إعادة تكريس كنيسة القدّيسة آنّا في ريف إدلب... حجّ روحيّ يزرع البهجة

في مشهد يفيض بالفرح والحنين، احتشد أمس مئات المؤمنين من مختلف أنحاء سوريا في قرية اليعقوبية-ريف إدلب السورية، للمشاركة في احتفال إعادة تكريس كنيسة مزار القديسة آنّا وتدشينها، تزامنًا مع عيدها السنوي.

ترأس القداس الإلهي المطران ماكار أشكاريان، مطران حلب وتوابعها للأرمن الأرثوذكس. ورفع في عظته الدعاء لأجل السلام في سوريا والعالم، ملتمسًا من الله الحكمة لقادة البلاد ليحكموا بروح العدل والاستقامة، وليسعوا إلى رفاه المواطنين وازدهار الوطن.

وشكر أشكاريان رهبان حراسة الأرض المقدسة على جهودهم في ترميم الكنيسة بعدما أصابتها ويلات الحرب وأضرار الزلزال قبل عامين. وعبّر عن امتنانه للرهبان الفرنسيسكان، طالبًا من الله أن يباركهم ويبارك النائب الرسولي للاتين في سوريا المطران حنا جلوف.

وتخلّلت القداس طقوس رمزية مؤثرة، أبرزها تسليم أشكاريان الأب لؤي بشارات الفرنسيسكاني الصليب المقدس، إلى جانب إزاحة الستارة عن لوحة إعادة التكريس وسط قرع الأجراس وترانيم الجوقة الكنسية. وقدّمت فرقة الكشافة عرضًا موسيقيًّا عزّز أجواء البهجة الروحية. وكانت المراسم قد بدأت أمس الأول برتب تبريك المذبح وأدواته والصليب والأيقونات والجرس.

كنيسة صامدة عبر القرون

شُيِّدت كنيسة القديسة آنّا عام 1320، قبل أن يدمّرها زلزال عنيف عام 1722، فأنشأ أهالي اليعقوبية كنيسة بديلة. إلّا أنّ الكنيسة الأصلية استعادت دورها في القرن التاسع عشر بعد سلسلة من أعمال الترميم التي استمرت في القرن العشرين.

ومع اندلاع الحرب السورية، تعرضت اليعقوبية لسيطرة فصائل مسلحة، بينها تنظيم داعش وجبهة النصرة، ما أدّى إلى نزوح معظم سكانها ومصادرة ممتلكاتهم. وجاءت أول مبادرة قبل ثلاث سنوات بعد سماح أبو محمد الجولاني (قائد هيئة تحرير الشام حينها والرئيس أحمد الشرع اليوم) لمسيحيي البلدة المتبقين بالاحتفال بعيد القديسة آنا والصلاة في كنيستها بعد إغلاق دام نحو أحد عشر عامًا. وبعد التغيير السياسي، استقبلت الكنيسة قبل نحو 7 أشهر أول رحلة حج إليها. كذلك، بدأ مسيحيو البلدة يستعيدون أراضيهم وبيوتهم المصادرة.

يُذكر أنّ عيد القديسة آنّا، الذي يُحتفل به في الأحد الأخير من شهر أغسطس/آب، يمثّل محطة سنوية جامعة لمسيحيي بلدات القنية واليعقوبية والجديدة، ويستقطب حجّاجًا من جميع الطوائف، بخاصّة الأرمن، من مختلف أنحاء سوريا.