( ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه ) يو13:15
العداوة والخصام تبدأ من جسد الإنسان . لي مقال عنوانه ( الصوم الكبير صراع بين النفس والجسد ) الصوم جهاد روحي وحرب بين الجسد والروح لأن الجسد يشتهي ما يخالف الروح . كذلك ، الروح يشتهي ما يخالف الجسد ( غل 17:5) . إذاً لا يوجد سلام في داخل الإنسان ، بل صراع داخلي بين قطبين متنافرين ، بين شريعة الجسد وشريعة الروح ، وشريعة الروح هي التي تهب الحياة في يسوع المسيح الذي حررنا من شريعة الناموس والخطيئة والموت الأبدي .
الفلسفة الإفلاطونية قسمت الإنسان إلى قسمين : الجسد والعقل . الجسد أعتبروه القسم الحيواني في الإنسان . أما العقل فقالوا عنه أنه القسم الإنساني في الإنسان .
الجسد يجذب الإنسان نحو الإسفل ، نحو الشهوات الأرضية . أما الروح فهو عمل الروح القدس داخل الإنسان فيشتهي السمائيات ، لهذا يقوم إحدهما الآخر في صراع مستمر سينتهي ساعة إنفصال الروح عن الجسد .
لعين الإنسان حواس تدفعه لإرتكاب خطايا كثيرة كالحسد والحقد والشهوة ، والعين هي سراج الجسد ، تقول الآية ( فإن كانت عينيك شريرة فجسدك كلهُ يكون مظلماً ) " مت 23:6 " . كذلك الآية ( إن كانت عينيك تعثرك فإقلعها وإلقها عنك ) " مت 29:5" .
نبقى جسديين عندما يبقى فينا الحسد وخصام وإنشقاق فنسلك بحسب الجسد .
1-الحسد يشير إلى فساد القلب فلا يستطيع ان يحب ويعمل للمحبة . كذلك الحسد ينزع عن النفس السلام . قاين كان أول من حسد في التاريخ ، والحسد نزع من نفسه السلام .
2-الخصام عندما فقد قايين السلام دخل في مرحلة الخصام الذي حول فكره إلى حب الإنتقام ، ومن ينتقم يدركه إنتقام الرب الذي قال ( لي الإنتقام أنا أجازي) والرب يترقب خطايا البشر وينتقم . وإجرة الخطيئة هي الموت . الله نظر إلى قلب قاين فلم يجد فيه الإيمان فرفض تقدمته . تقول الآية ( بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قاين ) " عب 4:11 " . ( ذبيحة الأشرار مكرهة الرب ) " أم 18:15"
بسبب رفض الله لتقدمة قاين حدث الخصام في قلب قاين فأراد الإنتقام دون أن يعلم بأن الله يرتقب خطايا البشر وينتقم .
يقول أبن سيراخ ( إغفر لقريبك الظلم الذي مارسهُ ، فتمحى خطاياك متى صليت ) وفي الأنجيل ( إغفر لنا خطايانا كما نحن نغفر لمن أخطأ إلينا ) كذلك تقول الآية : ( وإن لم تغفروا للناس زلاتهم ، لا يغفر لكم أبوكم أيضاً زلاتكم ) " مت 15:6 " .
3- الإنشقاق : يشير إلى خطأ يمس السلوك فلا يستطيعوا الداخلين فيه أن يتفقوا معاً ، فينفصلون
في فترة الصوم يرتفع الإنسان عن شهوات الجسد ويعمل ما للروح ، أما الجسد فيريد أن يعمل كل ما هو لصالحه ، لهذا يقول الرسول ( الخير الذي أريده لا أفعله ، والشر الذي لا أريده أياه أفعل ) " رو 19:7" لأن. الشيطان يدفع الصائم إلى شهوات الجسد ليسقطه في تجربته . ( الذين يسلكون بحسب الجسد لا يستطيعون أن يرضوا الله . أما إذا أمتم بالروح أعمال الجسد فستحيون ) " رو8:8 ، 13" .
هناك صراع مقدس للحصول على نعمة أو فضيلة أو موهبة ، فأبينا يعقوب صارع الله من أجل البركة وإنتصر . وبولس جاهد الجهاد الحسن مع قوى الشر وفاز .
العداوة . العداوة تلد من الحسد الذي يتعشعش في فكر الإنسان ويتطور إلى خصام ، فتعلن الكراهية والعداوة والتحدي ومن ثم تبدأ النزاعات لتتطور إلى الإنتقام الذي قد يصل إلى القتل . من الأفكار الشريرة تخرج أعمال شريرة .
أول من زرع العداوة بين الله والبشر هوالشيطان الذي دخل في الحية التي تتميز بحيلتها لكي يخدع بها حواء من أجل كسر الوصية . قال الله منتقماً من فعل الحية ( أضع عداوة بينك وبين المرأة ، وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه ) هكذا وضع الله تلك العداوة بين البشر والمجرب . فصارت الحية رمزاً للشيطان الذي استخدم الحية لزرع النزاع ما بين الله والإنسان ، وبهذا أعطى الله السلطان لتلاميذه لكي يسحقوا الحيات والعقارب .
في العهد الجديد ليس هناك تعليم يدفع المؤمن إلى الإنتقام والخصام والعداوة كما كان في العهد القديم ، قيل ( لا تشفق عينيك ، نفس بنفس ، عين بعين . سن بسن ، يد بيد . رجل برجل ) " تث21:19" . ويسوع قال أما أنا فأقول ( أحبوا أعدائكم ، باركو لاعنيكم ، إحسنوا إلى مبغضيكم ، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم لكي تكونوا أولاد أبيكم الذي في السموات ) .
إذاً ما يطلبه منا الإنجيل هو محبة الجميع والصفح عنهم وخدمتهم .
السلاح الذي أعطاه لنا المسيح لقهر العداوة والخصام والحسد والإنتقام هو المحبة التي بها أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد حتى لا يهلك كل من يؤمن به ، والقاعدة التي يجب أن نستخدمها لكي نقف عليها هي قاعدة الإتضاع . والإتضاع هو عكس الكبرياء الذي بسببه سقط الشيطان .
كما يجب أن يتصف الإنسان بالوداعة لكي لا يتخاصم بل يبتعد عن كل أسباب النزاع والإنتقام . فالودعاء سيرثون الأرض . هكذا سيقتدي المؤمن بالمسيح الذي كان وديعاً ومتواضع القلب . فيقول ( يا يسوع الوديع والمتواضع القلب إجعل قلبنا شبيهاً بقلبك ) .
الخصام . يحدث بين طرفين بسبب المصالح الشخصية أو الكبرياء أو العناد على رأيٍ ما لإعتقاد الإثنان أنهم على صواب ، بالإضافة إلى حالة الكبرياء التي تسيطر عليهما فلا يحصل التنازل أو المغفرة فلم يسامحوا بعضهم بعضاً فيستمر النزاع ليتطور وقد يصل إلى الإنتقام بالقتل .
الإنجيل حرم القتل ، وحرم كل شىء يعادي الإنسان لهذا قيل ( قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ومن قتل يكون مستوجب الحكم . وأما أنا فأقول لكم ، إن كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم . ومن قال لأخيه يا أحمق أستوجب حكم المجلس ( مجلس السنهدرين اليهودي الذي كان أعلى سلطة قضائية ) " مت 5: 2-22" . ( كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس ) " 1 يو 15:3" .
( إن كنت تقرب قربانك إلى المذبح وذكرت هناك أن لأخيك عليك شيئاً ، فدع قربانك هناك عند المذبح ، وأذهب أولاً فصالح أخاك ، ثم عد فقرب قربانك ) " مت 23:5".
شريعة الشيطان هي في زرع الخصام والحروب والمنازعات ، ويوهم البشر بأن تلك الحروب هي جهاد في سبيل الله ، والله برئ من كل من يتخذ القتل والخصام أو زرع العداوة شريعة له . الله مصدر المحبة والسلام أما الشيطان فهو مصدر كل الشرور وعدو المحبة والخير والسلام .
ثمار الروح القدس
1-محبة 2- فرح 3- سلام 4- طول الأناة 5- لطف 6- صلاح 7- إيمان 8- وداعة 9- تعفف .
مواهب الروح القدس هي
1-الحكمة 2- الفهم 3- المشورة 4- القوة 5- العلم 6- التقوى 7- مخافة الله .
كذلك للروح القدس مواهب أخرى ، هي :
1-النبوة 2- الخدمة 3- التعليم 4- التشجيع 5- العطاء 6- القيادة 7- الرحمة ) " رو 12: 6-8" و 1قور 12: 4-11" .
أعمال الجسد هي
الزنى ( يبدأ من نظر العين ، وينتهي بالإلتصاق المحرم بين جسدين) والدعارة ( التجارة بالجنس ) العهارة ( التعري بإظهار الجسد ) وعبادة الأوثان والسحر والعداوات والشقاق والحمية والغيظ والدَّسيسة والخصام والتشيع والحسَد والسكر والقصفُ وما أشبه.
هل يستطيع الإنسان أن يحب أخيه الإنسان كنفسه ؟
الجواب نعم وهي أن يطبق ما لخصه الرب يسوع من الشريعة وهي ( تحب الرب إلهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ، ومن كل قدرتك ، ومن كل فكرك ، وقريبك كنفسك ) " لو 27:10 ". لنأخذ المقطع الأخير ( أحبب قريبك حبك لنفسك ) إنها وصية الله لكل مؤمن . كذلك يجب أن لا نجعل الحرية سبيلاً لإرضاء الجسد ، بل علينا أن نصير بالمحبة عبيداً لبعضنا . ( طالع غل 5: 14-15 ) .
ومن الأمثلة التي أكدت تطبيق هذه الوصية في الكتاب المقدس محبة يوناثان إبن شاول لداود ، تقول الآية :
( أن نفس يوناثان تعلقت بنفس داود وأحبه يوناثان كنفسه ) " 1 صم 1:18" . محبة يوناثان لداود كانت نقية وأبدية لهذا قطع يوناثان عهداً مع وداود لأنه أحبه كنفسه وخلع يوناثان الجبة وأعطاها لداود مع ثيابه ) " 1صم 3:18" . ثم قال لداود ( مهما تقل نفسك أفعله لك ) فقال داود لحبيبه يوناثان ( قد تضايقت عليك يا أخي يوناثان . كنت حلواً لي جداً ، محبتك لي أعجب من محبة النساء ) . ثم عاد يوناثان وإستحلف داود بمحبته له لأنه أحبه محبة نفسه . رغم معادات شاول لداود لم يفكر داود يوماً بالإنتقام منه علماً بأنه كان يستطيع قتله عندما دخل إلى الكهف الذي كان داود ورجاله مختبئين فيه . دخل لقضاء حاجته ، وكان داود ورجاله مختبئين في أغوار الكهف . فصار داود خلفه وقطع طرف جبته سراً ، لكي يعرضه له بعد خروجه من الكهف كدليل لمحبته وإخلاصه . كذلك عندما تسلل داود مع أبيشاي إلى معسكر شاول ليلاً وسرقا رمح الملك وكوز الماء من جنب الملك وكل حاشيته نائمين تاركين شاول بدون حراسة .
ظل داود وفياً ليوناثان وشاول حتى وفاتهما ، فوصف الإثنان بعد قتلهما ، قائلاً :
( شاول ويوناثان المحبوبان والحلوان في حياتهما لم بفترقا حتى في موتهما )
أمسك داود ثيابه ومزقها وكذا جميع الرجال الذين معه ، وندبوا وبكوا وصاموا غلى المساء . ورثا داود بهذه المرثاة شاول ويوناثان إبنه ، وقال أن يتعلم بنو يهوذا ( نشيد القوس ) هوذا مكتوب في ( سفر ياشر ) الظبي يا إسرائيل مقتول على شوامخك . كيف سقط الجبابرة .
أمر داود أحد رجاله الشبان أن يقتل الرجل العماليقي الذي أخبره بموتهما ، وإدعى بأنه هو الذي قتل الملك .
وهل يستطيع الإنسان أن يحب أخيه الإنسان أكثر من نفسه ؟
الجواب نعم وذلك عندما يضحي بنفسه من أجل الآخرين . تقول الآية :
( ليس لأحد حب أعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبائه ) يو13:15
والمثال الأول لهذه المحبة يسوع المسيح الذي مات لأجل خلاص البشر . وشهداء كثيرين قدموا أنفسهم ضحايا لخلاص الكثيرين ولتثبيت كلمة البشارة في العالم .
توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) " رو 16:1 ".