كنيسة المشرق الاشورية شاركت في برنامج زيارة قداسة البابا ليون الرابع عشر في تركيا ولبنان      ‏‎قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يفتتح البازار الخيري لجمعية الشبان السريانية      أنستاس ماري الكرمليّ... راهبٌ جَمَع التقوى والعلم      زيارة الكنيسة الشرقية القديمة في الدنمارك الى الأسقفية الدنماركية في أورهوس      المطران مارنيقوديموس داؤد متي شرف يشارك في افتتاح المبنى الجديد للمجمّع القنصلي العام للولايات المتحدة في أربيل      رئيس الديوان يستقبل رئيس طائفة الأدفنتست السبتيين الإنجيلية      هجوم على كنيسة عمانوئيل المعمدانية في حموث (حمص) يثير قلقاً من تجدد التوترات الطائفية      البطريركية الكلدانية تدين الإعتداء على حقل خورمور الغازي في إقليم كوردستان العراق      تحت رعاية المرصد الآشوري .. أمسية مسرحية متميزة لفرقة سوريانا في لينشوبينغ تحت عنوان "أين كنا.. وأين صرنا"      "واشنطن بوست": ​البابا يزور الشرق الأوسط فيما يغادره المسيحيون      زوج للإيجار.. دولة أوروبية تواجه أزمة بسبب نقص الرجال      فضيحة المراهنات تضرب الكرة التركية.. توقيف أسماء كبيرة      لجنة بيتروكّي: لا لمنح السيامة الشماسية للنساء، وإن كان الحكم غير نهائي      433 مليون دولار استثمارات أمريكية في إقليم كوردستان.. و167 شركة تعمل في 12 قطاعاً حيوياً      رواتب القطاع الحكومي في العراق.. كتلة إنفاق تكبر أسرع من قدرة الدولة على تمويلها      ألمانيا.. ارتفاع عدد اللاجئين العائدين طوعاً بنسبة 40 بالمائة      عصير البرتقال يسهم في ضبط ضغط الدم وتخفيف الالتهابات      ترامب يوسع حظر السفر إلى أميركا.. ليشمل أكثر من 30 دولة      نتائج اللجنة التحقيقية بشأن الهجوم على حقل كورمور      العراق يتراجع عن قرار تجميد أموال "إرهابيين" بينهم "حزب الله" والحوثيون
| مشاهدات : 1450 | مشاركات: 0 | 2022-03-01 11:46:21 |

مَمَدْ اسطورة القبور

كفاح الزهاوي

 

      في ضواحي المدينة تقع مقبرة بلا اسم. كان هناك رجلا اسمه مَمَدْ، ينام وسط القبور، في خلاء مكتظ بالنيام. فهو غريب الأطوار، نحيل الجسم، جبهته عريضة، له حاجبان عريضان، منفوشان، يتدلى على العينين. يظهر في وقت العصر في أرجاء المحيطة بالمركز، ويمر أمام السينما، يمشي حافي القدمين في أسمال ممزقة. وعلى رأسه طاقية ملفوف عليها رباط اخضر، ويشد على بطنه حزام عتيق من الجلد. يرتدي دشداشة طويلة وسترة شتوية. وجهه شاحب، وكأنه يعاني من فقر الدم، عظامه بارزة، تتلمسه من صدغيه وحنجرته. فقدت سترته، الداكنة من تراكمات الأوساخ، لونها الحقيقي وبدت أكبر حجما.، لم اره ابدا بدونها، حتى في أعلى درجات الحرارة. كنت في دهشة من امري كيف لا يفقع هذا الرجل. وانا انظر الى مقلتيه، ظلت عيناه محدقتين، وهو ينظر إلى الأمام، دون ان يحرك رموشهما. كأنما اصابه صدمة قوية ولم يفق منها بعد، كنت طفلا في حينها ارتعد من حضوره.

    كان يمشي منحني الظهر، يحرك فقط يده اليمنى، بقوة الى الأمام والخلف، بينما يده اليسرى ثابتة ملاصقة بجسده. عندما يقترب المرء منه، يشعر بثقل الهواء، حيث تفوح منه رائحة نتنة، بسبب الجيفة في جسده. ما ان يجلس للراحة قليلا، سرعان ما يتجمع الذباب حوله بحثا عن الطعام، وكأن صندوق القمامة انفتح غطاءه. انتفضت رائحة كريهة لتصل إلى الذباب. وفجأة بعد برهة من حضوره يختفي عن الأنظار.

     ظلت كلمات ملا سعيد ترن في ذاكرتي: القدر كتب له ان يقضي حياة البؤس وان يطفو على شفا هاوية سحيقة دون ان ينزلق الى العمق ويبقى معلقا في الهواء. فحياته بلا امل، تستطيع القول انه العدم.   

    المرء يرى في حملقته تمرد واضح على بؤس الزمان، انتفاضة ضد اللاعدالة، ومع ذلك كان يعيش في عالم وهمي يصنعه لنفسه، عالم الصمت، عالم مجرد من الاحاسيس والمشاعر. عالم الخلوة والانزواء. وجوده بين الأموات، يمنحه الشعور بالحرية، والسعادة. لا صوت يعلو على صوته.

    سمعت من أخي الكبير بأن مَمَدْ يعتقد ان الذين يسكنون في القبور ويقصد بالساكنين، الأموات، يدخلون في سكون مطبق، ما ان يصل الى موطنه. وأحيانا عندما ينام يرتفع في الظلام انينا عميقا يزعجه أثناء النوم. عند سماعي لهذه القصة، ارتعدت أكثر من ذي قبل.

    كنت أتصور بأن الحياة بدت له شريرة وظالمة حد اللعنة، وكل شيء مناط الى الصدفة. كنت اتساءل كيف لرجل مثل مَمَدْ ان يموت بسهولة. فمثله عاش وسط القمامة كيف للموت جرأة أن يقترب منه او حتى يداهمه ببساطة. في كثير من الأحيان، إذا لم يجد من يقدم له قطعة خبز أو حساء من فضلات الطعام المتبقي في الصحون البلاستيكية، تجده، يغمس رأسه في كانتينات الخاصة بالقمامة ويبحث عن الطعام.

     هبط الليل على القبور، بعد يوم مثقل ومملوء. رقد مَمَدْ في حفرته وسط القبور، مستشعرا الم الحياة تحت ترابه الساخن في تلك الحفرة بحجم جثته. كما يسميها هو موطنه. أسدل أجفانه، أغمض عينيه المثقلتين، ليدخل إلى عالم الأحلام، عالم يجد فيه ضالته، ويعيد قواه قبل ان تشرق شمس الصباح وتحرمه من أحلامه. وتحت جفنيه المغمضتين، ربما مرت بحور من الالام منذ ولادته، وربما شعر انه يسبح في الفضاء عاريا، حرا، في عالم يختلف عن عالمه، الذي فقد فيه ساعاته، وأيامه. لم يعد يسمع ذلك الأنين بعد الآن. سكن قلبه وبقي جاثما في حفرته إلى الأبد. كنت اراه دائما في محيط السينما، لم يعد لمَمَدْ أي حضور يذكر. عندما مررت هناك تذكرت، ان المكان ينقصه انسان مجهول.










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.8527 ثانية