أفدييفكا الأوكرانية / AFP
عشتارتيفي كوم- كوردستان24/
أكدت روسيا السبت "سيطرتها الكاملة" على أفدييفكا في شرق أوكرانيا بعدما أعلنت كييف انسحاب قوّاتها منها، فيما حمّل الرئيس جو بايدن السبت تقاعس المشرّعين الأمريكيّين مسؤوليّة السيطرة الروسيّة على هذه المدينة.
وكان الجيش الأوكراني أعلن ليل الجمعة السبت انسحابه من مدينة أفدييفكا في شرق البلاد "حفاظاً" على حياة أكبر عدد من جنوده، ما يمنح روسيا أكبر انتصار رمزي لها بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته كييف الصيف الماضي.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الوزير سيرغي شويغو أبلغ بوتين السبت في الكرملين السيطرة على هذه المدينة التي كانت "موقعاً دفاعياً قوياً للقوات المسلحة الأوكرانية".
وقال المتحدث باسم الرئاسة دميتري بيسكوف "استمع بوتين في الكرملين إلى تقرير وزير الدفاع سيرغي شويغو عن السيطرة على أفدييفكا. هنأ الرئيس جنودنا ومقاتلينا بهذا الانتصار المهم".
وأوضح شويغو أن القوات الروسية سيطرت على 31,75 كلم مربعاً في أفدييفكا التي دمر القسم الأكبر منها وحيث أقام الجنود الأوكرانيون دفاعات قوية.
وأكد الوزير الروسي أنه رغم إعلان كييف سحب قواتها من المدينة، فإن "بضعة تشكيلات متفرقة" فقط تمكنت من القيام بذلك "تحت نيران متواصلة للقوات الروسية، تاركة أسلحة ومعدات عسكرية".
وأضاف أن القوات الروسية تقوم حالياً "بتطهير نهائي للمدينة" من الجنود الأوكرانيين و"قطع الطريق" أمام وحدات أوكرانية لجأت إلى مصنع في المدينة.
ولفت شويغو أيضاً إلى أن السيطرة على افدييفكا تتيح "إبعاد" المدفعية الأوكرانية من دونيتسك، معقل القوات الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا منذ 2014 والتي كانت تتعرض لقصف متواصل.
واتخذ الجيش الأوكراني هذا القرار بعد أشهر من المعارك والخسائر والدمار والقتال الكثيف ضد القوات الروسية التي تحاول منذ تشرين الأول أكتوبر السيطرة على المدينة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن إن الانسحاب من أفدييفكا "قرار عادل لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح".
وأضاف "لتجنّب أن نكون محاصرين، قررنا الانسحاب على خطوط أخرى. هذا لا يعني أن الناس تراجعوا بضعة كيلومترات وأن روسيا استولت على شيء ما، هي لم تستولِ على شيء".
وأبلغ الرئيس جو بايدن السبت نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه "واثق" من أن الكونغرس سيجدد المساعدات العسكرية لكييف، قائلاً إنه من دون مساعدة الولايات المتحدة فإن كييف قد تخسر مزيداً من الأراضي أمام التقدم الروسي.
وقال بايدن لصحافيين في ديلاوير "تحدثت مع زيلينسكي بعد ظهر اليوم لأخبره بأنني واثق من أننا سنحصل على هذه الأموال". واعتبر أن فشل المشرعين الأمريكيين في الموافقة على تمويل جديد للمساعدات العسكرية لكييف سيكون "سخيفاً" و"غير أخلاقي"، مضيفاً "سأكافح من أجل تزويدهم بالذخيرة التي يحتاجون إليها".
واضطرت أوكرانيا إلى التخلي عن مدينة أفدييفكا مركز "القتال العنيف" في شرق البلاد التي باتت مدمرة إلى حد كبير، في خضم نقص متزايد في الموارد، وتعثر المساعدات العسكرية الأمريكية، في حين عززت روسيا قواتها بمزيد من العناصر والذخيرة للسيطرة على أفدييفكا قبل أيام من الذكرى السنوية الثانية لبدء غزو أوكرانيا في 24 شباط فبراير.
وقال قائد القوات في المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي عبر تلغرام ليل الجمعة السبت "في الحالة التي يتقدم فيها العدو عبر السير فوق جثث جنوده ولديه قذائف أكثر بعشر مرات (...) فإن هذا هو القرار الصحيح الوحيد".
وأكد أن القوات الأوكرانية تجنبت بالتالي تطويقاً قرب هذه المدينة الصناعية المدمرة إلى حد كبير.
ويعد هذا أول قرار مهم يتخذه القائد الأعلى الجديد للجيوش الأوكرانية أولكسندر سيرسكي بعد تعيينه في هذا المنصب في 8 شباط فبراير. وبرر ذلك بالرغبة في "الحفاظ" على حياة جنوده.
"القرار الصحيح"
وكتب سيرسكي على فيسبوك "قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحول إلى الدفاع على خطوط أكثر ملاءمة".
وقبيل إعلان الانسحاب، أعلن الجنرال تارنافسكي أسر "جنود أوكرانيين عدة" بأيدي القوات الروسية "المتفوقة في العداد والعتاد والطيران".
ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، وصف جندي أوكراني منتشر على الجبهة الشرقية طلب عدم كشف هويته، الانسحاب من أفدييفكا بأنه "قرار جيد نظراً إلى نقص الأسلحة وقذائف المدفعية، لأنه إذا لم ننقذ حياة الجنود، فلن يبقى أحد للقتال".
وشاهد صحافيون من وكالة فرانس برس السبت قرب بلدة بروغريس الواقعة على بعد نحو ثلاثين كيلومتراً شمال غرب أفدييفكا، القوات الأوكرانية تقيم خطوط دفاع جديدة بواسطة معدات بناء.
وأشارت مجموعتان منفصلتان من الجنود في المنطقة، تحدثوا شرط عدم كشف هوياتهم، إلى أن رتلاً من المدرعات غادر أفدييفكا فجر السبت.
وشكك المحلل العسكري ميكولا بيليسكوف من المعهد الأوكراني للدراسات الاستراتيجية لوكالة فرانس برس "في أن تكون روسيا بعد هذه الخسائر الفادحة، قادرة على تحويل نجاحاتها المحلية المحدودة إلى خرق كبير".
مدينة لأفدييفكا التي كان عدد سكانها حوالى 34 ألف نسمة قبل الغزو الروسي، لها قيمة رمزية مهمة.
وباتت المدينة مدمرة إلى حد كبير، لكن لا يزال نحو 900 مدني فيها، وفق السلطات المحلية، وتأمل موسكو في أن تؤدي السيطرة عليها إلى جعل القصف الأوكراني لدونيتسك أكثر صعوبة.
وسقطت أفدييفكا فترة وجيزة في العام 2014 في أيدي الانفصاليين المدعومين من موسكو، قبل أن تعود إلى سيطرة كييف.
وقالت كييف إن الجيش الروسي يكثف هجماته رغم خسائره البشرية الجسيمة منذ تشرين الأول أكتوبر، وهو وضع يذكر بمعركة مدينة باخموت التي سيطرت عليها موسكو في أيار مايو 2023 بعد عشرة أشهر من القتال الذي كلفها عشرات آلاف الجنود القتلى والجرحى.
من جهتها، أعلنت السلطات الروسية أنها أحبطت هجمات عدة بطائرات مسيّرة أوكرانية ليل الجمعة السبت. من جهته أعلن سلاح الجو الأوكراني السبت اسقاط ثلاث مقاتلات روسية من طراز سوخوي سو-35 وقاذفتين من طراز سو-34، شرق البلاد.
ويأتي سقوط أفدييفكا في وقت يجري زيلينسكي جولة أوروبية للمطالبة بمزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وحضر الرئيس الأوكراني مؤتمر ميونيخ للأمن ودان السبت قلة الاسلحة البعيدة المدى والذخائر التي يمتلكها جيشه وهو نقص يتيح تقدّم القوات الروسية وفق قوله.
والتقى نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس في حين تمنع المعارضة الجمهورية تحت تأثير دونالد ترامب صرف مساعدة حاسمة بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا.
ووقع زيلينسكي الجمعة اتفاقيتين أمنيتين ثنائيتين في برلين ثم في باريس.