المجلس الشعبي يزور الأستاذ سالم يونو      إعمار كنائس الموصل... دعوة إلى توثيق الارتباط بالجذور      زيارة للحبر الجليل مار تيموثاوس موسى الشماني وكهنة الابرشية لمسؤولين حكوميين وحزبيين في نينوى      رئيس طائفة الادفنتست السبتيين الانجيلية يلتقي رئيس ديوان اوقاف الديانات المسيحية والايزيدية والصابئة المندائية في بغداد      رئيس طائفة الادفنتست السبتيين الانجيلية يلتقي محافظ البصرة      قداسة البطريرك مار اغناطيوس يحتفل بالقداس الإلهي في كنيسة مار جرجس في زحلة      تهنئة من المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري (سورايا) الى قداسة البابا ليون الرابع عشر      مؤتمر عمّان عن مسيحيّي المشرق... دعوة للوحدة والتنوير في مواجهة التطرّف والتمييز      غبطة البطريرك يونان يشارك في جلسات مؤتمر "المسيحيون في المشرق العربي وطموحات الوحدة والتنوير"، ويترأّس إحداها، عمّان - الأردن      نيجيرفان بارزاني مهنئاً البابا الجديد: إقليم كوردستان يظل ملتزماً بالتعايش والوئام بين الأديان      رغم التطور الكبير... الذكاء الاصطناعي لا يفهم «ما بين السطور»      صدمة في المنصات بعد أحداث مؤسفة بالعراق بين أنصار برشلونة وريال مدريد      الأمن والدفاع النيابية: بموجب الدستور العراقي يجب أن تسلم المناطق التي يسيطر عليها PKK للبيشمركة      الأنواء الجوية: أمطار وتصاعد للغبار وتفاوت في درجات الحرارة      قرار قضائي لوقف غسيل الأموال عبر الزواج في العراق      أمل جديد لفاقدي البصر.. دواء جديد قد يساعد العين على ترميم خلاياها      العراق بالمرتبة العاشرة عالمياً والثالث عربياً بأرخص أجور لاستهلاك الكهرباء      أكثر من ثلاثة آلاف مصاب بالثلاسيميا في إقليم كوردستان بارتفاع قدره 38%      تجاوز حصيلة إصابات الحصبة الألف حالة في الولايات المتحدة      كيف تحدد عمرك البيولوجي من صورتك؟.. خوارزمية ثورية تقلب الموازين
| مشاهدات : 829 | مشاركات: 0 | 2023-03-10 08:15:18 |

حكاية جاكا الأعمى

نبيل يونس دمان

 

 

     في ظهيرة يوم صيفي حار، كان جاكا عائداً من الدير السفلي بجوار القوش، عندما وصل متعباً وعلى بعد عشرات الخطوات من بيته، لمحه من فوق السطيحة ( ܓܲܪܝܼܬܼܵܐ گريثا) المدعو عيسى، وُيعرف عن عيسى استثمار المواقف الهزلية وعمل المقالب لا لشيء وانما لقضاء الوقت والاستمتاع، لذلك كانت الناس تحبّه وتتداول مقالبه واحاديثه الشيقة، سيما وانهم عطّالين معظم ايام السنة، ويفترشون قنطرة بيت اودو في وسط تلك المحلة الصغيرة في أعلى البلدة.

     كان جاكا يحمل عصاه ويشق طريقه الى المكان الذي يريده، ومنها ذهابه الى الدير للاستجداء واحيانا يملأ عبّه بالخبز لينتفخ صدره، فيلفت انتباه المحلة الى ما يحمله. صاح عيسى وكأنه يخاطب زوجته ( ܣܘܪܹܐ سرّي) انظري الى طريق الموصل، فقد انفصلت سيارة جيب من الشارع العام الى الطريق الترابي المؤدي الى دير السيدة، وعلى الأغلب هم الرهبان الدومنيكان (ܦܲܬܪܸܝܹܐ الباترية) الذين مقرهم في منطقة الساعة بالموصل، طمع جاكا في الهدايا التي يقدموها له سواء المادية او النقدية، وخوف ان يسبقه أحد غيره من فقراء المنطقة، استدار جاكا بتثاقل ثم غذّى السير عائدا الى الدير في ذلك القيظ من أشهر الصيف.

     وصل الى هناك وسأل عن سيارة الباترية، فأجابه احدهم بانه لم يرها اذ ربما صعدت الى الدير العلوي، فمشى الى وادي الدير ودخله ثم استراح قليلا عند الكهف الاحمر (ܟܵܦܿܵܐ ܣܡܘܿܩܵܐ كافا سموقا) ، ثم نهض وارتقى بصعوبة حتى اماكن الرهبان (ܩܲܠܲܝܼܵܬܼܵܐ قلياثه) ، سألهم: ان كان الباترية قد أتوا الى هنا، كان جوابهم النفي، فإنقهر كثيرأ وهدّت قِواه، ثم توكل على الله عائدا صفر اليدين الى البلدة، وقبل دخوله بيته وامام بيت عيسى اطلق بعض الكلمات النابية، ولكن عيسى لم يخرج اليه ولم يجاوبه ابداً.

     نأتي الى قصة جاكا الذي هو من بيت حنونا، فقد وُهب الطول الفارع، والبنية القوية، والعيون الزرقاء (كأنما تنبض في غوريهما النجوم) ، ففي مطلع شبابه سيق في زمن حاكم القوش الظالم (احمد السقلّي) عنوة الى العسكرة في الجيش العثماني، بقي هناك يحارب لعدة سنوات، ثم حصل له حادث سمل عينيه لسبب نجهله، كانت والدتي وجدتي تقولان بأن احدهم سكب زيت مغلي في عينيه، حلّت محل كرتي العينين حفرتين صغيرتين لا حياة فيها ولا وميض ضوء يدخلهما، ففقد نِعمة البصر، وسار مجروح الفؤاد في طرق ودهاليز بين الجبال والوديان، وهو ينتظر مساعدة عابري السبيل، ومن مكان لآخر ومن قرية لاخرى، حتى وصل بشق النفس الى بلدته.

     صار يستجدي امام الكنيسة او امام الدير، وكانت الناس تتصدق عليه، مسكنه كان في بيت مقابل مسكن مأمور مركز (ܩܘܡܣܝܼܪ قمسير) القوش التلكيفي الشهم شاكر كرمو، في اعوام الخمسينات كان مع زوجته الطيبة جاكلين يعطفون عليه ويساعدوه كثيراً، وكان جاكا ايضاً يقضي الليالي بين بيوت المحلة، فيجلس بينهم يتناول طعامهم كفرد منهم، وهم يسمعون مغامراته وذكرياته في زمن السفر برلك خصوصاً في بلاد الأناضول.

    عقد رجال الكنيسة وعقلاء محلة اودو العزم على زواج جاكا، فأختيرت له فتاة مناسبة له إسمها (كِتّي) تسكن في محلتهم، وربما كانت مهجرة من قرى الشمال، لم تكن كتّي تخلو من عاهات في أيديها وأرجلها، وكانت فقيرة الحال مثل جاكا، فجرت مراسيم زواجهم وسط فرح وانبساط المحلة بأسره، فإنتعشت حياته كثيراً، وسكنت كتي معه في البيت، لتسعد أيامه وتساعده كثيراً، خصوصاً في مسك يده وقيادته الى الأماكن في درابين البلدة والأماكن التي كان يقصدها، فكان الحلّ بزواجهما أمثلاً.

     اتذكر في عقد الخمسينات وانا طفل صغير، كنت اراهم يمرّون امام باب بيتنا، وهم في طريقهم الى الكنيسة او الدير، احيانا كنا مع اقراني  من اطفال محلة اودو، نطلب من الخالة كتّي ان تطوي اصابعها، فتفعل ذلك حتى تلتصق بظاهر كفها، وكأنّ تلك الاصابع من لحم بدون عظام. توفي جاكا اولاً ثم بعد عدة سنوات توفت كتي ايضا اظن قبل الولوج في العقد السادس من القرن الماضي، رحم الله جاكا حنونا وزوجته كتّي واسكنهم فسيح جناته.

[email protected]










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5849 ثانية