد الماضي عن مخاطر العنف من اليمين … الخطر كان في الحقيقة على اليسار".
وغردت الناشطة اليمينية المتطرفة المقربة من ترمب لورا لومر: "اليسار إرهابيون". وأضافت أن اغتيال كيرك لا ينذر إلا بـ"اغتيالات أكثر استهدافاً. قد تكون أنت التالي".
وقالت في منشور آخر: "علينا إسكات هؤلاء اليساريين المجانين. مرة واحدة وإلى الأبد. اليسار تهديد للأمن القومي".
وانتقد المذيع البريطاني المحافظ بيرس مورجان ما زعم أنها تغطية "مخزية" لاغتيال كيرك، وقال إنها "تؤكد كل ما كنت أظنه دائماً عن اليسار المستيقظ، إنهم مقززون".
وركز شون ديفيس، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس للموقع الإعلامي اليميني The Federalist، اللوم على الحزب الديمقراطي، الذي وصفه بأنه "منظمة إرهابية داخلية لن يتردد المتطرفون فيها بقتل خصومهم السياسيين".
وكتب المستشار السياسي المحافظ جوي مانارينُو: "يجب تصنيف الحزب الديمقراطي كمنظمة إرهابية داخلية ومعاملة أعضائه وقادته على هذا الأساس". وأضاف: "لقد انتهى الأمر".
بدوره قال الممثل الشهير المؤيد لترمب جيمس وودز إن اليسار "قتل" كيرك. وأضاف: "اليسار يقول إنه يريد محادثات وطنية. تشارلي كيرك فعل ذلك فعلاً. في عرين الأسد، لا أقل، في أماكن تميل لليسار، على أمل أن تسود الحقائق والمنطق. فقتلوه لذلك".
وكان وودز كتب أيضاً: "ليس عنف أسلحة. إنه عنف ديمقراطي".
"هذه حرب"
وشَبَّهَ عدد من المعلقين والسياسيين اليمنيين اغتيال كيرك بـ"إعلان حرب".
وقال النائب الجمهوري من ويسكونسن ديريك فان أوردن: "اليسار وسياساته يقودان أميركا إلى حرب أهلية. وهم يريدونها. تماماً كما أراد الحزب الديمقراطي حربنا الأهلية الأولى. القفازات أُزيلت".
وأضاف في منشور على "إكس": "فليقَع غضب الانتقام العظيم على القمصان البنية (Brown Shirts) المسؤولة عن هذا".
وقال في منشور ثالث إن "الحزب الديمقراطي يغذّي، قرن الحادي والعشرين من الحرب الأهلية. أود أن أشجعه، إذا نظرتوا إلى نتائج الحرب السابقة التي بدأوها".
وقال المذيع اليميني المتطرف والمعروف بترويجه لنظريات المؤامراة أليكس جونز، في بث مباشر على قناة InfoWars: "هذه حرب، هذه حرب، هذه حرب".
وأضاف جونز: "اليسار قادم بعنفه. سيأتون بمزيد من الهجمات. ويمكن أن نتخيل الجحيم لو سمحنا لهم بالفوز ولو استسلمنا لهم. لذلك لسنا خائفين من هجماتهم".
وفي فيديو آخر على "إكس" قال: "أعتقد أن الحل أن يخرج الجميع (إلى الشوارع)"، مع ذلك حَذَّر بضرورة "الخروج سلمياً إلى الشوارع. علينا جميعاً أن نكون تشارلي كيرك الآن".
كما نشرت تشايّا رايتشيك، التي تدير الحساب المؤيد لترمب والرافض لليسار "Libs of TikTok"، عبارة "هذه حرب".
فيما غرّد المعلق المحافظ من ماليزيا إيان مايلز تشيونج: "تشارلي كيرك لم يكن الضحية الأولى في هذه الحرب. هو الثاني. الأولى كانت إيرينا زاروتسكا" في إشارة إلى امرأة أوكرانية لقيت حتفها بطعنة في نورث كارولاينا في 22 أغسطس والتي أصبحت رمزاً لخطاب معادٍ للجريمة انتشر من اليمين.
كما نشر المؤثر اليميني أندرو تيت، المحتفى به ذاته بوصفه "كاره للنساء"، على "إكس": "حرب أهلية".
وغرّد مؤثر محافظ آخر برايان إيستوود: "أنا مستعد للحرب الأهلية. تريد معركة ستحصل عليها."
وقال المعلق السياسي المحافظ ديفيد فريمان، المعروف بحسابه Gunther Eagleman، إنهم "هم من أعلنوا الحرب".
كما قال مقدم برامج فوكس نيوز جيسي ووترز على الهواء: "سواءً أردنا قبول ذلك أم لا، هم في حرب معنا. وماذا سنفعل حيال ذلك؟ كم من العنف السياسي سنتسامح معه؟".
"يجب أن يدفع اليسار الثمن"
في غضون ذلك، دعا بعض المؤثرين اليمنيين إدارة ترمب إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يُنظر إليهم على أنهم "متواطئون، بمن فيهم اليساريين والماركسيين".
وكتب باتريك كيسي، مقدم بودكاست محافظ باسم Restoring Order: "حان الوقت لننزل المطرقة على اليسار".
فيما قال حساب إكس يميني مجهول باسم Oilfield Rando (لديه 220 ألف متابع): "لا أريد إرسال الحرس الوطني إلى مدن ديمقراطية بعد الآن. أريد إرسال القوات الجوية".
بدوره، قال مات فورني، صحافي ومؤثر يميني، إن "اغتيال تشارلي كيرك هو حريق الرايشستاج الأميركي"، في إشارة إلى حريق البرلمان الألماني عام 1933 الذي استخدمه النازيون ذريعة لتعليق الحريات المدنية.
وأضاف: "حان الوقت لقمع كامل لليسار. يجب اعتقال كل سياسي ديمقراطي وحظر الحزب بموجب قانون RICO. الإرهاب العشوائي. هم تسببوا بهذا".
وفي منشور آخر، قال فورني: "يجب أن يدفع اليسار الثمن. حظر الحزب الديمقراطي. إغلاق CNN وMSNBC. محاكمات عسكرية".
كما استدعى المؤثر المحافظ كريستوفر روفو حملة المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي ج. إدجار هوفر على الجماعات اليسارية وحركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي، وحثّ: "لقد حان الوقت، في حدود القانون، لاختراقهم، وتعطيلهم، واعتقالهم، وسجن كل من مسؤول عن هذا الفوضى".
محاولات تهدئة
وسعى بعض المؤثرين اليمينيين إلى تهدئة التوترات. كتب نيك فونتس: "يجب أن يتوقف العنف والكراهية".
وقال جميس ليندساي: "لدينا خياران فقط، وخياران فقط. هما التطهير أو الحضارة. عاش تشارلي كيرك لكي نحيا الحضارة. لعل تشارلي كيرك لم يمت حتى لا ننحدر إلى التطهير والشر".
لكن آخرين اقترحوا أنه مع اغتيال كيرك، بات أي احتمال لجسر هذا الانقسام بين اليمين واليسار سداً منيعاً.
وقال اليميني المتطرف ميلو يانوبولوس: "فلتُذكر أنه جُرّب النقاش أولاً، وها ما حصل".
وغرّد ناشط كندي أبيض قومي يُعرف بحساب "captive dreamer": "لا مزيد من النقاش مع هؤلاء الناس. لا مزيد من الثرثرة"، في إشارة إلى أسلوب كيرك في مناظرة طلاب الجامعات الليبراليين. وأضاف: "يجب سحقهم، إلى الأبد".
بدوره قال أورون ماكنتاير، أحد مقدمي برامج في وسيلة إعلامية يمينية تدعى The Blaze: "لقد ضربوا صوت العقل في حلقه. فالآن حان وقت أن نصبح غير عاقلين".
وأضاف ماكنتاير في منشور آخر: "غداً أريد رؤية قوائم. قادة الإرهاب الداخلي في منظمات مثل أنتيفا (المناهضة للفاشية) وBLM (حياة السود تهم) يُجرفون في منتصف الليل. الأبواب تُكسر، مكتب التحقيقات الفيدرالي يقتحم نوافذهم".
كما نشر ويليام وولف، وهو مسؤول سابق في إدارة ترمب ومدير تنفيذي لمركز القيادة المعمدانية: "اليسار. يجب. أن. يدمر"، وأضاف في منشور آخر: "يجب سحق الديمقراطيين واليسار. الهدف الجمهوري خلال العشر سنوات القادمة لا ينبغي أن يقتصر على الفوز بالانتخابات، بل تدمير الحزب الديمقراطي بالكامل وتَلويث الأرض تحته".