قال الرب يسوع ( أنا الطريق والحق والحياة )
القلق والشكوك تدفع المؤمن للشعور بفقدان إيمانه وثقته بمخلصه يسوع الذي مات من أجله ، فشعوره بعدم إمتلاكه لما يربطه مع الفادي رغم كثرة أقوال المُخَلِص التي تؤكد خلاص المؤمنين به ، يصل الإنسان إلى هذا القلق بسبب جهله لأقوال الرب وعهوده ، كذلك اللامبالات أو نسيان لتلك الأقوال الواضحة ، فيعيش على قاعدة مهزوزة تجعله يشعر وكأنه عاد ليقف في نقطة البداية للإنطلاق نحو الهدف ، فيشعر بأنه يحمل حمل ثقيل يجعله لا يستطيع التقدم نحو الكنز ، والمجرب يدفعه إلى هذا الشعور ويجعله يتذكر كل خطاياه دائماً .
نقول مهما كانت درجات شعور الإنسان نحو الخلاص فعليه أن لا يستسلم ليقف جامداً دون حراك ، لأن ذلك يؤدي إلى الإنزلاق والشرود الذي يفقد الأمل في الله الذي ينتظر عودته لكي يستقبله بدون محاسبة كما فعل والد الإبن الشاطر . ينبغي لكل مؤمن مهما كان يائساً وملوثاً بالخطايا ، أن يندم أولاً ، ومن ثم يقرر للعودة إلى يسوع والعمل من أجل اللقاء به والإتحاد به لكي يصبح معه جسداً واحداً ، وهذه المحاولة الناجحة تحتاج إلى محاربة الشكوك ليتجاوز كل ما يخطر في داخله من العقوبات بمحاربة الأفكار التي تتعشعش في عمقه فيشعر بالضعف ، كما عليه أن يعرف بأنه عندما يقرر للعودة فقوة الله ستكمن في ضعفه وتدفعه نحو الأمام . . عليه أن لا يسأل أو يبحث ما في جعبته من ذنوب وديون ، أو المسنقع الذي يقف فيه ، فالتائب ترفعه قوة الله وتنقذه ، وإن كان تائهاً بعيداً عن القطيع فالراعي الصالح سيسمع صوته إذا قرر العودة ، فيترك قيادة القطيع ليذهب إليه ويحمله على كتفه ويعود به ليندمج مع جسد الكنيسة . إذاً المطلوب هو البحث عن الراعي واللقاء به ، لا يجوز أن يتراوح الإنسان في دائرة الشك لمحاسبة النفس على كل ما أرتكبه من خطايا لأن يسوع الذي تجسد بيننا وكأنه مساوي لنا كإنسان خلا الخطيئة فهو لنا أخ ومعلم ومرشد ومخلص ، هو الذي حطم الهيكل الهرمي للمسافة التي كانت تفصل بينه وبين الإنسان الخاطىء . يسوع وهب للبشر نموذجاً جديداً للعلاقة بعد أن نزل من عرشه ليعيش في تضامن تام مع البشر ، وهم معه على هذه الأرض وفي السماء .
لا يستطيع الإنسان أن يكّوِن علاقة مع يسوع إذا كان ضعيفاً مملوءً بالشك ومحاسبة الذات علماً بأن يسوع جاء لكي يحمل نير ضعفنا و ليحررنا من كل القيود والأوهام والضعفات التي يحسسنا بها المجرب لكي لا نتجرأ للتقدم والسَير نحو النور . على المؤمن أن يحارب اليأس أولاً ويتشجع ، ويطلب يسوع لإنقاذه ، وهو سيخلق فيه قلباً نقياً ، وروحاً جديدة ، ويحرره من قيود الخوف . فحينئذ يفكر بقلب جديد مملوء بالثقة والقوة فيشعر بإرتياح وبعزيمة تكشف له السلام الداخلي ، فيشعر بالإرتواء النابع من تلك الثقة بنفسه للبقاء مع الله ولله .
لا يجوز أبداً للمؤمن أن يشعر يوماً بالهزيمة لأن ذلك يؤدي إلى إبتعاده من مركز الإيمان فيسىء إلى ذاته فيحسب الرجوع إلى الوراء خيراً من التقدم للبحث عن يسوع الذي يحبه . وهذا يحدث نتيجة مشاعر الإنسان الفجائية ، فعليه أن يكبت تلك المشاعر ويستوعبها ويحاربها بقوة لكي لا يصبح ضحية . هزيمة الإنسان تأتي بسبب العواطف المحيطة التي تهاجم المؤمن من الخارج بسبب تدخل الغرباء المحيطين به والسيطرة على حياته . لكن رغم ذلك عليه أن يكشف السبب ويحاربه لكي لا تثبط عزيمته وقدرته فلا ينتظر في دائرة الضعف بل أن يكتشف هبات الله المجانية في داخلهِ ويستخدمها لكي يتبع آثار دعوة المسيح له ولجميع المؤمنين وكما فعل إبراهيم ، لهذا قال يسوع ( تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال ، وأنا أريحكم ) " مت 28:11 " .
هناك جزء في الإنسان يتأثر بسرعة في طبع الآخرين وتأثيراتهم . فحالما يتساءل شخص ما عن دوافع ورغبات الآخرين . فعلى الآخر أن لا يثق بكل ما يقال ويتأثر ومن ثم يستسلم لسطوة المحيط ، عليه أن يستشير قلبه وعقله وإيمانه ولا يحسب دائماً بأن الآخر أفضل منه ، فعليه أن يعرف عن ما في داخله ويعود إلى اللقاء مع الذات لكي يكون له أساساً داخلياً قوياً يستطيع من خلاله التعرف بإسلوب متواضع مع ما يأتيه من الخارج ، فعليه أن يثق بالنِعَم التي يضعها الله في داخله ليطمئن ولا يتأثر بقوى الظلام التي تبعدهُ عن المسيح الذي هو النور الذي يسعى الإنسان بأن يدخلهُ في قلبهِ المظلم لكي يضيئهُ ويعتمد عليه لكي يستمد منه القوة لكي يحمل ذلك النور إلى العالم كلهُ . وهكذا يتحد مع المسيح فيصبح وكيلاً له لنقل النور إلى العالم فيرضى منه السيد الذي قال للمخلصين له ( أنتم نور العالم ) .
ولإلهنا المحب المجد والتسبيح .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1"