اشهار كتاب سراج وشراع برعاية سيادة قدس المونسينيور د. حنا كلداني/ عمَّان      نشيد جديد لجبل لبنان مستوحى من صلاة لمار أفرام السرياني       قداسة البطريرك مار افرام الثاني والوفد الهنغاري يتفقدون أعمال بناء المدرسة السورية الهنغارية الخاصة في باب شرقي      الكاردينال بارولين… زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا ولبنان رسالة رجاء في زمن مضطرب      البطريرك ساكو يصل اسطنبول للمشاركة في استقبال البابا لاون الرابع عشر      الآرامية - ذاكرة ساميّة حية      الاتحاد السرياني زار نقيب المحامين في بيروت مهنئا      غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يصل إلى مطار اسطنبول الدولي للمشاركة في زيارة قداسة البابا لاون الرابع عشر إلى تركيا      البابا لاون: في نيقية رسالة وحدة للمسيحيين وفي لبنان رسالة سلام      ‎قداسة البطريرك مار افرام الثاني يلتقي معالي الوزير تريستان آزبي ووفد هنغاري      خلل في ساعة الدماغ.. دراسة تكشف سبب معاناتك من الأرق      "تسلا" متهمة بالقتل.. دعوى جديدة تكشف عيبا خطيرا في الأبواب      أليكس نعمان الملاكم الأسترالي من أصول آشورية يحقق لقباً جديداً      البابا لاوُن الرابع عشر يلتقي الرئيس التركي والسلطات وأعضاء السلك الدبلوماسي ويترأس في اسطنبول لقاء صلاة مع الأساقفة والكهنة      مبعوث ترامب يستلم التكليفات الرئاسية الخاصة بملف العراق      السفارة الأميركية ببغداد: مستعدون لدعم جهود حماية البنى التحتية الحيوية      فرنسا تعيد الخدمة العسكرية الطوعية.. وماكرون يلمح إلى "تجنيد إجباري" في حالة الحرب      ترامب: تعليق الهجرة بشكل دائم من جميع دول العالم الثالث      نمو سكان العالم 700%… فلماذا يتراجع في بعض الدول؟      وزير كهرباء كوردستان يحدد شرط عودة التيار خلال 48 ساعة ويتحدى مهاجمي "كورمور": مشروع "روناكي" لن يتوقف
| مشاهدات : 2157 | مشاركات: 0 | 2025-03-13 07:37:57 |

رحلة في أعماق النفس البشرية

كفاح الزهاوي

 

    جلست في شرفة المنزل المطلة على الحديقة، حيث امتلأت رؤيايَ بمشاهد سحرية الأشجار السامقة التي تتلألأ بألوانها الخضراء. كانت الورود العطرة تتفتح على حافات الحديقة وأسفل الشرفة، مما يملأ الهواء بعبق روائحها الزكية. الأرض كانت مفروشة بالحجارة البيضاء الصغيرة، مما أضاف لمسة من الجمال للمشهد.

    وفجأة اجتاحني فيضان من الحزن، اجتاح كل جوارحي وأنا أجول بعيني في الإرجاء، عندما تذكرت تلك القطة السوداء التي كانت رغم صغر سنها تتسلق أشجار الحديقة وتداعب أرجلنا بفروة رأسها قبل بضعة أيام، وتستنجد منا الحب.

    في أحد الأيام توارت عن الأنظار لمدة ثمانية وأربعين ساعة بعيدًا عن المنزل. خرجنا إلى الشارع وبحثنا في الأزقة، وسألنا المارة، وطرقنا أبواب البيوت، وتوغلنا بين الشجيرات الكثيفة ننادي باسمها بصوت يملؤه الأمل والخوف. لسوء الحظ، لم نجدها.

    وفجأة، بعد انقضاء مدة غيابها، ظهرت أمامنا، كأنها شبح من ذكريات الحب والحنين، فبعثت الفرحة في النفوس.

    في أمسية من الأمسيات الصيفية الجميلة بعد حادثة اختفائها بأسبوعين فقط، سمعت من خارج نافذة غرفتي صراخًا حادًا، مصحوبة ببكاء زوجتي. حينها كنت جالسًا في كرسي امام الكومبيوتر، منكبًا على كتابة مقالة حول أسباب العنف لدى بعض الشباب في المجتمع، خرجت مسرعًا إلى باحة الدار، فرأيتها تجلس القرفصاء وتبكي بحرقة وألم شديدين وتشير بيدها نحو الأرض، حيث ترقد القطة في صمت مطبق وتقول بصوت متهدج:

    ــ انظر ماذا حدث؟

   وبسبب الضرب الوحشي والخنق وقلع العيون، أصبحت هذه القطة البريئة، التي لم يبلغ عمرها خمسة أشهر بعد، ضحية لمراهق أحمق. كان جسد القطة ملقى على الأرض، وعينها اليسرى تتدلى من حدقة عينها بخيط رفيع. عرفت على الفور أنها ماتت خنقّا.

    أعادتني هذه الحادثة إلى صور الجماعات الإرهابية التي ارتكبت ولا زالت ترتكب الفظائع، حيث بدأت عملياتها الإجرامية أولاً بذبح القطط كخطوة تمهيدية قبل اللجوء إلى التطبيق الحقيقي لذبح البشر.

    تساءلتُ في صمت:

    ــ ما الذي يدفع الإنسان إلى الغرق في دوامة العنف. أهو نتيجة لتنشئة أسرية قاسية ومضطربة، أم بسبب نقص التأهيل وتلقين تعليمات مغلوطة لا تتوافق مع عقلية الطفل البريئة، أم أن هناك خللًا عقليًا يفقده توازنه ويجعله يتصرف في ارتباك وحيرة مطلقة، لينزلق في هاوية العنف بلا رحمة؟

    إن خلفية الإنسان والظروف المحيطة به تؤثر تأثيرًا عميقًا في تشكيل تطوره الاجتماعي. فالعلاقات الأسرية المتجانسة، التي تتوفر فيها مقومات القيمة الإنسانية مثل الرعاية الصحية والحنان الدافئ، تسهم في اكتساب شعور قوي بالتآلف. وتُعَدُّ هذه العوامل مصدرًا أساسيًا للتواصل والتفاعل الاجتماعي.

   وأخيرًا، حفرتُ حفرة في تلك الحديقة الفسيحة، تكفي لاحتضان جسده النحيل الذي فارقته الحياة. وضعتُه برفقٍ داخلها، ممدّدًا إيّاه بعناية على امتداد الحفرة، وكأنه يرقد في نومٍ عميق بلا قلق أو ألم. بدأتُ بنثر التراب فوقه ببطءٍ وحنان، والتراب يتساقط كأنه يمزج بين حزن الفقد وحنان الوداع. لم ترتكب هذه القطة أيّ ذنب، سوى أنها كانت تبحث عن العطف والدفء الذي طالما افتقدته.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5475 ثانية