( ويكون الإثنان جسداً واحداً . فلا يكونان أثنين بعد ذلك ، بل جسد واحد ) " مت 6:19 "
الزواج في المسيحية وحدة دائمة بين الزوجين غير قابل للإنحلال ، فعلى الأثنين أن يقرروا للدخول في عهد غير قابل للإنفصال لأن ( ما جمعه الله لا يفرقه إنسان ) فالحب المتبادل بينهما يجب أن يتجاوز الأنانية وذلك بالإنفتاح على الجانب الآخر ، والحب عطاء يتجاوز كل ماهو للأنا ليصبح الإثنان واحد ، وهذا العمل يتطلب حب التضحية والتفاني إلى أقصى درجة بذل الذات لكي يبرهنون لبعضهم مصداقية حبهم ، وبذل الذات هو أسمى درجات الحب . تقول الآية ( ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل نفسهُ في سبيل أحبائهِ ) " يو 13:15 " . فالحب بين الزوجين يجب أن يتجاوز كل شىء عدا حب الله ، وهكذا سيؤسس الإثنان عطاءً إنسانياً كاملاً يدوم مدى الحياة . حب الزوجين هو أعظم من حب الوالدين لأولادهما أو بالعكس ، أي حب الزوجين للوالدين ، لهذا قيل ( فإن الرجل يترك أباهُ وأمه ويلتصق بإمرأته ، ويصيران جسداً واحداً ) " تك 24:2 " . وهكذا يتحد الإثنان إتحاداً لا إنفصام فيهِ على نحو ما تتحد أعضاء الجسد ببعضهما فلا يجوز فصل أحدهما عن باقي الجسد .
الله خلق الإنسان على صورته ومثاله ، فعلى مثال الله يجب أن يكون الإنسان ، فالله ثالوث متحد غير قابل للإنفصال ، والذي يجمع هذا الثالوث في كيان واحد هو المحبة . فالله الآب يعرف ذاته في الإبن ، والإبن بالآب ، ويلتقي كلاهما الآخر في الإقنوم الثالث الذي هو الروح القدس . هكذا ينبغي للإنسان الذي خلقه الله ذكراً وأنثى أن يتحدا إتحاداً أبدياً ولا يفارقهما إلا موت الجسد .
إذاً لا طلاق في الزواج المسيحي . بعدما يصل الشابين إلى فهم ما يتطلبه الزواج المسيحي يدخلون في مرحلة الخطوبة ، والكنيسة سترشدهم في دورة المخطوبين ليعلموا كل ما يتعلق بحياة العائلة المسيحية ، هذا قبل الدخول في سر الزواج المقدس ليتحدان على نحو ما إتحد المسيح بعروسته الكنيسة ، ومات من أجلها بسبب حبهِ الصادق لها . كما أن يسوع الكلمة الأزلي لا يمكن أن ينفصل عن الطبيعة البشرية التي إتخذها ، هكذا أيضاً لا مجال للأخذ بإنحلالية الزواج المسيحي . وكذلك ينبغي أن يكون حب العروسين مبنياً على أساس التضحية من أجل الآخر .
لا طلاق في المسيحية ، لأن الطلاق هو إخلال بالعهد ، وهو تحدي لله نفسهُ ، لأنه ( ما جمعه الله لا يفرقهُ إنسان ) والرسول بولس دخل في عمق الموضوع وسرد لنا بوضوح عن هذا السر الكنسي المقدس ، وعن واجبات الزوجين مع بعضهما ( للمزيد راجع أف 5: 2-33 ) .
كذلك لو نعود إلى العهد القديم فنجد أن الطلاق كان مرفوضاً أيضاً ، لهذا رجع يسوع إلى النظام الأصلي في الزواج ، فقال لليهود ( من أجل قساوة قلوبكم سمح موسى بتطليق زوجاتكم ، ولكن الأمر لم يكن هكذا منذ البدء ) " مت 8: 19 " .
أما الآية التي يتحجج بها البعض بأن المسيح أيضاً حلل الطلاق وذلك عندما ترتكب المرأة الفاحشة خطيئة الزنا ، طبعاً والعكس صحيح إذا كان مرتكب تلك الخطيئة الرجل ، فتفسير الآية ( .. . من طلق إمرأته إلا لعلة الزنى وأخذ أخرى فقد زنى ) " مت 9:19 " . هنا لا يقصد أن يطلق إمرأته الزانية ولكن إن زَنَت فعلى الرجل أن لا يساكنها ، كذلك عليهِ أن لا يطلقها لكي يعطيها الحرية لتسير في درب الخطيئة وتكون سبب لسقوط الكثيرين .
يجب على الزوجين المحافظة على طهارة الجسد لأنه مسكن للروح القدس ( طالع 1قور 19:6 ) ، فعلى كل من الزوجين أن يحافظ على طهارته . فموضوع الزنى يبدأ أولاً من النظرة ، والفكرة ، ثم الإشتهاء ، وبعد ذلك يبدا الكلام أو المكاتبات بين الطرفين ، وينتهي بالإتفاق لممارسة الخطيئة . لهذا سبق يسوع فعل هذه الخطوات لكي يقضي عليها الإنسان من أساسها ، فقال ( من نظر إلى إمرأة لكي يشتهيها ، فقد زنى بها في قلبه ) . الطهارة أذاَ مطلوبة لكي يكون الزواج موفقاً . والطهارة مطلوبة من المتزوجين أكثر من العازبين .
هنا السؤال يفرض نفسهُ ليقول :
لماذا اليوم يفسخ الزواج ويسمح بالزواج الثاني علماً بأن الزوجة الأولى أو بالعكس على قيد الحياة ؟
نعم في أيامنا نجد محاكم كنسية تحكم أحياناً ببطلان الزواج ، والعامة من الناس لا يميّزون ذلك عن الطلاق وكأن الكنيسة الكاثوليكية تفعل بغير ما تقول . لكن في الواقع الكنيسة لا تبطل أبداً زواجاً صحيحاً ، ولكن تعلِن بعد دعوى في الدرجة البدائية والإستئنافية أن زواجاً كان باطلاً في الأصل ، ولا يمكن أن يطرأ على الزواج الصحيح أي عارض يبطله ، إنما يمكن فسخ الزواج إذا كان مقرراً غير مكتمل بالضعف الجنسي عند أحد الطرفين دون أن يعلن ضعفهُ للجانب الآخر قبل الزواج ، وهذا يظهر من أول أيام الزواج . وهناك أسباب أخرى تقنع الكنيسة لفسخ الزواج . المحاكم الكنسية اليوم تتساهل أكثر من ذي قبل نظراً لتطور الإجتهاد القانوني الكنسي عندما تتفق محكمتين بدائية وإستئنافية ، كل منها مؤلف من خمس أعضاء . كما هناك نقص في صيغة الزواج يبطل الزواج ، كأن يكون الكاهن الذي بارك الزواج غير ذي ولاية أو تفويض ، أو لا يحضر الزواج شاهدان وغيرها من الأسباب التي تثبت بأن الزواج من أصله كان خاطئاً .
إلى اللقاء في محاضرة أخرى تفيد المخطوبين خاصةً ليفهموا سر الزواج المقدس قبل الدخول في قفص الزواج المقدس .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"